لكل الكرام المسجلين في منتديات ليل الغربة ، نود اعلامكم بأن تفعيل حسابكم سيكون عبر ايميلاتكم الخاصة لذا يرجى العلم
برفقتكم الورد والجلنار
سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين .. لكل من هُجرْ ، واتخذ من الغربة وطناَ .لكل من هاجر من اجل لقمة العيش ، واتخذ من الغربة وطناً لكم جميعا بعيدا عن الطائفية والعرقية وغربة الاوطان نكتب بكل اللغات للأهل والاحبة والاصدقاء نسأل ، نستفسر عن اسماء او عناوين نفتقد لها نهدي ،نفضفض ، نقول شعرا او خاطرة او كلمة اهديكم ورودي وعطر النرجس ، يعطر صباحاتكم ومساءاتكم ، ويُسكن الراح قلوبكم .
لا شك أن الوتيرة المتسارعة التي تصدر بها مجاميع القصة القصيرة جدا، تشي بأن هذا الجنس الأدبي الوليد قد وطن لنفسه مكانة خاصة في قلوب المبدعين المغاربة، و وجد له في التربة المغربية حضنا دافئا يحتويه .. و لعل ذلك ما سيساهم في تحقيق التراكم المرغوب ، الذي سيمكن النقاد – لا محالة- من أن يتلمسوا اتجاهات الكتابة في القصة القصيرة جدا و تحديدها ، رغم أنه يبدو أنها في تناسل مستمر.، مما يجعلها عصية على الحصر. و يعد القاص اسماعيل البويحياوي أحد القصاصين الذين اختاروا أن تكون القصة القصيرة جدا الوسيط الذي يقدمهم للوسط الأدبي ، بعد أن رصدوا لمدة طويلة المشهد القصصي المغربي من خلال متبعاتهم النقدية المشهودة ، التي انصبت بالخصوص على القصة القصيرة جدا. و مما يثير الانتباه في المجموعة القصصية " أشرب وميض الحبر" للقاص اسماعيل البويحياوي ارتكازها على بلاغة الغموض ، و نقصد بذلك أن القاص لم يتعامل مع لغته بنوع من الحياد ، باعتبارها و سيلة توصيل و تواصل ، بل اشتغل عليها بكثير من الحرص ، ليجعل منها أيقونة تستحق التوقف و التأمل و التفكيك و من ثمة الفهم أو التاويل ، لتكون بذلك أقرب إلى لغة الشعر ، التي تنحو نحو الإيحاء و التورية أكثر من لجوئها إلى التوضيح و السفور. و يفرض هذا الانطباع نفسه على المتلقي انطلاقا من العتبة الأولى و الرئيسية للمجموعة و أقصد بها العنوان ، هذا الأخير الذي لعب المجاز دورا حاسما في بنائه ، وذلك من خلال إضافة الحبر إلى الوميض أي الضوء ، ثم من خلا ل شرب هذا الوميض ، فالشكل الذي ارتضاه الكاتب للعنوان غارق في المجاز ، مما يجعل الغموض يتسلل إليه ، فيفرض على القارئ التعامل معه بخلفية قرائية ، تستمد أدواتها من الاشتغال الشعري. كما تتخلل الصور البلاغية كل قصص المجموعة تقريبا ، هذه الصور البلاغية ميسمها المجاز ، الذي يسافر بالمخيلة في عوالم المعنى البعيد و المستعصي أحيانا ، مما يفسر بأنه دعوة من الكاتب للقارئ من أجل المشاركة في بناء المعنى ، ونورد هنا بعض النماذج لهذا النوع من التعاطي مع الجملة ، الذي يتميز بهيمنة البعد الاستعاري. -بصيص اللحظة الحربائي. يتقيأ أوصال تمارينه المترهلة. - فاضت شروخ الروح ، و تقرحت دموع الفردوس.- - - يرشف زبد الغبار.
و لم يقتصر الأمر على توظيف المجاز في القصص ، و الذي يبدو مهيمنا على أكثر نصوص المجموعة ، بل تعداه إلى التركيب ، الذي لم يخضع إلى الصياغة العادية التي تميز لغة القص عموما ، بل انزاح إلى غير المألوف ، ليبتكر لنفسه تركيبا يراهن على فعالية القارئ و مشاركته في بناء المعنى أو اللامعنى.،و قد تميز هذا التركيب بالحذف و الجمع بين المتناقضات ، و كنماذج لذلك نذكر : - أطل شبح المفترس الرحيم بأمره و اقفا على أسلافه المقدسين -تبتلع قدرها عن طيب رعب. -يبيض له قدره المخصي. ثم أخيرا و مع..- و يمكن كذلك الإشارة إلى عدم تحديد هوية الشخوص و الاكتفاء بالإحالة على ضمير الغائب أو الغائبة، مما ضاعف سمة الغموض في كثير من القصص ، و كأن القاص يتغيا من وراء ذلك الإيحاء بأن شخصياته هي الإنسان عموما أينما و وقتما وجد. و أخيرا تؤشر المجموعة القصصية " أشرب وميض البحر" لاسماعيل البويحياوي على خصوبة القصة القصيرة جدا و حيويتها ، و قابليتها المبهرة للتكيف مع شتى أصناف الكتابة و الصياغة ، و هذا –لعمري- مكسب هام لها ، يبعد عنها شبح النمطية و التشابه و التناسخ ، الذي –لاريب- يصيب الجنس الأدبي بالتكلس و من ثم الانحطاط و الانقراض