4 هناك شبه إجماع من طرف أقطاب الحركة المسرحية العربية على تراوح المسرح العربي" الشكل والتيمة " وطغيان التجاري والهابط على حساب الجاد والجديد، ما هو تعليقكم؟
سأشارك بورقة نقدية موسومة"المسرح والإعلام بين فلسفة البصيرة والإبصار"في الجزائر كما ذكرت قبل قليل لهذا العام، وتقريبا حاولت فيها الرد على هذه الأصوات التي تلغي وجودنا الثقافي والحضاري،كما جاء في سؤالكم
- "هناك شبه إجماع من طرف أقطاب الحركة المسرحية"
لا اخفي عليك مثل هكذا سؤال يستفزني،من أين أتيتم بهذا الإجماع،وعلى حد علمي ليس لدينا استبيانات حقيقة في عالمنا العربي.أخي الكريم أنا لست من هذا "الإجماع" الذي يعتبر إن المسرح في تراوح.
المسرح وثقافتنا العربية لهما وجودهما، والمشكلة هي أن بعضنا يدعم من يريد تعمق الفعل الانهزامي فينا،إن المتغيرات التي طرأت على مسرحنا هي ذاتها المتغيرات التي حدثت للمسارح الأخرى،غياب سلطة الكلمة،وتهميش دور المؤلف، وبالتالي النص، فهناك الكثير من الأصوات التي تصرخ بموت المؤلف وعلو شان المتلقي.
ان اقتحام الملتيميديا لخشبة المسرح أتاح التعددية في الشكل المسرحي وعدم الوقوف عند المنصة التي قد تجر المبدع إلى الجمود، في تصوري هذه صحة للمسرح العالمي وبالتالي لمسرحنا العربي ان يجدد شكله وسينوغرافيا العرض المسرحي في جميع الأمكنة.
ومن الضرورة ايضا أن تتغير التيمة وفقا لما يفرزه العصر، فما عادت مشكلات العصور الوسطى تفي بالغرض.
لقد أجهزت الحروب على كل المثل الأرستقراطية،وعلى المقدس والوهم الاجتماعي بوجود ألانا العليا للشعوب التي تعتقد بأنها الأهم والأعم، المسرح ملمسه ناعم يشبه ملمس أفعى يتكيف مع أحراش العالم.
أما الجزء الأخير من سؤالك حول هيمنة المسرح الهابط أو كما نسميه في العراق "المسرح التجاري"ذلك المسرح الذي يضع الربح في مقدمة الأشياء، لهذا لا وجود للقيم، والإسفاف وسيلته الأولى، إنها وبحق مشكلة، ولكن لنقف عندها، بهدوء ونطرح على أنفسنا بعض الأسئلة
- لماذا استفحل هذا المسرح في عالمنا العربي
- من يدعمه
- هل له ضرورة للتنفيس عن النفس التي تتلقى يوميا آلاف الخيبات في عالمنا العربي
- ألسّنا بحاجة إلى الضحك بالقدر نفسه إلى تطوير الفكر وتحسين ألبنا الاجتماعية
- لماذا يظهر عن الشعوب التي ترزح تحت النظم المتعسفة ويختفي باختفائها
اعتقد وفق هذه الأسئلة وأسئلة أخرى، سيكون جوابنا عسيرا وليس من السهل الوصول إلى الأسباب في هذه الإجابة السريعة، لأنه يتطلب وقفة نقدية حقة
5 كمشتغل في حقل التأليف والإخراج و النقد لما يربو عن ربع قرن كيف تنظر إلى ظاهرة التجريب في المسرح العربي؟
المسرح تجريبيا يوم ولد عندكم أو عندنا أو عند الإغريق في جميع مظاهره كان تجريبيا،بل التجريب لم يفارق الإنسان ايضا يوم ولد متحسسا محيطه والعوالم التي تشغله،فبحث عن الإجابات مجربا كل السبل.
وإذا استوطنا في ميدان المسرح، نقول: المسرح دون التجريب مسرح ميت، حقا ليس للتجريب مفهوما ثابتا أو اصطلاحا أو معنى مجرد، لأنه حال نعته بشيء يجرب في منطقة أخرى ويخرج من سجن اصطلاحه.
ولكني أراه أي التجريب قرين التحديث والإضافة وهذا يعني الإبداع، التجريب هو الوجه المضادة للسكون والثبات, وهو المحرك والمفعّل للراكد من الأفكار والقيم.
بقي أن نعرج على التجريب في مسرحنا العربي الذي لا يتجزأ عن المشهد الثقافي الحضاري المسرحي العالمي وخاصة في العقود الثلاث الأخيرة يوم اجتازت وسائل الاتصال كل التوقعات، وما يحدث في باريس على سبيل المثال نراه بعد ساعات في الجزائر أو أي بلد آخر، لذا صرنا نجرب منطلقين من مفهومنا الحضاري بالقدر الذي تتيح لنا السلطات من فسحة للتمرد والإتيان بالجديد.
الكثير من النقاد ينفي القدرة التجريبية في مسرحنا العربي، ولكني أدعو الجميع للوقوف بتأني وإستبصار أمام المنجز العربي ومعرفة حجم ذلك الإبداع التجريبي.
6 القاموس النقدي المسرحي عندنا يعاني من الاضطراب ألمفاهيمي، ما مردّ ذلك في رأيكم؟
- السبب بسيط وباختصار، ليس في وطننا العربي معاهد وأكاديميات مختصة بالنقد المسرحي أو النقد عموما،كي نتمكن من معرفة الاصطلاحات والمدارس والاختلافات والمذاهب،ولدينا على عدد الأصابع مجلات تعنى بالنقد وهي جافة ومحصورة لبعض الأسماء، وإخراجها غير مشجع للقارئ وتصدر فصلية أو عددين في العام.
والسبب الآخر، هناك من يكتب ترجمة عن الفرنسية وآخر عن الإنكليزية وآخر يرجعها إلى معجميتها العربية مما يسبب إرباك في ترجمة المصطلح،لهذا من النادر أن تطلع على نقد مسرحي حقيقي، إلا انك في الغالب تجد النقد الانطباعي والنقد الصحفي الخبري.
فكيف يكون لنا نقد وكيف لا نخلط بالمفاهيم والاصطلاحات.