الابوذية هوية الجنوب العراقي :: خضير حسين السعداوي
03-03-2009
شجن عراقي جنوبي ابتدأ في الجنوب وانتشر في أنحاء العراق انه شعر الابوذية هذا اللون من الشعر هو لون من الجناس البلاغي بثلاثة مقاطع مختلفة المعنى ينتهي في ياء و هاء مشددة ابتدعه وأجاده الجنوبيون وخاصة في الناصرية وعلى الخصوص مدينة الشطرة وسوق الشيوخ وكذلك في واسط وبالخصوص في مدينة الحي ولا اعرف الأسباب المنطقية لظهور هذا اللون من الشعر وفي هذه المناطق بالذات إلا اللهم أن هذه المناطق لها قاسم مشترك هو الفقر والحرمان والبؤس مما دفع الشعراء فيها الاهتداء إلى لون من الشعر أكثر قدرة تعبيرية عما هم عليه مما ذكرنا آنفا ولا نستبعد أن تكون التسمية جاءت قريبة من هذه الحالة ولذلك سمي "أبوذية" أي (أبو الأذية) لما يرافقه من لون من الغناء يطلق عليه ألونين والملاحظ أن الغناء في هذه المناطق كان قرين الابوذية وهذا الغناء بأطواره التي ظهرت كالطور الشطراوي والحياوي والصبي وغيرها من الأطوار مكمل لهذا اللون والذي اعتقده أن سبب انتشاره أي الابوذية لأنه لون من الشعر سهل الغناء بهذه الأطوار الشجية والتي تناغمت مع ما تحمله الابوذية من لوعة ومعاناة عاليين واكبر قدرة على الوصول إلى آذان المستمعين الذين مسهم الضر في هذه المناطق لذلك لاقى رواجا كبيرا كشعر وكغناء وانتشر إلى مناطق العراق الأخرى هذا اللون من الشعر والغناء، ولذلك عندما تنظر نظرة تاريخية لنوع الغناء في هذه المناطق تجده قائما أساسا على شعر الابوذية فنظرة بسيطة إلى مجموعة الرواد في الغناء الريفي والذين ظهروا في هذه المناطق يتبين لك جليا أن اغلب هؤلاء الرواد بدأ غناؤهم عبارة عن أبيات من الابوذية لا غير فمن مسعود العمارتلي إلى خضير حسن ناصرية صاحب الصوت الشجي مرورا بداخل حسن وحضيري أبو عزيز وغيرهم من مطربي الريف الأوائل.
بقي أن نعرف شيء عن هذا اللون من الشعر وأول من قال أو كتب في هذا المجال ولا اعتقد أننا نصل بسهولة إلى ذلك نظرا لكثرة ما كتب في هذا الموضوع حيث ذكر أن حسين العبادي والذي هو من مدينة البطحاء وسكن في الشطرة ومنهم من يقول انه حسين الكربلائي من كربلاء وسكن مدينة الشطرة.. هنالك ملاحظة مهمة إن اغلب من قال في هذا اللون من الشعر أميون أي لا يجيدون القراءة والكتابة وبالرغم من أميتهم عندما تقرأ اشعارهم تجدهم على اطلاع ودراية في مجالات الأدب العربي وقصص وحكايات التاريخ وحكايات العشاق وتجد لديهم القدرة في توظيف الحدث أو المثل الشعبي في أبيات الابوذية أو مجاراة الشعر العربي بنوع من الابوذية يسمى "المولّد" أي اخذ الفكرة من بيت الشعر الفصيح وتحويلها إلى بيت أبوذية كذلك نلاحظ أن شعراء الابوذية طرقوا كافة المجالات التي كتب فيها شعر القريض في الغزل والمدح والرثاء والوجدانيات.
وصف المرحوم الشاعر كاظم الركابي بيت الابوذية هو (عبارة عن قصيدة شعرية مضغوطة)
واعتقد أن هذا الوصف اقرب إلى الواقع فخذ أي بيت من الابوذية تجده يعالج حالة معينة ولكن بصورة مكثفه.
فلنأخذ هذا المثال لشاعر يرثي صديقه:
الكــلب من يـوم فگـده ورثـالـه
مشى وطيب الـمحاجي ورثاله
بعـد شيـفـيد نوحــي ورثـــالــه
فگدنه ولا عوض يحصل بديه
أما الأغراض الاخرى التي كتب فيها الابوذية فقد أبدع شعراء الابوذية في وصف حالة الفقر والعوز وتقلبات الدهر أو تخلي الإخوة أو الأصدقاء أو كبر السن وضعف البدن حيث كتب مئات ابيات الابوذية:
اعضاي منين ما ارتجي تلام
وعلي وكت المنام هموم تلام
المثل روحي غلط ياناس تلام
عبنهه امـفارجه الـبـيهم حميـه
وكذلك:
مـغـبرة ديار أهلنه ليل ونهار
على عِزها التبدل غفل ونهار
جـنه بـنخـيـل وعـنـب ونهـار
أقفرت لمن ولوها أهل الرديه
لفراق الحبيب:
اهنا يلي سلبت العقل ونام
سرور اجفاك للواشين ونام
اون عليك طول العمر ونام
لها فگدت ولد وتنوح هـيـه
وكذلك:
أهمومي ضاع بيها الوصف والعاد
وصفيت انشد عليك الـراح والـعـاد
إخلافك صار يوم ألـطبـگ والـعـاد
سوه عـنـدي او جـفـاك الـفـتـك بيه