لكل الكرام المسجلين في منتديات ليل الغربة ، نود اعلامكم بأن تفعيل حسابكم سيكون عبر ايميلاتكم الخاصة لذا يرجى العلم
برفقتكم الورد والجلنار
سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين .. لكل من هُجرْ ، واتخذ من الغربة وطناَ .لكل من هاجر من اجل لقمة العيش ، واتخذ من الغربة وطناً لكم جميعا بعيدا عن الطائفية والعرقية وغربة الاوطان نكتب بكل اللغات للأهل والاحبة والاصدقاء نسأل ، نستفسر عن اسماء او عناوين نفتقد لها نهدي ،نفضفض ، نقول شعرا او خاطرة او كلمة اهديكم ورودي وعطر النرجس ، يعطر صباحاتكم ومساءاتكم ، ويُسكن الراح قلوبكم .
موضوع: رجاء بكرية والبحث عن الذاكرة - ريبين رسول اسماعيل الأحد يونيو 07, 2009 12:55 pm
رجاء بكرية والبحث عن الذاكرة - ريبين رسول اسماعيل
رجاء بكرية كاتبة وفنانة تشكيلية وناقدة مسرحية فلسطينية - إسرائيليّة. إنّها من فلسطيني عام 48 الذين يعيشون داخل اسرائيل، وتعيش في حيفا. فلسطينية مع انها ليست فلسطينية،
واسرائيلية مع انها ليست اسرائيلية، انها تعيش نوعا من الانتقال المجازي بين هويات مختلفة، نوع من ميتافيزيقا الحضور واللاحضور داخل الذاكرة العربية بشكل عام والذاكرة الفلسطينية بشكل خاص، كونها تحمل هوية مزدوجة، هوية الدولة العبرية رسميّا، والهوية الفلسطينية قوميّا، ولكنها فلسطينية بامتياز رغم ان الهوية الفلسطينية اصبحت توزع في الاقطار العربية وحسب السياسة التي تنتهجها تلك الدول، لذلك ظل فلسطينيو الداخل، او مايعرفون بفلسطينيي عام 48 خارج اطار السياسة العربية ويعيشون نوعا من المقاطعة ويعاملون في بعض الدول كأنهم اسرائيليون من الدرجة الثانية، بينما يعامل الاسرائيلي هناك بشكل افضل. كيف يمكن لكاتبة وروائية تعيش داخل هذا الاطار السياسي وإشكاليّاته أن تعبر عن واقع الحياة بكل معانيها، وتعبّر عن تداخلاته الكثيرة اجتماعيّا وسياسيّا وثقافيا؟ فهناك دوما تناقض ما بين سلب الهوية وفقدان الذاكرة التاريخية، وما بين بناء الهوية والبحث عن الذاكرة بشكل منفصل من خلال الابداع وانتاج النص الادبي.
ان الرؤية الروائية لدى رجاء بكرية تنهض على أساس من الوعي السياسي الفلسفي الاجتماعي. وينبع إيقاع الإنتماء عندها لقضيتها من تاريخ امّتها، وخشيتها من فقدان آخر مكان تقف عليه قدميها يجعلها تلتصق بالمكان الفلسطيني كأصلب مرجعيّة لللجغرافيا الفلسطينية في المكان الاسرائيلي. حيث ان الارض سواء كانت حيفا حيث تعيش الكاتبة او يافا وعكا ليست مجرد ارض او مدينة كسائر المدن، فالمكان له حياة كالانسان يحس ويشارك الاخرين أحاسيس العمل على اثارة الارادة. وحوار رجاء بكرية مع شخوصها، مع الزمان والمكان، حوار حار يتقاطع ويتشابك في لغة متوهجة جميلة ومعبرة عن واقع الحياة الانسانية بكل معانيها. ان علاقة رجاء بكرية بالارض الفلسطينية علاقة وثيقة الى درجة التوحد، لا نكاد نعثر على قصّة، أو رواية نتاج قلمها تخلو من حضور الأرض والجغرافيا والمدن الفلسطينية. ونحن إذ نتابع نتاجها نلاحظ أنّ الأرض الفلسطينية تشكل محورا مركزيا لاعمالها، ولهذا تتجسد الارض في صور عديدة وتصبح اكثر من مجرد التربة التي تقف عليها. إنّها القضيّة الإنسانية بكلّ أفراحها ومآسيها، يرتبط بها الانسان بأحاسيس ملتبسة فيها الكثير من الدفء والحنان والعاطفة، شأن الانين