ريلكه
الأعمال الشعرية الكاملة
المكتوبة بالفرنسية مباشرة ً
مختارات
ترجمها عن الفرنسية وقدّم لها
شاكر لعيبي
كتب الشاعر الألماني رايتر- ماريا ريلكه قد ما يُقارب الـ 400 قصيدة (وهو عدد كبير بل مذهل) باللغة الفرنسية مباشرة وهي ليست لغته الألمانية الأم. ويبدو أن ريلكه قد شرع بنصٍّ فرنسيّ محمَّل بطاقاتِ لغةٍ غير الألمانية قبيل سنة 1922 وهو ينجز 28 قصيدة فحسب، لكنه انغمر بسعادةٍ وبتحدٍ في هذا المشروع الشعري المثير حتى وفاته عام 1926. وبشيء يشبه المعجزة أنتج، بغضون أربع سنوات أو خمس، عدداً كبيراً من القصائد في لغة بودلير لم تمر مرور الكرام في الوسط الشعري، وجلبت انتباه كبار أدباء الفرنسية. فقد كتب بول فاليري بشأن أعمال ريلكه الفرنسية معلناً إعجابه برهافتها المذهلة وغرابة أصواتها الفرنسية، بينما وَجَدَ أندريه جيد في أبياته الفرنسية فرحاً من نمط جديد، مُذَكِّراً بقوّة خصائصها الشعرية.
لقد أنجزتُ ترجمة الأعمال الشعرية الكاملة لريلكه المكتوبة باللغة الفرنسية منذ بضع سنوات، معتمداً على طبعة مزدوجة اللغة (فرنسية - إنكليزية) هي طبعة:
The Complete Franch Poems of Rainer Maria Rilke, translated by A. Poulin, JR, Ed. Graywolf 1986.
هذه الطبعة مفيدة لأكثر من جهةٍ، لأنها تُيَسِّر عملَ المترجمِ وهي تمنحه، إضافةً إلى النصّ الأصليّ، مقترحَ ترجمةٍ إلى لغةٍ أخرى، الأمر الذي يضعه أمام أقل الإمكانياتِ في تأويل الأبيات أو الألفاظ المُشـْكِلَة تأويلاً مفرطاً.
من بين جميع القصائد الفرنسية لريلكه التي ترجمتُها، نشرتُ، في الصحافة العربية، واحدةً طويلةً منها لا غير، وأجّلتُ نشرَ الأعمالِ الكاملةِ بكتابٍ مُنْفَصِلٍ وقتاً طويلاً، لأمنحَ نفسي الفرصةَ بإعادةِ ترجمتي وغربلتها. لكن النصوصَ منحتني فرصةً نادرةً في تأمُّلِ شعر ريلكه الذي قرأتُ كلّ ما تيسَّر لي منه مترجَمَاً إلى بالفرنسية إضافة إلى مجموعٍ كبيرٍ من مراسلاته الشخصية. وقادني ذلك كله إلى كتابة محاولتي النقدية (شعرية التنافذ: ريلكه وتقاليد الشعر العربي) الصادر عن دار أزمنة في عمّان 2005.
هذه الأشعارٌ تطلع من رهافةٍ وقوةٍ شعريتين تستأهلان معها تقديمها إلى القارئ العربي.
الوردة
Les Roses
I
إذا ما أدهشتنا عذوبتك كثيراً
أيتها الوردة السعيدة
فلأنك تستريحين تويجاً فوق تويج
في داخل ذاتك
يَقِظة تماماً [سوى] المركز
النائم. بينما تتماس، لا تُحصى، حنانات
هذا القلب الصموت
التي تؤدي إلى الفم الأقصى
II
أراكِ، أيتها الوردة، كتاباً منفرجاً
بصفحات كثيرة
سعادة تفصيلية
لن تُقرأ أبداً. كتابٌ – مجوسيٌّ،
منفتح في الريح ربما قُرأ
بعيون مغمضة...،
حيث تطير الفراشات منه ملتبسة
بسبب الأفكار نفسها
III
أيتها الوردة، أيها الشيء المكتمل بجدارة
المحتوي ذاته بلا نهاية
المنتشر بلا نهاية، أيها الرأس
ذو الجسد الغائب بسبب وفرة نعومته،
لا شيء يضاهيك، أنت، أيها الجوهر السامي
عطرك يحوم
حول هذه الإقامة الطافية
حول فضاء الحب صعب الطلوع هذا.
IV
نحن من أقترح عليكِ
أن تملئي كأسكِ.
وقد أقْدَم رخاؤك على الأمر.
أنت المذهولة بهذه البراعة
كنت جد غنية لكي تكوني أحلي مئة مرة أنت نفسكِ
في زهرة واحدة؛
إنها حالة المُحِبّ.. غير أنك لم تفكري بشيء آخر.
V
زهدٌ مُحاطٌ بزهد
حنانٌ يمسُّ حناناً
ها هو داخلك يُداعب
ذاته من دون توقّف، سُيقال؛
يُداعب نفسه بنفسه،
بانعكاسه المضيء.
هكذا ستخترعين موضوعة
النرجسة المقبولة.
VI
وردة وحيدة هي الورود جميعاً
هي التي لا يُحَلُّ محلَّها
[هي] الكاملة، هي اللفظة الطرية
المحاطة بنص العالم
من دونها كيف سنقول
ما كانت رجاءاتنا
وما كانت رغائبنا الرقيقة
[من أجل ذلك] الإقلاع المستمر
VII
مستندة أيتها الشفيفة الواضحة
[أيتها] الوردة، على عيني المغمضة
كما لو آلافاً من الجفون
المتراكبة على [جفني] السخين.
ألف نعاس في شَرَكِ
المتاهة المعطَّرة
التي أطوف فيها
VIII
من حلمك الكامل
تنحنين على الصباح
زهرة من بين عديدات
مبلَّلة كما لو كنتِ باكية
قواكِ النائمة
في الرغبة الحائرة
تغلِّف هذه الأشكال الحنونة
بين خدودٍ وأثداء