الاسوار -
زيتوني عبد القادر
1
مالت عليه مشعة الوجه :
-مبروك.
دخل صوتها أذنيه كعواء ذئب في ليل سحيق.
-ماذا ؟ ؟
+انا حامل.
ارتبك , احس برجفة باردة ثلج تسري عبر عموده الفقري.
+ اطلب الله ان يكون ولدا .
تشنجت اعصاب سمعه ,رافضة في اسرار الكلمات التي تحاول الزوجة تقديمها في جمل اسرة .
سدد لها نظرة فضيعة من الأسى والعتاب . . .اخذ محفظته, امتطى دراجته وخرج.
* * *
وصل المدرسة متأخرا. . .دخل القسم , جلس الى المكتب ,..تحسس لحيته الهشة , برم شواربه , تأمل الوجوه الطرية أمامه ,أحس بوخز داخلي . . .نهض الى السبورة . . .كتب التاريح . . .
التفت الى العصافير المزقزقة . . .امر بالسكوت . . . عاد الى المكتب . . .ارخى رأسه بين يديه
راح يتعذب. . .
-الاخ الأكبر الذي كان يساعده في خدمة العائلة, سقط فجأة من اعلى سقالة جثة هامدة . . .الإخوة الصغار لا يزالون يحبون في المدرسة الابتدائية. . . دريهمات الاب معطوب الحرب العالمية الثانية لا تكفي لشراء ثلاث علب من حليب هذا الزمن الذي جفت فيه اثداء الامهات. . .العلف غال وهو وحيد في الميدان. . الدخل ضعيف والأمنيات كبيرة ؟ ؟ ؟
اه –الدراسة ؟ ؟. . .الدكتوراه. . .أحلام تموت في المهد.
-ابكي ام احكي ؟ ؟.
* * *
انتشلته زقزقات الصغار من عالم الهول, نهض متمايلا. خط عنوان الدرس. . .امر بفتح الكتب. . اتخذ مكانا في مؤخرة القسم.
غفا. . .ترائى له الاب جالسا في ركن مهجور يعاني سكرات الموت. . .الأم بجانبه تمد ساقين محروقتين تتوسطهما رزم من الحلفاء . .والزوجة المتغضنة الوجه رغم سن العشرين,تحمل كرة مطاط منتفخة بشكل بشع . . .وصراخ البقية الحمراء كما خلق ادم وحواء تتعالى وتتلاطم .
احس بعجيج أطياف قذرة مجهزة بأجنحة ذبابية مضمخة بسخف السخف. . . بروح السخف العجفاء. . . امسك قلبه. . . نهض وبه حاجة الى القيء.
امر تلميذ بالقراءة.
* * *
سرح بخاطره . . .يستعرض تفاصيل حياته في خضم ذكريلته.
-تزوج يا ابني
+ما زلت صغيرا اريد اتمام الدراسة.
-تمض العمر كله في (القراءة) ونحن فقراء . . انتظرنا تخرجك على احر من الجمر. . .
+تزوج . . .انت ولد. . .غيرك يتحصل على السكن وانت تسبح في الاوهام .
* * *
وهرم وكان الذي هو كائن.
-ضحك بهوس مجان
+الدكتوراه . . . السكن . . . المنح العائلية . . . ؟ ؟ ؟
تذكر وجوده, احس بضيق وحصار في التنغس. . . انقذف الى الخارج. . . تعالت الزقزقات في الداخل معلنة عن انتهاء الحصة.. . . .
وهكذا دواليك تمضي الحياة . . . تفنى الاعمار. . .توهن العظام. . . تتلف الاعصاب وهو في دوامة البحث عن سلم لاجتياز الاسوار. .
زيتوني ع القادر