والغربة واللّجوء. في احدى مقابلاتها الصحفية، تقول رجاء عن عن هذه الاشكالية السياسية التي يعيشها فلسطينيو الداخل:" بدأنا كارنا الثّقافي مع العالم العربي بماركة سياسيّة مثيرة للقلق، كأنّنا جئناهم من البحر لمجرّد أنّنا تحت الاحتلال وببسبور إسرائيلي مثير للمخيّلة! وبقينا بكار ثقافي مشبوه وبماركة سياسيّة مقلقة نريد أن نأخذ العرب شأن ما يعتقده اليهود عنّا إلى البحر!". رجاء بكرية كاتبة وفنانّة تشكيلة من مواليد الجليل الفلسطيني، حاصلة على اللقب الأول في موضوع اللغة العربية والفن التشكيلي، وحاصلة على اللقب الثاني في موضوع اللغة العربية وآدابها في قسم اللغة العربية بجامعة حيفا، تخصّصت بالنّقد المسرحي الفلسطيني، وهي تحضّر للدكتوراه في موضوع المسرح الفلسطيني. هي أيضا محاضِرة في موضوع مسرح الأطفال والدراما، والتّقاطع المجالي بين الفنّ التشكيلي والأدب. تكتب الى جانب القصة والرواية في النّقد المسرحي والسينمائي. تعيش رجاء بكرية في حيفا منذ 1990 . صدرت لها مجموعة نثرية بعنوان "مزامير لأيلول" في النّاصرة سنة1991، ورواية بعنوان "عواء ذاكرة" في النّاصرة سنة 1995، ومجموعة قصصية بعنوان "الصندوقة" من قبل المؤسّسة العربيّة في بيروت سنة 2003 . ورواية إمرأة الرّسالة، عملها الأخير صدر عن دار الآداب، بيروت عام 2007. نالت العديد من الجوائز الادبية والثقافية، حيث حصلت على جائزة القصة القصيرة النسائية لنساء حوض المتوسط لعام 1997 عن قصّة الصندوقة في مارسيليا بفرنسا. والعديد من الجوائز الهامّة من قبل وزارة الثّقافة الإسرائيليّة الّتي تعتبرها بسبور اعتراف بوجودها كمبدعة فلسطينيّة ما بين 1997_2002، كجائزة فنان مبدع في الفن التشكيلي والكتابة الإبداعيّة. وقد توّجت ذلك الإعتراف بجائزة الإبداع الأدبي لعام 2006 من قبل وزارة الثّقافة الاسرائيلي على صغر سنّها، وهي أهم جائزة تمنح أدبيا للأدب الفلسطيني . تضاف لتلك الإنجازات العديد من المعارض الفنية، محليّة وأوروبية وعالمية. في القدس وتل ابيب وحيفا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وبلجيكا واسبانيا والسويد. وهي مدربة ومرشدة لموضوع الفن التّشكيلي والوعي القرائي لدى جيل الطّفولة المبكّرة وتدير مركزا خاصا بها في الجليل بإسم "مركز السنونو لتطوير المهارات الإبداعيّة" للأطفال، وهي تجرّب أساليب جديدة في تطوير الوعي القرائي من جهة، والإنتماء الرّوحي الفكري لدى الأطفال من خلال اللّوحة الفنيّة العالميّة. تستعمل أدوات حداثيّة لتطوير الذّائقة والمخيّلة عند الأطفال من أجل تذويت مفهوم النّص الفنّي لونيا وأدبيّا في ذاكرة الطّفل. وقد اعلنت في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 عن إطلاق مشروع الكتابة الإبداعية تحت عنوان «ورق النعناع»، والذي يستهدف بصورة مباشرة طلاب المدارس، ويعمل المشروع على تغذية المواهب لدى الطلبة، وتحسس ميولهم الأدبية، من خلال الإطلاع على كتاباتهم ورسوماتهم ونقدها وتوجيه النصائح لهم، ثم نشرها. وبحسب الكاتبة رجاء بكرية المشرفة على المشروع، فإن الهدف منه هو إعادة صياغة العلاقة بين الطالب والقصة حين عزف عن الأدب، ثم الطالب والكلمة. وهي تقول عن هذا المشروع:" نحن نعني أن نعيد الثقة بين الرغبة في القراءة والمتعة أثناء الكتابة، ولذلك فإنّ مشروعنا