بما أن لك كل هذا الانتشار... كيف تتعاملين مع قرائك؟
إنها معجزة الكتابة، فكيف تكون لك كل هذه الشعبية دون سيف أو سلطة؟ إنها نعمة حقا، وهذا الإحساس الجميل لا يزيدني إلا تواضعا أمام القارئ، فالكاتب تقاس موهبته بتواضعه، فليس من الممكن أن يكون الكاتب مغرورا ومترفعا عن اللذين يكتب لهم، وقد أدهشتني مشاعر الناس في كل الاماكن التي ألتقيهم فيها سواء في الشارع أو في المعارض أو المحاضرات.
فالأسلوب الذي أعتمده في كسب القارئ هو الإغراء خصوصا إذا لم يقتنع بك أو كان يشكك بك ( تضحك ) فأنا أشهر كل أسلحة الدمار الشامل
لكن كيف تفسري غيرة البعض من الكتاب بأنك أخذت أماكنهم...؟
( نقوللك بصراحة ) إني أشعر تجاه هذا الموضوع بعقدة الذنب لأني أخذت الكثير من مساحة الآخرين، وبأني ظلمت كتابا آخرين، فعوضا عن أن يقوم القارئ بجهد البحث عن كتاب جديد أصبح لا يغامر... فهو يتجه نحو الكتاب الذي يعرفه أو سمع به.
وسبق فيما مضى حينما كنت على LBC اللبنانية في برامج صباحية عن الأدب أن بكيت وأنا أعتذر للكتاب أن يسامحوني، وأقول للقراء أتمنى أن تقرؤوا لكتاب آخرين، فهذه الأضواء المتجهة نحوي كثيرة علي، فثمة من أكثر مني موهبة، و ربما هذا ما خلق لي الأعداء والأصدقاء معا، و أدخلني في حروب عديدة، لكني دوما كنت أبحث عن المعارك الشريفة النبيلة المملوءة بالأدب وليس قلة الأدب، وحينما ألجأ إلى الصمت كان يفسر بالضعف لأنهم لا يدركون بأنه القوة ذاتها.
وهناك مقولة للفنان يوسف شاهين بأن المبدع العربي يقضي 20% من وقته في الإبداع و 80 % منه في الدفاع عن هذا الإبداع... إنها مصيبة أن تتفاوض مع الرقيب ومع الموزع ومع المزور لأعمالك.
بمناسبة الحديث عن الرقيب، كيف تتعاملين مع الرقابة؟
( تضحك ) أتفوق على شيطنة الرقباء، فالكاتب الناجح هو سارق محترف يعرف كيف يتعامل مع الرقيب ولا يقع في فخه، أما اللص الصغير فمن السهل أن يقع في الشرك.
وماذا عن أعمالك المزورة؟
للحقيقة أن أعمالي مزورة في أكثر من بلد وهي منسوخة كما تنسخ الأشرطة بقصد الربح، وأنا لا أدافع عن حقوقي في الطبع وإنما عن حقوق القارئ الذي تسرق أمواله، فثمة دار للنشر أتت من الخارج إلى معرض الدوحة للكتاب وتبيع كتابي بمبلغ كبير قياسا مع السعر الحقيقي لكتابي وهذه النسخة مزورة، والخاسر الأكبر هنا هو القارئ، ففي فلسطين يباع كتابي بتسعة دولارات ! أليس هذا حراما؟ فالمواطن الفلسطيني فقير و مهدورة حقوقه. ( تضيف.. عيب أن أقول هذا الكلام ) لكن جزء من دخلي لمساعدة الفلسطينيين، وأجازف بأمني وباسمي مقابل هذا، لأني أقول لا يمكن أن تدافع عن قضية ولا تدفع ثمن موقفك... فكيف أكتب عن القضية الفلسطينية وأكسب مال مقالي الأسبوعي مقابل هذه القضية ولا أدفع مبلغ للفلسطينيين؟ أكون قد استغليتهم.. !
