التصورات المستقبلية للتكوين
بالصندوق الوطني للتقاعد
والحيطة الاجتماعية
إعداد المهندس العام
عزالدين مبارك
المقدمة
يعتبر التكوين من أهم الوسائل المتاحة للمؤسسة لتطوير كفاءة مواردها البشرية حتى تستطيع مواكبة التحولات التكنولوجية وطرق التصرف الحديثة والتغييرات الهيكلية التي طرأت على شكل العمل والاستحقاقات الجديدة في ظل بيئة من خصائصها المزاحمة والتعقيد وسرعة التغير وعدم التأكد.
فالتكوين يساعد المؤسسة على بلوغ أهدافها وبرامجها ويمكنها من تحقيق مخططاتها الآنية والإستراتيجية حتى تقدم خدماتها الاجتماعية والاقتصادية وتطور عملها في ظروف حسنة وطيبة.
ولم يكن الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بمنأى عن هذه التحولات على المستوى التكنولوجي والإجرائي وأدوات التصرف الحديثة وتطور محتوى مراكز العمل وتنوع طلبات وأذواق الحرفاء والمتعاملين معه والمنتفعين بخدماته بحيث لم يتوان في تكوين ورسكلة موارده البشرية بصفة مستمرة وثابتة.
وقد كان التمشي المتبع في أغلب فترات السنوات الماضية لا يخضع للمقاربة الحديثة والعلمية للتكوين بحيث غلب الطابع الكلاسيكي على الطريقة المتوخاة في رصد الاحتياجات التكوينية للأعوان حسب قرارات شخصية للمسؤولين عن الهياكل في ظل غياب تقييم جدي لمردوية التكوين خاصة قياس أثره على مستوى مركز العمل.
وتتجه الإدارة الفرعية للتكوين رغم عوائق إجرائية مختلفة وإمكانيات محدودة من الموارد البشرية والأدوات اللوجستية ،إلى إرساء منظومة التكوين حسب تمشي هندسة التكوين ضمن برنامج مستقبلي يهدف إلى الرفع من مستوى التكوين وتطويره وفق إستراتيجية تفاعلية نشطة وفعالة.
ولا يمكن تحقيق ذلك دون المشاركة الفعالة لجميع هياكل الصندوق التي سيعود النفع عليها في النهاية ، فانطلاق العملية التكوينة يكون بالتحديد الجيد للاحتياجات من طرف هذه الهياكل بمساعدة المكونين وكذالك إدارة التكوين حسب طرق علمية. كما أن قياس أثر التكوين لا يكون إلا من خلال متابعة المتكون وهو في عمله.
وحتى يمكن لإدارة التكوين القيام بهذا البرنامج على الوجه الأكمل فلا بد من توفر قاعدة بيانات شاملة للموارد البشرية من حيث الوضعية الإدارية والتطور المهني والمهام والمستوى العلمي وكشف دقيق ومفصل عن مراكز العمل يحتوي على المتطلبات والإمكانيات المتاحة وجميع المدخلات والمخرجات ووجود منظومة تقييم موضوعية لقياس مردودية وسلوك الأعوان دوريا باستعمال الأدوات العلمية المتاحة في الغرض.
فالتكوين الهادف ينبع من تحديد الحاجة للتكوين نتيجة تقييم الأعوان عند مباشرتهم لعملهم وبعد ملاحظة فوارق جلية بين متطلبات العمل والانجاز وأداء العون كما يمكن أن ينطلق من الحركية داخل المؤسسة عند الترقيات والانتدابات الجديدة والنقل أو بمناسبة تطوير عمل جديد أو إدخال تطبيقات وأساليب جديدة أو الشروع في إرساء استراتيجيات أو إرادة في تعلم معلومات لم تكن متاحة من قبل.
ونجاح التكوين يبدأ من عملية تحديد الاحتياجات وتحليلها وهي عملية تتداخل فيها أطراف عديدة منه ما هو استراتيجي كتوجهات عقد البرنامج ومنها ما هو مرتبط بالتغيرات الهيكلية وأنماط التصرف المرتقبة والسلوك العملياتي بمراكز العمل الذي هو في صلب العملية الإنتاجية وتقديم الخدمات مباشرة للحرفاء تحت أنظار المسؤولين والإطارات المشرفة.