لا يتوخى الكتابة بالدرجة الأولى بقدر ما يطمح إلى الإثراء أولا وتقديم نصوص مختلفة، مثيرة ومفاجئة لم يألفها الطالب كي يختبر علاقته مع مفهوم الإبداع من زوايا جديدة". ان روايتها الاخيرة امرأة الرّسالة الصادرة عن دار الآداب تلقى رواجا كبيرا في المحيط الثقافي العربي، وقد اعتبرت كإحدى الرّوايات الأكثر مبيعا في باريس، وطلبوها في الدّار البيضاء وسألوا عنها في السّودان، واقترحت ان تترجم إلى الألمانيّة، وسيترجم قريبا الى اللغة الكردية حيث سبق أن ترجمت لها الى الكردية قصة الصندوقة وبعض مقالاتها النقدية. تم حجز الرواية في غرف الرقابة في العاصمة الاردنية اكثر من شهر ونصف الى أن أفرج عنها ووزعت على المكتبات الاردنية، حيث تم تنظيم حفل توقيعها هناك. لكنّ الغريب أنّها تعرّضت لاحتجاز آخر في غرف الرّقابة الخليجيّة، ومنعت من دخول الكويت، وبعض العواصم الخليجيّة. تقول بكرية عن منع روايتها من التوزيع:"لم يفاجئني كثيرا قرار منع الرّواية من دخول الكويت وبعض دول الخليج رغم رغبتي بوصولها إلى جميع العواصم العربية، لكن يقلقني أن تعود أسباب المنع إلى خلفيّات سياسيّة أكثر مما تستند إلى خلفيّات اجتماعيّة وأخلاقيّة وفق المعايير الملتبسة لدى الرّقابة والمراقبين. لقد أعلنت أكثر من مرّة أنّ الهاجس السياسي في "إمرأة الرّسالة" يعنيني بالدرجة الأولى، وقد أردت من خلاله أن أحكي للعالم العربي والأجنبي على حدّ سواء، وربّما الكويت ودول الخليج تحديدا عن هويّتي الملتبسة كفلسطينيّة تعيش في دولة اليهود، والّتي للآن لم يفهموها. وشخصيّات هذا العمل تخرج من قلب المدن الفلسطينيّة الّتي نسيها العالم العربي والأجنبي، وتعرض نماذج حيّة لأشكال القهر السياسي الّذي نتعرّض له كأفراد في مناطق أل 48. أردت أن يعرف العرب قضيّتي من خلال طبيعة شخصيّاتي كبشر يحبّون ويكرهون، يعشَقون ويُعشقون، يقاتلون ويقتلون، ويفتّشون عن رغبات أجسادهم كما يفتّشون عن رغبات تاريخهم. أردت أن ينكتب إسم عكّا وحيفا ويافا في ذاكرة القارئ العربي عبر بوابات جديدة للذاكرة والحدث". ان هذه الرّواية تريد ان تتصدى لفكرة احتلال المكان، واظهار عكّا ويافا وحيفا وصفد وسواها من المدن الفلسطينية الّتي فقدت جغرافيّتها الأولى قبل عام 48 بهويتها الاصلية الفلسطينية وعن ذلك تقول رجاء:" لقد برهنوا للعالم أنّهم أصحاب المكان، كأنّنا ذباب طائر لا وجود ولا لدعسات أجنحته في فضاء هذه المدن". اذن ان الادب الاسرئيلي يتعامل مع واقع الارض الفلسطينية كحقيقة ناجزة ابتدأت حين كتبت كتاريخ مسجّل حين دخول اليهود، فهناك عملية دمج وتشويه للمكان وإلباسه ثوبا آخر بحيث أنّ الجغرافيا أصبحت عاجزة عن استيعاب الذاكرة الفلسطينية، وهي تقول عن ذلك:" عندما تقرأ الاعمال الادبية الاسرائيلية، تعتقد أنّ إسرائيل ليست فلسطين المنكوبة بتاريخها وبشرها. والحقيقة أنّني خفت من فكرة عدم ثبات التربة الّتي أقف عليها. لذلك بدأت منذ جيل صغيرة أبني لمشروع استعمار مخطّط للمكان. أردت أن أخبر العالم أنّ هذه المدن لنا. حيفا تملك وادي النّسناس الّذي للآن يحتفظ بمعالمه التّاريخيّة ويافا تحفظ حواريها، أحياء ذهبت أبحث عنها في المراجع التّاريخيّة وأسجّلها بحرص. وأنّ عكّا القديمة تحتفظ بعمدانها وأسوارها كما كانت تماما قبل النّكبة، حاولت أن أجعل التّفاصيل