تشارلز بوكوفسكي: هذا النوع من النيران
ترجمة: عادل صالح الزبيدي
هنري تشارلز بوكوفسكي (1920-1994) شاعر وروائي وكاتب قصة قصيرة أميركي ألماني (فقد ولد في ألمانيا لأم ألمانية تزوجت من جندي أميركي). كان لجغرافية وأجواء المدينة التي نشأ فيها، لوس أنجلوس، الأثر الكبير على أعماله التي يظهر فيها واضحا تركيزه على الحياة اليومية العادية للفقراء المهمشين من الأميركيين البيض. ومن موضوعاته الأثيرة الأخرى: اللغة وفعل الكتابة، الإدمان، العلاقات مع النساء، فضلا عن الجنون والموت. انتقل بوكوفسكي إلى مدينة نيويورك حيث بدأ الكتابة والنشر في أربعينيات القرن الماضي. وعلى الرغم مما أشيع عنه من أنه توقف عن الكتابة والنشر قرابة العشرين عاما قضاها يجوب الولايات المتحدة متنقلا بين ساحليها الشرقي والغربي ليمارس أعمالا شتى، فهو مع ذلك كاتب غزير الإنتاج فقد كتب آلاف القصائد ومئات القصص القصيرة وست روايات، ويقدر ما طبع له من كتب بــ 110 بين الشعر والقصة والرواية الرسائل وغيرها. نشر بوكوفسكي أول مجموعة شعرية في عام 1959 تبعها بعشرات المجاميع نذكر هنا بعضا منها: ((الاحتراق في الماء، الغرق في اللهيب: قصائد مختارة 1955-1973))، ((الحب كلب من الجحيم: قصائد 1974-1977))؛ ((سيقان، أرداف، وما خلفها))، ((شرارات))، ((حرب طوال الوقت: قصائد 1981-1984)) و((الليلة الأخيرة للأرض)).
يتميز شعر بوكوفسكي عموما بخصائص ظلت ملازمة لأسلوبه طوال مسيرته الأدبية ولم تتغير إلا طفيفا. من هذه الخصائص أذن مرهفة الحس تجاه موسيقى الكلام المحكي الطبيعي والعفوي؛ القدرة على المزج بين ما هو شخصي بما يحمله من لحظات يأس وأسى وبين ما يكتنف حياة الآخرين من لحظات مماثلة دونما الوقوع في العاطفية المفرطة؛ براعة واضحة في وضع تفاصيل الحياة اليومية على مساحات من التجريد ينتج عنها مشاهد حياتية حية ومواضيع بالغة الحيوية؛ نزوع الشاعر، وخصوصا في أعماله المتأخرة، نحو السردية والدرامية في القصيدة، وأخيرا وليس آخرا القدرة على البقاء على مسافة فنية كافية بينه وبين موضوعاته وشخوصه بما يتيح له إضفاء مسحات من الفكاهة والحكمة يجدهما في أكثر مشاهد الحياة كآبة وأكثر زواياها عتمة، سواء تلك التي يستقيها من تجاربه الشخصية أو من تجارب الآخرين.
هذا النوع من النيران
احيانا اعتقد ان الآلهة
تواصل دفعي عن قصد نحو النار
ليس الا ليسمعوني
انبح ببضع أبيات
جيدة.
انهم فقط لن
يدعوني أتقاعد
بوشاح حريري حول عنقي
ألقي المحاضرات في جامعة
ييل.
الآلهة تحتاجني
لتسليتها.
لا بد انهم ضجرون
من الآخرين كلهم
ضجرا فظيعا
وانا كذلك أيضا.
والآن نفذ الغاز
من ولاعتي.
اجلس هنا
يائسا
اقدحها.
هذا النوع من النيران
لا يمكنهم ان يمنحوه
لي.