((عائد من حيفا))
غسان كنفاني
الانسان القضية
((كنت اقول لنفسي ما هي فلسطين بالنسبة ل –خالد-انه لا يعرف المزهرية ولا الصورة ولا السلم ولا –خلدون ومع ذلك فهي بالنسبة له جديرة بان يحمل السلاح ويموت في سبيلها.لقد اخطانا حين اعتبرنا ان الوطن هو الماضي فقط .اما خالد فالوطن عنده هو المستقبل وهكذا كان الاختراق وهكذا اراد خالد ان يحمل السلاح))1
تخلص الرواية الى اعتبار ان الانسان ((قضية)) لا جسدا ولحما ودما فحسب. وان هذه القضية محكومة بظروفها ومدى معايشة صاحبهالها والتربية التي تربى من اجلها.
فالرواية تروي حياة ومعاناة زوجين فلسطينيين يعودان الى حيفا للاطاع على دارهما التي تركاها عنوة اثر نكسة 1948 ومذابحها الشهيرة ويتازم الموقف كله في كونهما قد تركا ابنا لهما ((خلدون)) بعد ان حال الدمار والقتل بينه وبينهما ..
يعود الزوجان فيجدا ان الدار سلمت لعجوز بولونية وان الطفل يقيم معها وانه اصبح ضابطا في الجيش الاسرائلي وغير اسمه الى ((دوف)).
وفي مقابتهما للعجوز لا تنكر ابوتهما ولكنها ترفض ان يقرر احد مصير (دوف) الذي ينكر هو الاخر ابويه بل ويتهما بالتخلي عنه في ظروف صعبة.
ويقرر انه ينتمي الى هذه الدولة(اسرائيل) وان السيدة ((مريام)) هي امه.
ولا تفقد الام الامل في رجوع ابنها متفائلة بان (الدم) سيعيده اليها والى قضيته ووطنه ولكن الزوج يؤكد لها بان (خالد) افتقد وسرق وقد تكمنوا منذ عشرين عاما ان يغرسوا فيه اليهودية.. والافضل العودة وترك (دوف) لواقعه).
ولا يحس الاب بخسارة كبرى لان خلدون انحاز لقضية غير قضيته ولكن الاحساس بالخسارة كان اتجاه ابنه الثاني –خالد-الذي كان يمنعه من الاتحاق بالمقاومة ولكنه يعوض كل ذلك بان يجد-بعد عودته- ان خالد التحق بالمقاومة.
وبذل نكتشف بان رؤية الكاتب غساني كنفاني قد اتسعت من خلال ازدهار الامل في خالد الابن الثاني الذي يمثل المستقبل. ولعل حتى الاسماء(خلدون) و (خالد) لهما مدلولها و رمزيتهما.