Fati
المديــــر العــام
اسم الدولة : فرنسا
 |  موضوع: الزحف المصيري- زيتوني عبد القادر  السبت يناير 17, 2009 6:51 pm | |
| الزحف المصيري
زيتوني عبد القادر
لن انسى تلك الرحلة المرعبة ,الممتعة…...الصحراء قاحلة ...الشمس دمعة حارة تسقط عموديةعلى الرؤوس...المسافة طويلة,,, بعض نوافذ الحافلة مغلقة... انفاس المسافرين مختلطة , متقاطعة...
روائح عرق وكد.. ..ادخنة سجائر رخيصة... جو مخنق... لا بد من حل.
* * *
* * *
-لماذا اسدلت الستار واغلقت النافذة!؟
توجهت بالخطاب لصاحب الكاكي القابعة بجانبه حمامة بيضاء.
نظر الي شزرا واوما الي ان امد النظر الى الحارج.
نحيت الستار جانبا:
.سيارة سوداء , فارهة.. تتمدد فيها فقمتان تعلكان الشوينقوم.وتضحكان في شماتة واستهتار.
* * *
تقلصت اجزاء جسدي...تمدد غضبي هائلا ’ بفعل الحرارة وضحكات من خلف اغلاق النوافذ...عبر دوائر حلزونية’ سافرت بعيدا عن الحافلة...رايتهم ياتون
بالاقنعة البراقة والشعارات الزاهية يريقون على عتبات الحفلات الراقصة اتعاب الوطن ويكتمون الزفرات والتطلعات ...
-اه كم هو مرعب يابن امي ان تشم رائحة تفسخ جسدك وانت منتصب القامة تمشي ؟
اه…. . . . . . . . اه . . . . . . . . اه . . . . . . . . .
رتب احدهم على كتفي :
-ما بك ...انت تهذي
زاد ثان:
-هل انت محموم ’عرق على جبينك.
انتصبت واقفا :
-مزقني الحصار الانتظار والاطلال من الشرفات.
ارتفعت اصوات وتشابكت اراء.
-انه غير طبيعي
-اريقوا على جبينه قطرات ماء.
* * *
صحوت.
لم احس بقيمة ما فات...كانت الاشياء كلها تركض الى الخلف كهارب من زحف مصيري... المسافرون نيام... قلة من الاصدقاء تراقب الزمن الهارب...السيارة السوداء الفارهة لا زالت تطارد الحافلة...تحاذيها يمينا ... تحاذيها يسارا...
تتجاوزها... تتقدمها... تتعقبها...تطلق ابواقها... ترتفع ننقات فقمتيها...
وخزات قيظ مسعورة وحرارة سؤال موجعة:
(متى ولماذا هذه المطاردة اللعينة؟)
* * *
دق سمعي صوت احد الاصدقاء ’المفتونة احلامهم بالارتطام ككرات المطاط :
جوعان في القبر بلا غذاء.
عريان في الثلج بلا رداء
صرخت في الشــتاء
اقض يا مطر(1)
هام كل مسافر في شعاب فكره... نظرت بعيدا ... رايت حبيبتي يمامة بيضاء وحيدة
تهيم في البراري , تطاردها نسور كاسرة . . . هتفت.
(اتون اليك... كم سيكون عظيما يوم تشدين على أيدينا... وتوزعين ابتساماتك بسخاء لكل الناس بلا مراء...)
-اه يا احلام اليقضة , كم انت دانية نائية ؟.
* * *
خيم الصمت من جديد.
فرك احد المسافرين عينيه ودعكهما من بقايا غبش ليلي .
-لقد تعبنا ,الما نصل ؟
قلت بهدوء :
-لا والمطاردة لما تتوقف .
صاح الذي كان يغني.
-يا سائق انحرف يميتا , نستريح قليلا .
ضغط السائق على المكبح ولوى المقود يمينا .…... صوت ارتطام بالخلف , افاق الركاب من عفوتهم , هرعوا الى النوافذ يفتحونها .. .. نزلوا...
* * *
نزلت
كانت السيارة الفارهة مهروسة ... ... كانت الفقمتان جثتين نتيئتين بالكريمات والخمر, تسبحان في برك حمراء قانية ... نظر الركاب الى بعضهم البعض…...
فغر السائق فاه :
-لماذا حدث هذا .؟
قال احدهم :
-صدفة مرعبة.
قال اخر:
-قضاء وقدر.
فصل الثالث:
-منطق ان يحدث هذا ...
نظرت الى صاحب الكاكي, وجدته غير مبال , يحتضن يمامته ويكمل مقاطع اغنيته:
واحرق البيادر العقيم بالبروق
وفجـــر العــــروق
واثقل الشـــجــر
يا مطر
مطـــر… مطــــر … مطــــــر…
* * *
ابتسمت له ... رايت حبيبتي يمامة وسط الطريق تهتف لي تعالى... تعالى... تحركت الحافلة ... وتابعنا الزحف رغم القيظ وذرات الرمل المرتفعة من حين لاخر ...
(1)و(2) مقاطع من انشودة السياب: مطر:
| |
|
سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين ..