تحليل أبعاد التكوين
1- البعد الاستراتيجي: ماهي المشاريع الإستراتيجية التي تعتزم الإدارة العامة والهياكل الإستراتيجية القيام بها في المستقبل؟ وهذا يدخل في سياسة المؤسسة بتفاعل مع المحيط والسياسة العامة للبلاد. وفي غالب الأحيان هذا البعد غير واضح المعالم بحيث يصعب تحويله إلى ندوات تكوينية.لكن الإستراتيجية الثابتة والدائمة هي تحسين جودة الخدمات المقدمة للمنظورين الاجتماعيين والتي تتفرع عنها استراتيجيات أخرى كتكثيف المراقبة واستعمال التقنيات الحديثة من تطبيقات وأدوات اتصال وغيرها وتطوير اللامركزية وتبسيط الإجراءات وتقليص الآجال وتقريب الخدمات من المواطن ويمكن إضافة استراتيجيات أخرى مثل تقليص كلفة الخدمات والتحكم في الطاقة والإدارة الالكترونية التفاعلية المندمجة وبعث بنك معلومات مستقل بذاته عن آليات التصرف وإرساء منظومة التصرف في الموارد البشرية حسب تمشي الكفاءات.
2 - البعد العملياتي: وهو ما يحتاجه العون لتطوير عمله ومهاراته قصد تحقيق متطلبات مركز العمل ويتأتى ذلك عن طريق التقييم الموضوعي بعد مقارنة ميدانية مباشرة لما هو مطلوب بما هو منجز فعليا وهذا الأمر يتطلب معايير محددة مسبقا ووجود إجراءات واضحة وأدوات عمل كافية وهذه الأرضية غير متوفرة الآن بصفة متجانسة ومتكاملة بجميع هياكل الصندوق مع الغياب الكلي للتقييم الدوري للأعوان من ناحية النشاط والمردود والفاعلية.
وستركز إدارة التكوين على هذا الأمر في المستقبل ليكون التكوين نابعا عن حاجة أكيدة للعون وذا مردودية أرفع باقتراح التقييم الدوري من طرف هياكل الصندوق لجميع الأعوان حتى تتمكن من الوقوف على احتياجاتهم التكوينية بعد تحليل نتائج نشاطهم وسلوكهم ومهامهم في مراكز عملهم وتكوين بنك معلومات متكون أساسا من بطاقات عمل ووظيفة وكفاءة لكل فرد.
وهذا التوجه يتطلب تكوين خلية بكل إدارة تهتم أساسا بتحديد الاحتياجات التكوينية لأعوان الهيكل المعين وتكون باتصال وتفاعل مع إدارة التكوين بصفة مستمرة في كل ما يخص تكوين الأعوان وخاصة عند تحضير المخطط أو البرنامج السنوي للتكوين.
3- البعد التأقلمي: كل ما يجد من تغييرات على مستوى آليات العمل كالتطبيقات والإجراءات والإحداثيات والمعلومات الجديدة تتطلب تكوينا إما فرديا أو جماعيا وهو الغالب في أكثر الأحيان لأن هذه التغيرات تشمل وظيفة معينة من العمل يشترك فيها عدد كبير من أعوان إدارة معينة وخاصة أعوان وإطارات الهياكل الجهوية والمحلية.كما أن هذا النشاط يهم أيضا حركية الأعوان داخل الصندوق بمناسبة الترقيات والنقل والانتدابات الجديدة بحيث الانتقال من مركز عمل إلى آخر أو تسلم عمل لأول مرة يحتاج إلى تكوين خصوصي حتى يتم التأقلم بسرعة وعلى أسس صحيحة.
وفي هذا الباب ستطبق إدارة التكوين تمشيا جديدا من أهم عناصره متابعة هؤلاء الأعوان لمدة معينة وخاصة الجدد منهم وتمكينهم من تكوين خصوصي كلما اقتضت الحاجة لذلك في الإدارات المركزية وتحت إشراف مكونين مختصين تابعين للصندوق في الخدمة المعنية وذلك بمعالجة ملفات حقيقية.
4- البعد التطويري للكفاءات: يساهم التكوين زيادة على تنمية مهارات العون في تقوية وازع الانتماء للمؤسسة بحيث يشعر باهتمامها به كعنصر فعال منتج للثروة وله قيمة اجتماعية ومعنوية فتزيد إنتاجيته وحماسته للعمل ويكون سلوكه إيجابيا كنتيجة للحوافز التكوينية التي يتلقاها طوال حياته المهنية.
ولهذا فالتكوين المستمر الذي يمنح العون الإفادة لتحقيق ذاته من خلال الحصول على مؤهل تكويني يمكنه من الترقية عن جدارة واستحقاق يزيد من تعظيم الالتزام المؤسساتي ولهذا فإدارة التكوين تعتزم الشروع في برنامج التكوين المستمر عن بعد بواسطة الوحدات القيمية بعد تحديد محتوى الدروس والإجراءات والمؤسسة التعليمية التي ستشرف على العملية.
