أحمد كان غلاماً صغيراً في حجر والده ..
ما تراه إلا ضاحكاً أو لاعباً .. أصابه ألم في رأسه .. صبر عليه .. ثم اشتد عليه الألم ..
حاولوا علاجه بشتى الطرق فلم يفلحوا ..
بدأ رأسه يكبر وينتفخ شيئاً فشيئاً .. وصار ما بين جلد رأسه وعظمه .. قيح وصديد .. لا يدرون له علاجاً ..
حتى ثقل رأسه وغاب عن وعيه ..
طرحوه على فراشه .. في بيت قديم .. جدرانه طين .. وسقفه من جذوع النخل ..
ينتظرون موته .. مضت عليه أيام وهو على هذا الحال .. لا يكاد يتحرك ..
وفي ليلة مظلمة .. كان السراج يشتعل معلقاً في سقف الغرفة ..
وأخوه جالس عند رأسه يترقب ..
وفجأة إذا بعقرب سوداء تخرج من بين أخشاب السقف .. وتمشي على الجدار وكأنها متوجهة نحو أحمد ..
كان أخوه يراها .. لكنه لم يتحمس لدفعها عنه .. فلعلها أن تلدغه فيرتاح ويرتاحون !!
أقبلت العقرب على أحمد .. قام أخوه مبتعداً .. يرقبها من بعيد ..
وصلت إلى الرأس المريض .. مشت عليه .. ثم لدغته ..
ثم تحركت قليلاً فلدغت .. ثم تحركت إلى موضع آخر من الرأس فلدغت ..
وجعل القيح والصديد يسيل بغزارة من أنحاء رأسه ..
والأخ ينظر إليه مندهشاً ..!!
ثم مشت العقرب تخوض في هذا القيح والصديد .. حتى وصلت إلى الجدار فصعدت عليه .. وعادت من حيث أتت ..
دعا الأخ أباه وإخوته فأقبلوا عليه ..
فلم يزالوا يمسحون الدم والصديد .. حتى ذهب انتفاخ الرأس ..
وفتح الغلام عينيه ..ثم قام معهم ..( القصة ذكرها التنوخي في كتابه الفرج ) .
فكم من محنة في طيها منحة .. ورب صابر كانت عاقبة صبره الفرج ..
وأفضل العبادات انتظار الفرج ..
الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده ..
وهذا ملموس وملاحظ على أهل المرض أو المصائب ..
وخصوصاً إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين ..
وحصل له الإياس منهم .. وتعلق قلبه بالله وحده ..
وقال: يا رب .. ما بقي لهذا المرض إلا أنت .. فإنه يحصل له الشفاء بإذن الله ..
وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج ..