كنت..
اغمض عيني .. و ألف حرف ينهمر كما الشلال ..
يسحق معه الف دمعة و بسمة كانت تود النوم في احشائي يوما..
كنت..
أقوى من أن أحمل موت الحرف في داخلي..
أقوى من أن أصرخ مثقلة بأوجاع كلمات تنهش فؤادي..
كنت..
نبضا .. و قلم لا يجف ..
و إن جف .. استعرت من نزف الجراح حبرا آخر ..
و من رحم الذكرى قلما آخر ..
حتى و إن كان الثمن جمراً يُخلق في جهاتي ..
يَفتك بملامح أحلامي ..
حيث كانت تنام بلا استيقاظ..
كنت..
أُسرف في المشاعر أحياناً..
و في الحبر و الورق أحياناً اخرى..
المهم أن أنقش حرفا .. يقتل الصرخة المولودة بين أحضاني..
يقذف بكل العذاب الذي ينهشني ..
و حتى البسمة التي تحتويني ..
كنت..
أنقاد للحرف بثبات ..
أُشرك كل من سحبته الرياح الى حيث أجثو ..
راكعةً بين شقوق الكلمات ..
أُقلب مشاعري لحناً .. و أقرأها رسماً ..
لوحة إبداعي الأبدية .. تلك التي ما ظننت أن ألوانها ستجف يوما ..
كنت ..
أعزف للكل سمفونية نبضي ..
حتى و إن أتت عكس ما أرجو ..
المهم اني مضيت بها بعيداً .. خارج أسوار قلبي ..
بعيداً عن أحشائي..
كنت .. و كنت .. و كنت ..
و كانت : الثمانية و العشرون حرفاً
سهام أرمي بها كيف أشاء.. و من أشاء..
و غبي من حاول يوماً إيقافي!!
لكن!!..
كل شيء تلحف الجفاف حتى انكسر ..
حيث أنه لم يعد يوجد هناك ما أخطط لأجله ..
باردةٌ أصبحت مشاعري..
خاليةٌ من كل قصص الإبداع التي تربعتُ على عرشها يوماً..
خاويةٌ من كل الأحاسيس التي كانت تفيض مني بكبرياءً ..
مفقودةٌ حواسي وسط زحام الحاضر و الماضي ..
مجوفةٌ من داخلي حد الإعياء ..
حتى لو مهدت لنفسي أن أبدأ بشعائر الكتابة..
و بدأتُ ممارسة طقوسي المعتادة..
فقد بات الحرف عقيماً ..
و الورق نحيفاً .. أضعفُ من أن يتحملا جمودي الداخلي..
فاستسلمت للشتاء الصلب الذي حل علي ..
رغم أن معطفي معلق على رأس القلم .. و مظلتي مغلفةٌ في ثنايا الورق..
مستشهدة بما يلوكه لسان وجعي من حكمة ..
أن فاقد الشيء .. أبداً لا يعطيه !!