سعيد بن زيد
سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب. أبو الأعور القرشي العدوي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ومن السابقين الأولين البدريين ومن الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه. شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد حصار دمشق وفتحها فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة وله أحاديث يسيرة فله حديثان في الصحيحين وانفرد البخاري له بحديث. روى عنه ابن عمر وأبو الطفيل وعمرو بن حريث وزر بن حبيش وأبو عثمان النهدي وعروة بن الزبير وعبدالله بن ظالم وأبو سلمة بن عبد الرحمن وطائفة
قرأت على أحمد بن عبد الحميد أخبركم الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وست مئة أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة بقراءتي أنبأنا طراد بن محمد الزينبي أنبأنا ابن رزقوية أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى الطائي سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة حدثنا علي بن حرب حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل وماؤها شفاء للعين ) أخرجه البخاري من طريق ابن عيينة فوقع لنا بدلا عاليا:
قرأت على علي بن عيسى التغلبي أخبركم محمد بن إبراهيم الصوفي سنة عشرين وست مئة أنبأنا أبو طاهر السلفي أنبأنا عبد الله الثقفي أنبأنا أحمد بن الحسن أنبأنا حاجب بن أحمد حدثنا عبد الرحيم هو ابن منيب حدثنا سفيان عن الزهري عن طلحة عن سعيد بن زيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين ومن قتل دون ماله فهو شهيد ) هذا حديث صالح الإسناد لكنه فيه انقطاع لأن طلحة بن عبد الله بن عوف لم يسمعه من سعيد رواه مالك ويونس وجماعة عن الزهري فأدخلوا بين طلحة وسعيد عبد الرحمن بن عمرو بن سهل الأنصاري أخرجه البخاري عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري
كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى الله من عبادة الأصنام وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم فرأى النصارى واليهود فكره دينهم وقال اللهم إني على دين ابراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي ولا رأى من يوقفه عليها وهو من أهل النجاة فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ( يبعث أمة وحده ) وهو ابن عم الإمام عمر بن الخطاب رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعش حتى بعث فنقل يونس بن بكير وهو من أوعية العلم بالسير عن محمد بن إسحاق قال قد كان نفر من قريش زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وعثمان ابن الحارث بن أسد وعبيد [ الله ] بن جحش وأميمة ابنة عبد المطلب حضروا قريشا عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم فلما اجتمعوا خلا أولئك النفر بعضهم إلى بعض وقالوا تصادقوا وتكاتموا فقال قائلهم تعلمن والله ما قومكم على شيء لقد أخطؤا دين إبراهيم وخالفوه فما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع فابتغوا لأنفسكم قال فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية فأما ورقة فتنصر واستحكم في النصرانية وحصل الكتب وعلم علما كثيرا ولم يكن فيهم أعدل شأنا من زيد اعتزل الأوثان والملل إلا دين إبراهيم يوحد الله تعالى ولا يأكل من ذبائح قومه وكان الخطاب عمه قد آذاه فنزح عنه إلى أعلى مكة فنزل حراء فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة فكان لا يدخلها إلا سرا وكان الخطاب أخاه أيضا من أمه فكان يلومه على فراق دينه فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل عن الدين
أخبرنا يوسف بن أحمد بن أبي بكر الحجار أنبأنا موسى بن عبد القادر أنبأنا سعيد بن أحمد بن البنا وأنبأنا أحمد بن المؤيد أنبأنا الحسن ابن إسحاق أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني وقرأت على عمر بن عبد المنعم في سنة ثلاث وتسعين عن أبي اليمن الكندي إجازة في سنة ثمان وست مئة أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبدالله بن المهتدي بالله قالوا أنبأنا محمد بن محمد الزينبي أنبأنا محمد بن عمر الوراق حدثنا عبد الله بن سليمان حدثنا عيسى بن حماد أنبأنا الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا معشر قريش والله ما فيكم أحد على دين إبراهيم غيري وكان يحيي الموؤودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته مه لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها هذا حديث صحيح غريب تفرد به الليث وإنما يرويه عن هشام كتابة وقد علقه البخاري في صحيحه فقال وقال الليث كتب إلي هشام فذكره وقد سمعه ابن إسحاق من هشام. وعندي بالإسناد المذكور إلى الليث عن هشام نسخة فمن أنكر ما فيها عن أبيه عروة أنه قال مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول أحد أحد فقال ورقة أحد أحد يا بلال صبرا يا بلال لم تعذبونه فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا يقول لأتمسحن به هذا مرسل وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح.
يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني هشام عن أبيه عن أسماء أن ورقة كان يقول اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ولكني لا أعلم ثم يسجد على راحته
يونس بن بكير وعدة عن المسعودي عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد عن أبيه عن جده قال مر زيد بن عمرو على رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد ابن حارثة فدعواه إلى سفرة لهما فقال يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب فما رؤي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك اليوم يأكل مما ذبح على النصب. المسعودي ليس بحجة. أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن يزيد عن المسعودي ثم زاد في آخره قال سعيد فقلت يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك [ ولو أدركك لآمن بك واتبعك ] فأستغفر له قال ( نعم فاستغفر له فإنه يبعث أمة وحده ) وقد رواه إبراهيم الحربي قال حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا أبو قطن عن المسعودي عن نفيل عن أبيه عن جده قال مر زيد برسول الله صلى الله عليه وسلم وبابن حارثة وهما يأكلان في سفرة فدعواه فقال إني لا آكل مما ذبح على النصب قال وما رؤي رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلا مما ذبح على النصب. فهذا اللفظ مليح يفسر ما قبله وما زال المصطفى محفوظا محروسا قبل الوحي وبعده ولو احتمل جواز ذلك فبالضرورة ندري انه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي وكان ذلك على الإباحة وإنما توصف ذبائحهم بالتحريم بعد نزول الآية كما أن الخمرة كانت على الإباحة إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد والذي لا ريب فيه أنه كان معصوما قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من الزنى قطعا ومن الخيانة والغدر والكذب والسكر والسجود لوثن والاستقسام بالأزلام ومن الرذائل والسفه وبذاء اللسان وكشف العورة فلم يكن يطوف عريانا ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة بل كان يقف بعرفة وبكل حال لو بدا منه شيء من ذلك لما كان عليه تبعة لأنه كان لا يعرف ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم تسليما
أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين ) غريب رواه الباغندي عن الأشج عنه عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء قالت رأيت زيد بن عمرو شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول ويحكم يا معشر قريش إياكم والزنى فإنه يورث الفقر
أبو الحسن المدائني عن إسماعيل بن مجالد عن ابيه عن الشعبي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال قال زيد بن عمرو شاممت النصرانية واليهودية فكرهتهما فكنت بالشام فأتيت راهبا فقصصت عليه أمري فقال أراك تريد دين إبراهيم عليه السلام يا أخا أهل مكة إنك لتطلب دينا ما يوجد اليوم فالحق ببدلك فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم بالحنيفية وهو أكرم الخلق على الله. وبإسناد ضعيف عن حجير بن أبي إهاب قال رأيت زيد بن عمرو يراقب الشمس فإذا زالت استقبل الكعبة فصلى ركعة وسجد سجدتين وأنشد الضحاك بن عثمان الحزامي لزيد
[و] أسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذبا زلالا
إذا سقيت بلدة من بلاد * سيقت إليها فسحت سجالا
وأسلمت نفسي لمن أسلمت * له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدها * سواء وأرسى عليها الجبالا