قصتان قصيرتان جدا ً - جمال نوري
الصدى -
بعد أيام العزاء الثلاث أصبح البيت فارغا ًُ من صدى ضحكات عبد الواحد الذي قتل غيلة ً قرب سيطرة ٍ وهمية ، لكن الشمس لم تتوقف عن شروقها في صباح اليوم الرابع وأبت العصافير
أن توقف زقزقتها المتواصلة على أغصان شجرة اليوكالبتوس الباسقة ، النابتة في قلب الدار ، ولكن حمودي الصغير الذي إعتاد أن يتوسد ذراع أبيه بات من غير وسادة وأمه النائحة قربه غادرها الدفء إلى الأبد.
نجوم مضيئة -
كنت إذا ما حل الصيف بنفثاته اللاهبة ألوذ وابنتي آية التي أصبح عمرها الآن أربعة سنوات فقط بسطح الدار هربا من الانقطاعات المتتالية للكهرباء وكنت أظن أن مجرد تعرضنا لنسمة هواء هو أفضل بكثير من الحرارة المتطامنة بين الجدران .. وحين تستلقي آية إلى جانبي تبدأ أسئلتها الكثيرة عن تفاصيل القصص التي ارويها لها كل ليلة وقد تخرج عن هذا السياق حين يستفزها صوت أو مشهد ما ..
- بابا لماذا لا تحلق عاليا ً إلى السماء ؟
ولم تكن تدرك في مخيلتها الخصبة إن أمر التحليق هو بمثابة المستحيل ولكنني كنت أحابيها وأؤيدها في كل فكرة ٍ أو لمحة ٍ تخطر على ذاكرتها ، يصحب ذلك لمعان خاص يبرق في عينيها
- لنذهب عاليا ً ونأخذ سلة ً فارغة ..
فأجيبها بعفوية :- وماذا نفعل بالسلة الفارغة ؟
فترد وكلها ثقة :- نجمع فيها تلك النجوم العالية المضيئة
- وماذا بعد ؟
- ثم نوزع النجوم على تلك البيوت المظلمة
- وماذا عن بيتنا يا حبيبتي أية ؟
- نحتفظ يا بابا بعشرة نجوم نضيء بها كل الغرف والحديقة .. ثم تسهم في الأفق وهي تفكر بسفرة خرافية ٍ أخرى تأخذنا فيها إلى عوالم أكثر إشراقا ً وجمالا ً