الرش
شعر عزالدين مبارك
لم ترشنا السماء ذات يوم
مطرا يروي الحقول
والنباتات العطشى
ولا ذهبا ولا فضة
ونقودا للجائعين
فجاء سيف الحاقدين قاطعا
رقاب أهل الذمة
والمتسكعين السفلة
والمتطاولين على القانون
فجاء الرش أخيرا
فابشروا أيها الصابرون
ليسكت عناقيد الغضب
ويسقط غصن الزيتون
وينسف قنطرة الحياة
فالسماء أمطرت الحديد
وشوهت بهاء العيون
وأفسدت زرع الله
وأنبتت نقمة القلوب
ونمى السخط صارخا
كالوشم على الزنود
كطير أبابيل
فأهل مكة في خيامهم نائمون
والشخير غطى عواء الذئاب
والفلول مرت من هنا
فأين معاوية وجحافل الفاتحين
فهل ترك الباي ظلفا
لسد رمق الشياه
والباعة المتجولين
في زمن الرش والطين
وقد أينعت مآقي العيون
والرماد لم يعد كحلا للصبايا
والرغيف أصبح من أمر المستحيل
والبلاد غدت إسطبل خيل وحمير
والنهيق في كل بيت صهيل
فما أمر تذكر الفاجعة
والجرح مازال نازفا
فلا ومضة في آخر الطريق
غير خيالات مبهمة وضيق
وقد أصبح للرش عيد
وهو في الأجساد ساكن
وفي العيون المنطفئة
وخزة للضمير
ولعنة للسلاطين
فلتذهب الرعية للجحيم
ويعيش صاحب القصر في النعيم.