5-البعد التفاعلي: بما أن التكوين هو عملية تشاركية بين إدارة التكوين والإدارات الأخرى وخاصة في بعديها الأساسيين المتمثلين في تحديد احتياجات التكوين وتقييم أثر التكوين على مركز العمل فإن التعاون بين هذه الهياكل سيعطي التكوين أبعادا جديدة وجدوى أكثر وستتكفل إدارة التكوين بمساعدة الإدارات المعنية لتطبيق طرق جديدة لتحديد هذه الاحتياجات وتقييم أعوانها. كما أن هذه الإدارات ستكون وجهة للتكوين الخصوصي وعلى عين المكان وبمعالجة ملفات حقيقية لأنه قد لوحظ من خلال متابعة الدورات التكوينية العادية بأن الجانب النظري هو الغالب على حساب الجانب التطبيقي.
6- البعد الإجرائي:الكثير من الأعمال التي تقوم بها إدارة التكوين لا تنظمها إجراءات مكتوبة ومثال ذلك المتربصون الخارجيون وخدمات الاستراحة وعمل ومهام مركز التكوين بالمنزه السادس وغيره وتبعا لذلك ستشرع إدارة التكوين في كتابة مشاريع كراسات إجراءات لكل الأعمال التي تقوم بها أو إعادة النظر في المذكرات الموجودة والتي لم تعد تتماشى مع الأوضاع الجديدة.
7- البعد المعلوماتي : في انتظار تركيز تطبيقة معلوماتية تمكن إدارة التكوين من الحصول على المعطيات الكافية عن التكوين بجانبيها الكمي والكيفي قصد تحليلها ونشرها وأخذ القرارات اللازمة من خلالها فإن إدارة التكوين ستسعى في المستقبل لتكوين سلاسل زمنية وجداول إحصائية تظهر نشاط التكوين بصفة دورية في جميع المجالات وإعداد جداول قيادة للتصرف والمتابعة وتقارير دورية عن نشاط الإدارة.
8-بعد الموازنة : ستشرع إدارة التكوين في متابعة المصاريف المنجرة عن التكوين ومقارنتها بما هو مسجل لدى إدارة مراقبة التصرف وكذالك إدارة المصالح العامة وتحليل الفوارق والتفاعل مع الهياكل المعنية عند ملاحظة أي خلل. كما ستتابع إدارة التكوين الرصيد المتبقي الخاص بالتكوين والتفاعل مع الإدارات التي لم تبرمج بعد الندوات التي خططت لها مسبقا ضمن وثيقة المخطط السنوي للتكوين لتقدم توضيحاتها في الغرض.
كما ستقوم إدارة التكوين بتحديد الكلفة الحقيقية للبرامج التكوينية المختلفة حسب عناصرها المكونة لها للتمكن في ما بعد من قياس أثر التكوين.
9- البعد التكويني: للتكوين عناصر متعددة ومتداخلة وأهمها المشارك في التكوين والمكون وموضوع التكوين وبيئة التكوين.فالمشارك يختار حسب حاجته للتكوين الذي يهمه موضوعه، والمكون هو أساس العملية التكوينية وله مواصفات محددة ودراية بالموضوع وله خبرة ومعرفة ويحذق أدوات التبليغ والتكوين. أما موضوع التكوين فهو محور الدرس الذي سيقدم للمشاركين وفق روزنامة معدة مسبقا. كما أن مكان التكوين والظروف المحيطة به قد تساعد على فشل أو نجاح العملية التكوينية. والملاحظ أن الصندوق لا يتوفر على مركز تكوين عصري ومتطور ومستقل وبه جميع مستلزمات التكوين فهو عبارة عن قاعة للاجتماعات بها بعض المستلزمات البسيطة والعادية التي لا تلبي الغرض في الوقت الحاضر.
أما المكونون وعددهم قليل حسب الاختصاصات والمواضيع والكثير منهم سيغادر المؤسسة بحكم بلوغ سن التقاعد مما يستوجب تكوين مكونين جدد على أسس صحيحة بالإستفادة من المكونين القدامى. كما يمكن النظر في إمكانية الإنتفاع بخدمات المكونين الذين تقاعدوا منذ مدة قصيرة أو الإطارات الكفأة المتقاعدة في الإشراف على المكونين الجدد أو المصادقة على محتوى سندات تكوينية ضمن لجان تحدث في الغرض.