الصّغيرة مسرحا مفترضا للأحداث". اذن ان رواية امرأة الرسالة تحمل بعدا مكانيا وجغرافيا وتاريخيا، انها مشبعة بالذاكرة الفلسطينية المثقوبة والمنسية، وهي سرد لذاكرة المكان والتاريخ قبل ان يكون حكاية امرأة تبحث عن حبيب ضائع، مرة في حضن امرأة أجنبية، ومرّة خلف اسوار وقضبان السجون الاسرائيلية، ومرة خلف ستار الذاكرة البشرية، حتى ان العاطفة والحب والخيال الموجود في الرواية يمكن النظر اليها من بعد جغرافي ومكاني، والتّعامل معها كأساس لبناء خطاب روائي عن المكان واستلاب المكان، فالشخصيات الرّوائية شخصيات فلسطينية، سواء كانت شخصيات حقيقية كأن تكون جزءا من ذاكرة الحدث وإعادة صياغة السيرة الذاتية، أو شخصيّات وهمية خلقت كي تعيش حياة واقعية حقيقية تتوزّع ما بين حيفا ويافا وعكا ولندن وعمان وربما بغداد وموصل بشكل ما، من خلال حضور شخصية عراقية في الاحداث. كل هذه الشخصيات تعبّر عن نفسها من خلال الاحداث الروائية. الحبكة الدرامية التي تنسجها الراوية على لسان نشوى بطلة الرواية تجمع كلّ هؤلاء، أشخاص عاديون، واستثنائيون اناس يحبون ويكرهون ويحاربون ويمزحون ويزعلون ويسجنون بتهمة الارهاب والتفجيرو....الخ، من خلالهم نحسّ نبض الجغرافيا والتاريخ الفلسطيني وهم يحملون الذاكرة الفلسطينية اينما حلوا واينما كانوا. رجاء بكرية واحدة من الكاتبات التي عانت وتعاني من الجغرافيا الفلسطينية والهوية السياسية التي تحملها من خلال هذه الجغرافيا التي تسمى 48، وتقول عن ذلك:" نحن نعاني حقّا من الحصار بسبب موقعنا السّياسي والجغرافي. تاريخنا السّياسي غير مفهوم للغالبيّة الكبرى من العرب، ولعلّ الفلسطينيّين في الضّفة والقطاع هم أكثر شريحة سياسيّة وفكريّة تفهم إشكاليّة وجودنا. هذا الموقع الجغرافي الغريب في لبّ الكيان الإسرائيلي يجعلنا محور أسئلة غالبا لا إجابات لها عند سائليها لخوفهم من مجرّد الإحتكاك بنا غالبا. ونحن نملك أدبا وشعرا فيه الغثّ والجميل كسائر آداب الشّعوب لكنّ إحساسي أنّ المنظومة العربيّة الأدبيّة لا تبادر إلى ضمّ ألجيّد مما نكتبه إلى أعمدة صحفها". هناك اذن احساس بالغبن والتهميش، نوع من فقدان التواصل مع فلسطيني الداخل، نوع من حالة عدم الاهتمام بالادب الفلسطيني داخل اسرائيل والنظر اليها بريبة وشك من قبل السلطات الاعلامية العربية ونوع من التعتيم الادبي على النتاجات الادبية، فلو كانت رجاء بكرية مصرية، او لبنانية، او خليجية هل كانت ستعامل بهذا الشكل؟ ام انها كانت ستصبح محل اضواء وحضور دائم. تقول رجاء بكرية عن حالة حصارها ككاتبة تعيش حالة مجابهة دائمة:" لا يمكن لي أن أكون كذلك لأنّ ما أكتبه غالبا يفرض حُلٌيَهَ فكريّا وحسيّا، وأكون سعيدة لأن لنصوصي سلطة تفوق سلطتي. لقد أدهشني أن مقالاتي تهمّ الأكراد وإحساسي كذلك، وأنّ الأدب السّوداني يطالب بروايتي ويحتج الأدباء على عدم وصولها إليهم. لكنّني أستغرب في ذات الوقت عدم الاعتناء بكتاباتنا في مصر ولا حتّى ضمن مؤتمر الرّوائيّات السّنوي؟ الأشياء الصّغيرة قد تمنحني من قوّة المقاومة الكثير حين يتمّ الحديث عن روايتي الّتي منعت في الكويت وبعض الدّول الخليجيّة لأنّها جريئة أو ليست فلسطينيّة تماما وفق المقاييس التي قرّروها لمعنى أن تكون فلسطينيّا. وعلى العموم إضافات تزيد عن حدود المعنى ستؤذي قرّاءها".