الجزائر فوق كل اعتبار
من شرفة بيتنا لا ارى سوى ثلاثة ألوان ..لا أسمع سوى نفس الجمل تتكرر ..لا أرى سوى الابتسامات .. لا تحركني سوى هاته المشاعر الحارة التي تجمعنا نحن الملايين بسبب "مباراة " و لا تهزني سوى دعوات الجميع بما فيهم أختي التي لم تتجاوز العشر سنوات بالفوز!
في الجامعة لا حديث سوى عن خطط اللعب و احتمالات الفوز و حسابات التأهل..الكل اصبح لاأراديا محللا رياضيا..
في يوم واحد تزهو الجزائر قبل المباراة و أثنائها و بعدها !
كقناصين للفرح نتعلم نحن الجزائريون كيف نصطاد الضحكة و السعادة و نفجرها كينبوع حار في يوم واحد..يوم مميز ..في اليوم الموالي يعود كل شيء الى حاله..ليوم واحد ننسى ان كثيرين بشهادات و بلا عمل..و كثيرين بلا مأوى و كثيرين بلا ثمن للدواء و اخرين و اخرين ممن يلتحفون الحزن و يفترشون الدموع ..في هذا اليوم ينسى الجزائري همومه و ربما يخدرها لفترة قصيرة متناسيا أن الافاقة من التخدير مؤلمة جدا..
في بلادي فقط يدخل الشباب الى الملعب قبل ساعات طويلة من المباراة و يرتجفون بردا فقط ليروا احد عشر لاعبا سبق و تدفأوا اليوم بطوله في ردهة الفندق ليروهم أمام أعينهم في الملعب !
في بلادي فقط يعانق الجميع بعضهم و يتصالحون بسبب مباراة و يشترون الهدايا و يقيمون الحفلات و الولائم..في بلادي فقط تفتح الصفحات في الفايسبوك للدعوات و للتعليقات ليقولوا مقلدين وزيرا اخطا يوما في جمعه لكلمة فقير:
"يا رب تتوقف المطاطير باش يربحوا الخضاضير و يفرحوا الفقاقير "
في بلادي فقط نتعلم كيف نصنع مظلة الأمل ب "تذكرة مباراة" و كيف من حزننا نصنع الفرح..في بلادي لا نوم الليلة..الوطن كله على موعد مع الاحتفالات لنتيجة تقول 1-0
هدف وحيد أشعل أكثر من خمس و ثلاثين مليون جزائري يقولون اليوم للجزائر حبيبتنا:
نحن لا تعنينا المباريات بقدر ما تعنينا رايتنا التي يحاولون تدنيسها ..اليوم في كل بيت أكثر من علم جزائري و في الشوارع و المقاهي و السيارات و البسة الأطفال ..حتى المحجبات يرتدون مناديل رأس بألوان الراية ..
تحية للأخضر والأحمر و الابيض وحدها هاتها الألوان توحدنا مهما اختلفنا..و اليوم نقول للاخوان و للاعداء"الجزائر فوق كل اعتبار ".