زمكانيات لا تتكرر ..نص قصصي بمناسبة يوم الصحافة العالمي - خالد الوادي
سرنا سوية سالكين رصيف جسر الجمهورية المثخن بالجراح .. لقد بان نصب الحرية امامنا شامخا
قال الي صاحبي :
انظر انه ينادينا .. كثيرا ما وعدتني ان لنتقط صورة تجمعنا به ..
كان ضياعا غائرا يتماوج على وجهه .. يفور وينهمر كالمطر المدرار ..
شعرت بحزنه وصراعاته مع الم دفين يتدفق بلا توقف ..
ابتسم بحزن :
هي صورة ليست صحفية .. بل للذكرى يتوقف الزمن فيها للحظة ..
بدأنا نهبط تجاه ساحة التحرير الضاجة بالسيارات والوجوه القلقة الخائفة .. كنت اراقبه وهو يتأمل الساحة الامامية للمطعم التركي .. المحاذية لنهاية الجسر .. نظر الي وعاد لحديثه
هنا حلقت بشكل حقيقي كأحلامك المذهلة ، لكن تحليقي لم يكن هروبا من الواقع بل هو الواقع ذاته .. كنت كنورس هارب من رصاصات صياد .. هبطت جريحا .. لكني هذه المرة صحفيا فاقدا للوعي تكالبت على جسده شظايا الانفجار ..
سألته :
لماذا الصورة الان ؟
قال واطياف شبحية ضبابية تراوده بصحوه الغارق بالذكريات .. حتى لا يحرق ملامحي النسيان، فانت تهمني .. ليس لانك صاحبي .. بل لان هناك ما هو اقوى من ذلك الرابط الذي يربطنا ببعض !!
اخترقتني هذه اللحظة سهام الكلمات الشؤومة وشعرت بمرارته التي تشبه اكواخ مهجورة واصبحنا تحت نصب الحرية ..
نادى بصوت مبحوح :
ايها المصور .. التقط فربما هي اللقطة الاخيرة ..
وقفنا متقاربين من بعضينا .. همس بي مبتسما :
يا للقدر التعيس .. سرطان ينهشني كالذئب الشرس تسببه شظية .. انها الحقيقة التي ابحث عنها باستمرار .. كم اكره الموت .. وكم اخاف المجازفة .. هذه التجربة تفزعني .. لقد امرني الطبيب ان ارقد بردهة من ردهات احدى مستشفيات بغداد الخاوية ..
قلت :
لا عليك فقوتك هاهي امامي تتحدى الاشياء البغيضة .. امامك الكثير ينتظر الانجاز
رد بكلمات متقهقرة منهزمة وتغيرا غريبا طرأ على ملامحه ..
اعلم انا احتضر ، صدق انها النهاية .. لقد مرت اعوامي بسرعة لم تتميز بشئ سوى بالاحلام التي لم تتحقق ..
افترقنا اخيرا وانتهيت وحيدا اتنقل بين ضفتي دجلة .. كون صاحبي هناك .. بعيدا .. عاد الى البداية ، الى اصل القصة في وادي السلام .. لم يتبقى معي سوى الذكريات وصورة واجمة حزينة جمعتنا في لحظة لن تتكرر من جديد
انتهت