قراءة في تجاويف مداد الروائي فاضل العتابي
ذات مساء موحش بارد بعد مرور أكثر من شهر على وجوده
نودي على اسمه
لبسه الخوف
وأدخل إلى غرفة التحقيق وهو معصوب العينين
ولم يسمع سوى صوت ضربات قلبه المتلاحقة، شعر بجفاف حلقه وعطش تمنى نقطة ماء تبلل ريقه لكنها شحيحة وبعيدة المنال أضحت عليه
وسمع ضربة قوية على مكتب حديدي ارتعدت معها كل أعضائه
وبادره ذاته الصوت بالسؤال:
سامي
اليوم راح نبدي معاك ومثل ما خبرتك من قبل إذا تجاوبت معي راح افتح لك الباب وتذهب للبيت مفهوم ؟
لم يجب سامي
وإذا بلطمة على وجهه ليختل توازنه ويسقط هو والكرسي الذي يجلس عليه
ويعاد إجلاسه من جديد
سامي راح أذكر لك أسماء إلي تعرفه قول أعرفه فاهم ؟
- من موطن الخيبات .. فاضل العتابي
- اسمه الكامل: فاضل ياسر حسين العتابي
- استيقظت العائلة على رائحة البخور وإشراقة فجر ندي، لتحتضن وليدها وهو ينسل من تجاويف الضوء في عام 1954 في بغداد، الكرخ - محلة الرحمانية -
- صكوك علومه: دبلوم معهد تكنولوجيا - كهرباء عام ..
- خرج من عمق الرؤيا: خريج كلية الإعلام بغداد
- حط موظفًا في وزارة الإعلام - الإذاعة والتلفزيون ...وآخر ورقات دفتره كانت في عام 1985 عندما فصل منها.
- خارج أسوار الوطن: أخذته منافٍ عدة، كمهاجر في الباكستان، الأردن، كردستان العراق .
- قبل احتلال العراق عاد إلى بغداد من كردستان
- آخر المطاف استوطنت روحه بلجيكا
- نصبت أصابعه كمين الكتابة، فأصبح عضوًا في:
عضوِ نقابة الصحفيينَ العراقيينَ
عمل مراسل لوكالةِ الناظر الإخبارية
وكالةُ قارئ للأنباء
- ترجم حبره بحق توجعاته في الوطن، مستغرقًا في إبحاره بين بحور روايته لخمس سنوات مضت، فكانت روايته الأولى "موطن الخيبات" شارك بشجنه في مسابقة "كتارا" لدورة 2020
-
نزل عاري الجسد ليغرق نفسه بمائها ويشرب منه عله يروي ويطفئ ظمأه، وبعد ساعة من الزمان والاسترخاء على شاطئها الأمين جلب له قطعة قماش كي ينشف جسده رفض الأمر قال له دعني ألبس ملابسي كي احتفظ بحبات الرمل والطين بين طياتها.
وبعد خروجه منها أخذ حفنة كف من طينها ورملها ليودعها كيساً ليحتفظ به.
عاد به الشاب قريب الفندق لينزله والساعة قاربت الفجر ليتهادى له صوت المؤذن لجامع الحيدرخانة القديم جلس على الرصيف مسترخيا ليسمع الأذان وسط هدوء بغداد وكسلها.
تراءى له وجه أمه.
يبتسم وجهها مشرق يسر ناضره وتزينه تلك الحبات الزرق كحبات مسبحة الفيروز من صدغها وهي تنزل حتى آخر رقبتها تضئ عتمة أيامه أينما حل، وتبدد قلقه وخوفه من ما يعانيه وما يمر به.
توسد وجهها الباسم وغفى
حلم أنها تملي عليه كلمات
يسافر به وجه أمه
محمولاً على هذه الحكايا
ينسج له من أرصفة الطرقات أماني
معجونة بنكهة التسكع والضياع
يستظل وجهها بفيء الوجع
يلوك سياط الجلادين
يحتسي تندر المارة في هذا الغبش البليد
لا يقوى على البقاء هنا
هنا الأجساد تنهش بعضها
كي ترسم لوحة البقاء
- وهناك قيد الإنجاز رواية "حين يشيخ النسر"
- كان معنا أحد قناديل المنافي الأستاذ فاضل العتابي : كاتب سياسي وروائي.
_________________________
_____________* * * ________
إنك أعمق من أغواري
أخاف استنفاد الكلمات ونزف حرفي ويصاب قلبي بفقر النبض