وقد تمت معاينة بعض النقائص التي من المنتظر وضع خطة لتلافيها في المستقبل ونعني بذلك عدم وجود سند تفصيلي للتكوين وبرنامج واضح وسندات بيداغوجية توضيحية كافية مع غياب الجانب التطبيقي في الكثير من الأحيان وهذا في حد ذاته يقلص من جدوى التكوين مما يحتم على إدارة التكوين الاعتناء بهذه الجوانب كما يحفزها لمتابعة المشاركين في التكوين بعد انتهاء الدورات والرجوع لمقر العمل. كما يمكن في بعض الحالات الالتجاء إلى التكوين الخصوصي بالنسبة للخدمات الهامة.
ويعد تكوين المكونين الجدد بالقدر الكافي خاصة بالنسبة للخدمات الأساسية ضرورة إستراتيجية ستوليها إدارة التكوين العناية اللازمة بداية من سنة 2014 وذلك باستشارة الإدارات المعنية والمكونين القدامى. كما يلاحظ غياب صفة المكون من الناحية القانونية والإجرائية بالصندوق وكذلك غياب المصادقة العلمية على المعارف التي يقدمها المكونون الداخليون سوى صفة كفاءة معترف بها ضمنيا وبدون وجود مؤشرات موضوعية محددة في الغرض مما يتطلب تقنين صفة مكون بالصندوق وهذا من المهام المستقبلية لإدارة التكوين.
10- البعد التقييمي: لا يستقيم التكوين بدون تقييم ثم تقويم وأنواع التقييم متعددة لكن أهمها أربعة أنواع وهي التقييم المعرفي التعلمي ويتم خلال الندوة التكوينية من طرف المكون نفسه ثم نجد تقييم رد الفعل بعد المشاركة في التكوين مباشرة وهذا ما تقوم به إدارة التكوين حاليا وهو تقييم انطباعي شخصي .ومن أهم التقييمات هو تقييم سلوك العون بمركز العمل لملاحظة الاستفادة من عدمها من برنامج التكوين المقدم وهذا من المشاريع المستقبلية لإدارة التكوين. أما التقييم الرابع والذي يتطلب وجود بنك معلومات حول تكلفة عمليات التكوين من نواحي المدخلات والمخرجات وذلك لحساب النتائج المتولدة عن التكوين ثم تقييم النتائج وهي طريقة يصعب تطبيقها في الوقت الحاضر.
11- البعد التنظيمي والهيكلي:لا يمكن تحقيق هذا البرنامج دون تطوير هيكلية إدارة التكوين حسب التمشي الوظيفي للتكوين المعتمد في هندسة التكوين فالملاحظ حاليا هو استحواذ وظيفة تنفيذ التكوين على جل العملية التكوينية على حساب مرحلتي تحديد الاحتياجات والتقييم مما يخلق عدم توازن تنظيمي. ومن الأعمال المستقبلية لإدارة التكوين هو إعطاء الأهمية اللازمة لتحديد وتحليل الاحتياجات المنطلق الفعلي لكل عملية تكوين ثم تقييم العمل التكويني خلال وبعد الانتهاء من العملية التكوينية.
12- بعد الموضوعات المستقبلية: من الموضوعات المهمة التي ستشرع إدارة التكوين في تنفيذها نذكر بالخصوص :
- جودة الخدمات
- الاستقبال
- لا مركزية الخدمات
- تكوين مكونين جدد
- بنك معلومات للخدمات
- التكوين الداخلي عن بعد
- الإدارة الالكترونية
- التكوين بمركز العمل
- تكوين فرق عمل لإيجاد حلول للمشاكل المطروحة
- التكوين على العمل الجماعي
- التكوين على آليات التقييم
- التكوين على تحديد وتحليل الاحتياجات التكوينية
- التكوين على تحليل المعلومات وكتابة التقارير
13- بعد الإمكانيات المتاحة: الإمكانيات الحالية المتاحة بالإدارة الفرعية للتكوين لا تتوفر على الحد الأدنى من الموارد البشرية كما وكيفا حتى تقوم بصورة فعالة بمهام إدارة وتقوم بتنفيذ المهام الموكولة لها حسب الطموحات المنتظرة من التكوين والإستراتيجية المستقبلية التي تهدف إلى تطوير كفاءة الموارد البشرية لتحقيق الجودة الشاملة.
