عبد الرحمن خضر
--------------------------------------------------------------------------------
من أعذب الأصوات التي أدت المقام العراقي بحرفية عالية قارئ المقام الكبير عبد الرحمن خضر ..
كل ما أعرفه عنه / إسطوانة جاءت من بغداد الحبيبة كبرت معها واحببتها إلى درجة أنني لا أستطيع النوم إلا على "يا من عليك المدامع جارية وألروح/
مقاميون في الذاكرة ..
ستار جاسم ابراهيم
لقد احدث مطرب العراق الاول محمد القبانجي تحولاً جذرياً في الطريقة الادائية المقامية، بعد ان حررها من تلك القيود التي وجد فيها عائقاً امام تألق الفنان المقامي الذي يؤديه،
ومن المعلوم ان قارئ المقام الجيد لا بد له من مساحة من الحرية التي نطلق عليها المقيدة إذ لا يعقل ان تعطي الحرية وبكل مدياتها المفضية في النهاية الى الفوضى والعبث .. وقد ثارت في حينها ثائرة البعض من المقاميين المطالبين بابقاء القديم على قدمه متناسين ان الوقت او الزمن لم يعد في صالحهم .
ففي عشرينيات القرن الماضي كان الراحل رشيد القندرجي وبطريقته المقامية المتوارثة، كان هو المهيمن على الساحة المقامية، غير ان ظهور القبانجي بطرائقه وتجديداته المقامية، واستحداثه العديد للمقامات الجديدة الفرعية او التي كانت تؤدى ضمن المقامات الرئيسة كالرست والسيكاه والحجاز ديوان والعجم والنوى، لهذا تجد ان للقبانجي وبفترة قصيرة كثيراً من المقلدين والتلاميذ ومنهم الراحلون يوسف عمر وناظم الغزالي وحمزة السعداوي وعبد الرحمن خضر صفر البياتي الذي نحن بصدد الحديث عنه.
ولد عبد الرحمن خضر في محلة الفضل الشعبية التي تخرج فيها الكثير من المقاصيين الكبار امثال احمد الزيدان وهو احد اساتذة الرائد المقامي رشيد افندي القندرجي.
دخل عبد الرحمن خضر على جري عادة أهل بغداد، الى الكتاتيب ليتعلم قراءة القرآن ومن ثم تجويده بالالحان المقامية المعروفة، ثم قصد المدرسة الابتدائية في محلة الفضل وانهى الابتدائية وتوجه الى المتوسطة الغربية، لكن حبه المقامات العراقية وشدة ولعه بها صرفه عن اكمال دراسته هذه.
وفي سنة 1939 أخذ يتردد على الامكان التي تقرأ فيها المواليد والاذكار والتهاليل خاصة في مساجد الفضل والشيخ عبد القادر الكيلاني وجامع الخلاني، وبعض البيوتات التي تقيم هذه الانشطة المقامية بمناسبات المولد النبوي وعيد رأس السنة الهجرية وذكرى معركة بدر وغيرها من المناسبات الشخصية كالزواج والختان وغيرهما.
قرأ عبد الرحمن خضر مقام الاوج اول مرة امام استاذه القبانجي وذلك سنة 1941عندما كان القبانجي في زيارة لأحد بيوتات اصدقائه في شارع الكفاح، فاستحسن صوته وطريقته البغدادية الصرفة، والمعروف عن المقامي محمد القبانجي عدم مجاملته لأحد إلا اذا كان فعلاً يمتلك الموهبة والحنجرة التي بامكانها أداء هذا النوع من الغناء الذي لا تجد له مثيلاً في العالم العربي. وكانت نتيجة تشجيع القبانجي له اخذ عبد الرحمن يقدم مقاماته وبستاته في الحفلات التي تقام في البيوتات، وتشجع اكثر حين وجد ان لصوته صدى بين جمهور كبير دخل على اثر دار الاذاعة اللاسلكية (إذاعة بغداد) ليقوم باختباره المرحوم رشيد القندرجي والممثل الراحل عبد الله العزاوي فقرأ لهما مقامي الاورفة والمنصوري ونجح في الاختبار، وكانت اول حفلة له على مستوى الاحتراف من اذاعة بغداد بمقام الاورفة وبستة (ربيتك زغيرون عيني حسن) ثم تتالت حفلاته في الاذاعة والبيوتات، وسافر شرقاً وغرباً كونه عضوا في فرقة الفنون الشعبية ولكونه كان اقدم من القارئ يوسف عمر فقد دخل في منافسات قرائية معه ولكن كانت الغلبة ليوسف عمر . رحم الله عبد الرحمن خضر فقد كان يمتلك صوتاً بغدادياً أصيلاً وحباً لا مزيد عليه لتراث الاباء والأجداد هو المقام العراقي