- يا لهــــا من مصيبة سقطت على نفسي كالصاعقة ، بعده بيومين فقدت أغلى أم ربتني (جدتي الوحيدة) التي منحتني العطف و الحنان إلى آخر أيامها .. قلت ذلك لحبيبتي علها تشفق على حالي ، لكن للأسف زادت تعنتا .. بقيت أبعث لها كل دقيقتين sms لعل قلبها يلين لي .. إتصلت بي بعده لتخبرني أنه سيأتي الليلة ليراها .. بدلت أسلوبي فبعث لها sms كتبت فيه ( أنت جميلة لا تخافي أمشطي شعرك و ضعي قليلا من الماكياج ) ، قلت لها ذلك لعلها تقول في نفسها كل الذي فعلته له و لازال يقف معي حتى في خطبتي و يرأف قلبها لحالي و ترجع لي لأنني كنت أعرفها أنها صاحبة مواقف رجولية لكن خابت كل ظنوني .. حضر ذلك الخطيب .. رأى حبيبتي من دون خمار و هي متجملة .. جلست و هي صامتة ووجها محمر .. كان يتكلم مع أمها وأولئك الأقارب بتلك اللغة التي يتقنها .. و بعده حاولوا إنطاقها لكنها تظاهرت بالحشمة و لم تتكلم عدى بعض الكلمات مثل : مــــاذا أقول ؟ .
- انتهى ذلك اللقاء على أنه سيصلي صلاة الاستخارة و يرد لهم الخبر اليقين .. عادت مسرعة لتخبرني الخبر السعيد و قد كنت آنذاك في عزاء أمي التي ربتني .. أذكر أن الشيء الذي أزعجني كثيرا هو أنه رأى حبيبتي من دون خمار (حجاب) .. فوالله عندما قالت لي ذلك أحسست و كأنها طعنتني بسكين حاد مزق أحشائي .. مهما وصفت ذلك الألم لن أستطيع لأنه شيء مـــــــــــــر مرارة طعم العلقم .. لا أتمناه يوما ما لأي إنسان على وجه هاته المعمورة مهما كان دينه ، لونه ، جنسه ...
- لم يبقى لي سوى القليل من الأمل على أساس أن هذا الخطيب ربما سيرفض ، فقضيت تلك الليالي أصلي أوقات السحر .. أبكي و أبكي كالطفل الصغير الذي فقد أمه و كي لا يسمع أهلي نحيبي وشهيقي من شدة البكاء كنت أعض على منشفة .. لكن أريد قول حقيقة قبل حضور هذا الخاطب لرؤية حبيبتي توسلت لها و ترجيتها بأن لا تعطي كلمتها فقط ( أي لا تقبل ولا ترفض) بل تأجل كلمتها لحوالي 10 أيام فقط حينها أكون قد فرغت من عزاء أمي الراحلة و أأتي لخطبتها ، فردت علي برد خبيث حيث قالت لي أوكي ستأتي عندما تمر هاته الحكاية على خير .. أظنها كانت تشك في أن هذا الخاطب الأسمر الطويل الجميل الشكل على حد قولها في أن يقبل الزواج بفتاة مثلها – متواضعة الجمال - و منه تضمن قدومي لخطبتها بعد رفضه لها .. يا لهـــا من وقاحة و قذارة تفكير صادرة من أحب مخلوق لقلبي في حقي .
- رد لهم كلمته بالقبول و بأن الفرح قريبا إنشاء الله .. أخبار جعلتني أنهار تماما .. فصرت أكلمها لترفع عني و تطلب مني أن أسامحها و أنساها .. كانت لا تترك لي المجال كي أتكلم معها ، بل وراحت تتهمني بأني عذبتها كثيرا كثيرا و بأنها ضحت من أجلي كثيرا و بأن حبها لي كان صادق .. و نصحتني بأن لا أكرر ما فعلته لها لخطيبتي أم زوجتي في المستقبـــل .
- هددتهـــا بأن أكشف أمرها للجميع .. كانت ترعب من هذا كثيرا خاصة و أن لي عدة أدلة من بينها صورتها الشخصية .. لكنها كانت تعلم علم اليقين أني شخص محترم و لن أغدر ثقتها بي مثلما فعلت هي و غدرت بي .. لا أخفي هول ذلك الألم حينما تفقد أحب الناس لقلبك .. من إخترتها لتكون زوجتك من بين الكثيرات و في ذات الوقت تفقد أمك التي ربتك و سهرت عليك .. للأبد ..
- بيد أن مـــــا أثار سخطي ليس أمر الموت لأن الأعمار بيده سبحانه و تعالى .. بل ما فعلته بي تلك الحبيبة .. فقد جعلني أنزف إلى حد الساعة و أنا أكتب هاته القصة التي مر عليها حوالي أكثر من 08 أشهر .. تنهمر دموعي كلما رأيت صورتها أو تذكرت صوتها ، كلماتها ، ضحكاتها ، صرخاتها .. كل هاته الأشياء ترن في أذني لحـــــد الساعة .
- أمـــا عن الأمر الفظيع فكنت في تلك الأيام أبكي الليل بطوله .. أصلي و أدعوه سبحانه الذي كان شاهدا على وعدها و حبها لـــي ، فلم أجد شيء يشبه وصف ذلك الألم أحسن من وصفه سبحانه وتعالى لألم أم سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام لفراقها له يوم كان رضيعا حينما رمته في اليم والتقطه آل فرعون في قوله تعالى : (( و أصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كانت لتبدي به ، لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المومنيــــن)). صدق الله مولانا العظيم .
***