( لكن وللأسف لا أعرف أن كان لديك الشجاعة أن تدون هذا الكلام ) فالبنوك الفلسطينية تسرق الإنسان الفلسطيني، والمطابع الفلسطينية تسرق القارئ الفلسطيني... ! هل يمكن أن أحب هؤلاء الناس أكثر مما يحبهم أبناؤهم...؟
حينما طلبوا منك أن تهدي كتبك الى الصحفيين لماذا رفضت؟
أنا لا أهدي كتابا لأحد... فقط للقراء... فالكتاب الذي يهدى لا يقرأ، وحدث أن طلب مني أن أهدي كتابي لنزار قباني لكني رفضت – وهل هناك أكثر من نزار – وذلك لأني استحيت أن أفرض كتابي على أحد كي يقرأه... فهناك كتب تهدى وتترك في الفنادق، وحدث أن رأيت هذا في أحد المؤتمرات, تصور كم أهينت هذه الكتب؟ فهناك كتاب لا يقرؤون لبعضهم البعض حتى.
أما من يحاول أن يهديك كتابه لتقرأه، فهو يعني بذلك أن يقول خذي كتابي اقرأ يني فأنا أشبهك... اكتشفيني.
إلى أي مدى تشعرين بأنك تمثلين المرأة العربية؟
لعل نجاح الكاتب يكون مرهونا بأن ينسب القارئ الكتاب لنفسه ( سواء امرأة أو رجل ) ، فحينما يحبه سوف يتبناه، وهذا ما يحصل عندما يرى أن الشعر مثلا يشبهه، فهو يقوم بحفظه، وليس غريبا علينا ما حصل مع الشاعر الكبير نزار قباني، فقد كان شعره يشبهنا جميعا إلى حد التطابق، أما عن المرأة العربية فكل شيء مشترك بيننا لأن الأفكار نفسها والمأساة واحدة والوجع واحد.
يقال عنك بأنك كاتبة رغبة وليس شهوة... ما تعليقك على ذلك؟
صحيح تماما... لأني أحب أن أكون مشتعلة بالاشتهاء، جميلة هي مرحلة الرغبة.. الرغبة المكابرة، غير المعلنة، المواربة، الملتبسة، لأن الشهوة لا تقتل فقط شيئا فينا وإنما أيضا النص الأدبي. ولهذا لا يوجد في أعمالي إلا القبلة في كل رواية، فالقبلة تعطي قدرا كبيرا من المتعة لأنها تشعل الحواس الخمس، بينما الفعل الجنسي لا يحتاج ربما لكل هذا...
والأدب العربي لا يعطي القبلة حقها، وأنا أقول لا الحياء ولا الإباحية تصنع أدبا، فالحياء إنكار لمنطق الجسد والإباحية إهانة لإنسانيتنا
تتحدثين دوما عن النضال والموت لأجل القضية، ما هي استعداداتك لذلك؟أنا مستعدة وجاهزة للموت من أجل أي قضية عربية، طبعا ليس الموت كما يحدث في العراق ! فقد راجعت قناعاتي بعد أن كنت مهيأة للموت هناك، لكني اكتشفت غباء الموت مجانا، لكن إذا كان هناك قضية حقيقية وموت يفيد؟ سوف أنسى أني كاتبة، وأكون فقط مواطنة عربية، وأتمنى أن تختبرني الحياة في امتحانات كهذه، فثمة موت تولد فيه ، والكاتب حتى في موته يوقع نفسه إذا كان قدره أن يموت, لكن للأسف لا قدوة لنا، فنحن نحتاج إلى قدوة كي تكون مرجع لنا ككتاب، فأنت تتمنى أن تسمع بكاتب لم يشترى، أو كاتب رفض زيارة بلد ما لسبب ما....
أين أنت وأعمالك من السينما والتلفزيون؟
هناك توقيع بين تلفزيون أبو ظبي والتلفزيون الجزائري، اللذين اشتريا حقوق رواياتي لتكون مسلسل تلفزيوني في رمضان، لكني في البداية كنت أفكر بأن تكون عمل سينمائي، ونور الشريف كان يدافع عن هذه الفكرة كي يصل العمل إلى لجان دولية وكي يكون ممثلا للجزائر دوليا، لكننا انتهينا بأن يكون عمل تلفزيوني وذلك كي تصل الرواية إلى أكبر قدر من المشاهدين في العالم العربي، فهناك الكثير من القراء لم يقرؤوها.
ما هي كلمتك الأخيرة...؟إن هذا الوطن العربي الكبير والجميل يستحق قدرا أجمل ، وعلينا ألا نشارك في مذبحة الأمل العربي، وإنما بنائه.
أجرى الحوار : مؤيد صلاح اسكيف