عودة
زيتوني عبد القادر
كان مطروحا على فراشه بجسمه المديد وبجميع ملابسه..
حتى حذائه نسي ان يخلعه من رجليه الداميتين.
,ام انه لم يتسن له ذلك لكثرة التعب الذي يلقاه طيلة نهاره المرير بما فيه من اعمال شاقة ومرهقة....
.نسي كل ذلك وارتمى فوق سريره المتهالك يسرح بافكاره
هناك بعيدا بين الاهل والاصدقاء تحت سماء قريته الصغيرة الرابضة بين الجبال الشماء,,يجول بين طياتها بفكره التائه في ربواتها وتلالها ووديانها وهواءها الرطب المنعش.
وراحت اشرطة سينمائية تتراقص امام مخيلته فيقلبها على الف وجه ويمعن النظر ويدققه في كل صورة تمر امامه مرتجفة
عن اهله وبلده فيقارن بين تلك الحياة الهادئة الباسمة الحالمة
وبين حالته الان...غريب متشرد..حياة ممزقة..مشحونة بالياس والمرارة..بين اناس لا يعرف لهم وجوه ولا هم من عالمه..اناس لم يخلق ليعيش حياتهم الصاخبة المليئة بالضجيج..
اه ..لقد خسر كل ذلك في لحظة واحدة..لا اب ..لا ام ..لا اخ..كل ذلك ذهب سدى ولم يفكر في حدوثه مطلقا.
.ولم يحس الا بطعم الملوحة يجتاز فمه لان دموعه لم تنس طريقها اليه وهي تنحدر على خديه الذابلتين..احس بقلبه يرتجف بين ضلوعه كجناحي عصفور مقرور..افاق من غفوته واجال النظر فيما حوله يريد ان ينتزع نفسه مما هو فيه من ملرارة وياس ليخرج الى دنيا الناس الواسعة..
ولكنه وجد كل ما حوله يحطم نفسيته .يقيد عزيمته ويكبله باغلال حديدية...فاستسلم للكرى وابتسامة باهتتة تتراقص على شفتيه سرعان ما داهمتها اقدام نوم ثقيل..فراح يغط في سباته عميق مع خيلات قاتمة لا متناهية..
.وعندما اشرقت الشمس معلنة عن ميلاد نهار جديد في تاريخ البشرية كان محمود يحزم حقائبه في طريق العودة الى الوطن والاهل.
امال75