حالات ونتائج
زيتوني عبد القادر
قبل الفجر تجمعوا كما اعتادوا . . . الجالسون اكثر من الواقفين . . . فريق مد رجليه في اعياء . . . واخر تربع . . . والباقون ارخوا ظهورهم الى الجدران ليريحوا ما بقي فيها من سنين الجمروالزمهرير .
دخل الكاتب . . . فتح دواليبه . . . اخرج ملفاته . . . رتب اقلامه . . . تفقد كبريته . . . اشعل سيجارة .
اطل من النافذة . . . نفث دخانه . . . اخرج صدره وصاح كديك رومي:
-واحد واحد من فضلكم .
* * *
ارتفعت جلبة . . . تشابكت الالفاظ والالسن . . . تصارعت الكلمات والجمل . . .
انت الاول . . . هو الثاني . . . هذا الرابع . . . ذاك العاشر . . . امتد الطابور . . تعرج ثم استقام حتى خارج رواق المؤسسة .
-خلاص انتظمنا يا ولدي .
تقدمت فتاة في رعيان الشباب ,صدرها عار , بين يديها مجاور نهديها كتاب برزت حروفه اللاتنية بشكل بارز ومتعمد:
-اسمح لي عمي.
-كل واحد ودوره يا ابنتي.
-اتكلم معه فقط .
تقدمت تبادلت مع الكاتب كلمات . . .ضحكات . . . غـ. . .
-لاتحملين هما انت على بالي .
سلمت له اوراقا ,دلكت ارنبة انفه وانصرفت .\
* * *
في الطابور
هدات اللعنات ,سكنت الهمهمات وارتفعت الحمدلات .
-راها ذهبت
-الله لا يرد ريحها .
-اقفز اعطيه اوراقك .
تقدم رجل, كرة شحم بلا معالم للاطراف ,بجانبه شاب نحيف مثل سلبوح يحمل ملفات صفقاته واخنلاساته.
حي الكاتب . .نط هذا وضحك . . . ساله عن المسؤول . . . دعاه للدخول . . .
اغلقت النافذة . . . تمت العملية . . .
تبادل افراد الطابور نظرات في قلق وتساؤل غامضين .
-كفر الاول بدين الزمن.
بصق الرابع.
جف ريق السابع.
ارشده العاشرالى حنفية المرحاض.
اخرج السادس عشر سيجارة . .نقث دخانها بعنف لغم احتجاج ذي العمامة وملامح الرفاق والذي كون الحلقة السابعة عشر من السلسلة وبتواضع.
* * *
خرجت الفقمة ,اطل الكاتب:
-الى الغد يا اعمامي.
-الله يهديك يا ولدي من الصباح وانا في الطابور.
-انت عربي ام ماذا؟ الا تراني اعمل ؟
كشر عن انياب مسوسة بفعل الدخان و . . . لوح بيديه . . .ترك الكرسي . .اتجه نحو زميلة بجانبه منهمكة في النسيج , همس في اذنها ضحكت . . . ضحك . . . خرج . . .
* * *
صاح اخر الطابور :
-راه يعمل واللا…
-خلانا هذا نرفزه.
ما قلت له والو يا احبابي.
احتج الرابع عشر :
-كل واحد ودوره لماذا تتركونهم يمرون .
صوت من الوسط:
-الله ..,. الله ...
عقارب الساعة تدور.. .مرت دقائق . . .ساعات . . .انتحر الضمير في الزمن الحلقي ودفع الثمن شعب وبالعملة الصعبة :.. الانتظار . . .
اخيرا اطل الكاتب وعلى شفتيه ابتسامة , اعتذر بلطف ورقة:
-الى الغد . . . انتم ترون الوقت . . .
* * *
غاص الطابورفي بركة من الالم الوحشي . . . زحفت ذرات الدوار والامتعاض كجيش النمل الى تلافيف الادمغة . . انفجر احدهم مخاطبا الاخرين اكثر ما يناجي نفسه :
-ايـــــه يا اليام يا ابنة الكلب .
اطبق الصمت . . . مر زمن تلجلج فيه الاسى . .وتبعثرت الافكار . . .
ثم ارتفعت نظرات حارقة تشي بشيء ما . . .
اكـــيد ان المســتقبل سيــفصج عــنــه .
المجاهد الاسبوعي 3/8/1979
زيتوني ع القادر