قل وداعاً للضياء - خليل ياسين
نصف الحكاية ان فيك ما نحب ونهوى....
لكن الطقس يحول دون ان نعبر عما نحمله من هم سببه حبك الغشيم...
وانت تتصرف كما لو انك تعيش كالطواويس بين الكروم
تترك لريشك الجميل العنان كي يتمايل مع الريح كميل زنبقة....
نومك كنوم الاطفال الصغار...
يبتسمون للضياء
بنفس الدرجة التي يخافون العتمة...
أنت جد غريب ....
غريب في بعض ما تتصرف...... كأنك كائن فضائي
مرة نراك منفلشاً وضاحك لاتفه الاسباب ، ومرة نراك متجهماً وعابس ... لاتفه الاسباب ايضاً
يا اخي حيّرتنا ولا نعرف في اي قالب نضعك ...
قلت لنا ذات مرة انك ستبكي اكثر من الف ارملة....
ونحن ، لان خيالنا الجانب الاخر من الصورة قلنا انك ستضحك اكثر من الف شامت..
شكلك غريبا ...
قريب من شكل مارسيل خليفة.....
ننتظرك......
وتغيب،،
نحاول ان نتلمّس لك الاعذار ...
مرة نقول : ربما يكون مشغولاً ببخلائه كما الجاحظ
واخرى نقول: ربما يجلس بغرفته الوضيعة لوحده محدقاً في الحائط ويرسم بعيونه خارطة العذاب...
وربما يكون نائماً يخرج اصواتاً كثور مذبوح...
وحين نفتح باب الربما بالسؤال والتاويل عنك فاننا لا ننتهي..
المهم ان النصف الاخر في الحكاية انك مسحوق وشارد...
ولكنك تتصرف كالزعماء....
فمرة نراك تقف امام المرآة تخاطبها قائلاً : النفّري وابن باجة..
ومرة ترى نفسك سلطاناً من سلاطين الف ليلة وليلة....
ومرة تراها فارساً من فرسان اسبارطة ......
وحين يعود اليك عقلك تراها كأبي الصابر ..زوج فاطمة ..بطل رسومات ناجي العلي .
يريد ان يرى العرب امة خالدة ، واحدة ، تتكاتف من اجل قضاياها وقضية فلسطين....
ثم ييأس ويغضب على واقع العرب ويقول لنفسه مالي وهذا الواقع الزفت...
سأحوش الدنيا وابيع نفسي لاطعم الاولاد....
حتى هذه لا تحوزها
جسمك نحيل وشارباك كثّان وعيناك غائرتان ..
ونادراً ما تأكل في اليوم ثلاث وجبات من الطعام ..
ليس لانك تريد ان تخفف من وزنك
ولكنك.. لا تجد ما تأكله..
فاعطنا من خبزنا كفاف يومنا ونجنا من الظالمين ...
صرخت
ولكن الجياع الذين عوّلت عليهم الامل ماتوا قبل ان يرثون الارض..
ماتوا ... ربما جوعاً
وانت يا غلام..
تقف مشدوهاً بتقدم عمرك ...
وكلما تقدمت خطوة الى الامام ....اعادك الزمن خطوتان الى الخلف.
عد الى حيث سيرتك الاولى في الظلمات الثلاث...
وخذ ما تحتاجه من الضياء..
اقصد ما يكفيك كي تعود جنيناً كما تريد...