السائرون إلى نسيان يبدأون الصراع مع الرواية ديوان سوزان عليوان نموذجا - هشام الصباحي
إننا أمام ديوان من قصيدة واحدة .. انه الديوان الذي يحاول أن يتوازى مع الرواية ..انه الديوان القصيدة الذي سوف يطرح نفسه الأيام القادمة بقوة على الحالة الشعرية المعاصرة,
حيث يمثل حالة مكتملة لدى الشاعر يسلمها كاملة إلى القارئ ولقد نجح من قبل في هذا النوع من الديوان القصيدة الشاعر الكردي شيركو بيكه س في ديوانه الكرسي,وقد كان الفرق بين ديوانه وديوان سوزان عليوان هو الذهنية الشعرية الظاهرة لديه المتوارية تماما عند سوزان عليوان في ديوانها كل الطرق تؤدى إلى صلاح سالم الصادر في بيروت عام 2008
يكشف الديوان عن أن العلاقة المتكونة بين الشاعرة وكل جزء من العالم لها طابعها الخاص والمتميز مثل النهر الذي ينهرها عندما تبكى ممارسا السلطة عليها سواء كانت هذه سلطة الأب أو الأخ أو العاشق,والغيمة التي تتكون من غبار,والغابة التي تحولت إلى بيت للشاعرة وبراحها,والضحكات التي توقظ العالم والناس,والحجارة التي تتكون من ثلج,والموتى الأسماك,والقلب الذي كان مقهى يتسع للغرباء والأقرباء على حد سواء
لقد دخل الديوان إلى منطقة لعبة المراوغة والتضليل والبحث الدائم عن قيم الأشياء الحقيقية حتى لو كانت هذه القيم فاسدة أو ضئيلة ..المهم أن الشاعرة حاولت بصدق أن تقدم اكتشافاتها الحقيقة للأشياء حيث في ص 25 تتحدث عن(مصباح لا يصلح مشنقة لحذائي) ,في ص 26 تعلن عن أن (أعقاب سجائرنا علامات سير) ,وتواصل في ص 61 حيث تصف (ليل برموش معدنية)
إننا أمام زخم شديد يحتويه الديوان من صور شعرية جديدة,وإعادة اكتشاف ماهية المفردات الحياتية,وتقديمها إلينا من خلال حساسية الشاعرة وتجربتها في الحياة الشاسعة وضد الموت والخراب والوحدة وعدم ثبوت المكان الذي يمنح السكينة والاطمئنان في شكل هبات خاصة
صلاح سالم كما نعرفه نحن فقد بدأ بطلا قوميا وهو الآن شارعا أكثر شهرة من شهرة البطل القومي , هو حالة خاصة معنا ومع الشاعرة وفى ص 26 تقول بشكل صريح(صلاح سالم شاعر وحيد) من هنا نجد تعدد الرؤى التي يخلقها الواقع ويشتبك معها الشعر من اجل خلق رؤية خاصة كما هو حاصل مع سوزان, يدعم هذا ثراء عالم الشاعرة حيث تتزاحم المكونات لهذا العالم من القطارات القديمة,والمحطات التي تمثل محطات لمغادرة الروح والجسد على حد سواء, ومثل الديوان حالة رصد لكل ما يحدث داخل الشاعرة وفى إطارها النفسي والحسي وتعددا لحالات إنسانية متنوعة ومتكاملة حيث كان صلاح سالم في الديوان له عدة وجوه منها كونه شارع ووطن وشاعر
إن الديوان قدم نموذج فني جعل كل الطرق تؤدى إلى صلاح سالم..كل الطرق تؤدى إلى الحنين..كل الطرق تؤدى إلى الحزن..كل الطرق تؤدى إلى الموت..كل الطرق تؤدى إلى الحياة..كل الطرق تؤدى إلى شعر سوزان عليوان..فقط كن على استعداد لتقبل تجربة شعرية جديدة وحميمية وصادقة ومغايرة ولها مذاق خاص جدا,
هشام الصباحي
شاعر مصري
H.alsabahi_(at)_gmail.com
القاهرة في 26-9-2008