فمن الناحية البشرية يوجد بالإدارة الفرعية للتكوين أربعة أعوان فقط للقيام بالأعمال الأفقية والعمودية المتعلقة بستة محاور وذلك بصفة مستمرة:
التكوين داخل الصندوق بالاعتماد على الكفاءات الذاتية
التكوين داخل الصندوق بالاعتماد على كفاءات خارجية مختصة
التكوين الداخلي الخصوصي
التكوين خارج الصندوق بالاعتماد على مكاتب خاصة
المهمات بالخارج
المتربصون الخارجيون
أما الأعمال الأخرى العرضية فهي كالتالي:
- المخطط السنوي للتكوين
- التقرير السنوي للنشاط
- التراخيص لمواصلة الدراسة
- التأطير بمركز التكوين بالمنزه السادس
- المشاركة في إعداد إجراءات المناظرة الداخلية
- دراسات حول التقييم الفوري
- حضور مداولات لجنة التكوين
- مراقبة الفواتير الخاصة بالتكوين
- إعداد أذون الدفع
- تسجيل المشاركين في التكوين
- إعداد الميزانية
ويلا حظ غياب شبه كلي لتنظيم الملفات بطريقة علمية وكذالك المراسلات الصادرة والواردة لغياب كاتبة منذ مدة طويلة عن الإدارة الفرعية للتكوين مما خلق اضطرابا في الأرشيف المتداول يصعب من مهمة المتابعة والبحث عن المعلومة اللازمة.
أما من الناحية التكوينية والبيداغوجية فما يسمى بمركز التكوين بالمنزه السادس هو عبارة عن قاعة اجتماعات لا تتوفر فيها الضرورات اللازمة للتكوين المعاصر والحديث من حيث التنظيم والهيكلة والأدوات والإمكانيات البيداغوجية واللوجستية وخاصة الاستقلالية المكانية.
ويحدث أحيانا أن يتعطل ويتوقف التكوين لأن إجتماعا طارئا سيقام بهذه القاعة كما أن بعض الإدارات تتسلم أدوات تابعة لإدارة التكوين كأدوات العرض والحواسيب دون استشارتها أو طلب موافقتها المسبقة مما يؤثر سلبا على تنظيم الدورات.
ولهذه الأسباب وغيرها يستحسن بعث مركز تكويني حسب المواصفات العالمية ومستقل بذاته مكانيا وتابع عضويا ووظيفيا لإدارة التكوين وتتوفر فيه كل الإمكانيات البيداغوجية اللازمة والضرورية.
الخاتمة
لا يمكن للمؤسسة العصرية أن تواكب التغيرات المحيطة بها وتتطور تماشيا مع محيطها وحسب متطلبات ورغبة حرفائها ومنظوريها دون الاعتماد على تكوين مواردها البشرية التي تمثل ثروة حسب مفهوم رأس المال البشري وليست عبئا كما كان يفكر رجال الأعمال في عصر الثورة الصناعية.
ومن هذا المنطلق اجتهد الصندوق منذ فترة طويلة في تنظيم وهيكلة وظيفة التكوين حسب الإمكانيات المتاحة والاستراتيجيات المتبعة فمرت من مصلحة بسيطة تابعة للإدارة الموارد البشرية إلى إدارة كاملة الصلاحيات ثم إلى إدارة فرعية وهو حالها اليوم. وهناك تفكير يفيد برجوعها إلى إدارة مستقلة عن إدارة الموارد البشرية بمناسبة إعادة النظر في التنظيم الهيكلي للصندوق. والمهم في الأمر ليس الهيكل في حد ذاته بل في محتوى البرامج والتصورات والأدوات المتاحة والتمشي المتبع ونظرة المؤسسة للتكوين الفعال والهادف.
فالتكوين هو استثمار في المعرفة وأموال تصرف لتحقيق نتيجة ملموسة وعائد يمكن قياسة على أرض الواقع وهذا لا يمكن القيام به دون وجود أرضية تنظيمية وهيكلية تمكن من تحديد الاحتياجات التكوينية حسب الطرق العلمية ثم القيام بعملية التقييم وذلك بتطبيق مشروع هندسة التكوين.
ومما لا شك فيه فإصلاح منظومة التكوين يبدأ بتحديد الإستراتيجية القريبة والمتوسطة المدى ثم البعيدة المدى على النحو التالي بعد أن تم في هذه الورقة تحليل ولو بصفة مقتضبة للوضعية الحالية والتصورات المستقبلية والعوائق الموجودة:
1. تحديد الإستراتيجية المستقبلية: هل هي عملية تنظيمية وهيكلية لما هو موجود حاليا أم تغيير تطوري كلي أو جزئي لعملية التكوين بإتباع تمشي هندسة التكوين؟
2. تحديد الهيكل والآليات والإمكانيات البشرية والمادية التي تمكن من بلوغ الهدف المنشود والإستراتيجية المعتمدة سلفا.
3.تنفيذ الإستراتيجية المتبعة ومتابعتها بالتقييم والتقويم.