عبد الله مناعي رائد الأغنية السوفية
ولد الفنان" عبد الله مناعي " سنة 1941م بمدينة وادي سوف ، هذه الفترة التي عرفت هزات الحرب العالمية الثانية ، وقد كانت الجزائر و منطقة الوادي بالتحديد تعاني ويلات البطالة و الفقر ومظاهر المجاعة و التشرذم الاجتماعي.
انتقلت أسرته إلى تونس أين كبر عبد الله و تعلم القرآن و بحكم التقارب الثقافي بين أهل وادي سوف و التونسيين لم يشعر عبد الله بالاغتراب بل بالعكس اندفع يغترف من الفن و الثقافة التونسيين . و هكذا جمع عبد الله الثقافتين الجزائرية والتونسية ما انعكس على إنتاجه الفني من بعد.
انخرط عبد الله الى فرع الكشافة الجزائرية في تونس أين تشبع بالروح الوطنية و بدأ يشعر بالأزمة التي تمر بها بلده تحت نير الاستعمار .و تعلم الأناشيد الثورية والكشفية التي اكتشف من خلالها مقدرته المتميزة على الغناء .
في 1955م و في الرابعة عشرة من عمره فقد والده ، وبدأت أعباء الأسرة تزداد ولم يكن الحال في تونس بأحسن من الجزائر ، فقرر الشاب عبد الله مناعي البحث على مصدر قوت يعول به اهله و امه التي ترملت في عز شبابها ، في 1959م سافر الى فرنسا ككل
الجزائريين باحثا على عمل ، وفيها كان يشارك في الحفلات التي تنظمها الودادية الجزائرية بأوربا ، لكن حلم العودة الى الوطن بقي يراود عبد الله حتى استقلت الجزائر في 1962م .
في 1970م عاد عبد الله مناعي الى الجزائر و الى وادي سوف موطنه الأصلي ، ليجد أن المدينة بدأت تكبر وتتغير و بدأت مظاهر الغبن والفقر تزول عنها . ففتح ورشة للحدادة يشتغل فيها صباحا ، و في المساء كان يمارس هواية الغناء بينه وبين نفسه .
التحق في مدينة الوادي بالفرق الموسيقية التي كانت تحيي حفلاتها و أفراحها، وراح يغني التراث المحلي والأغاني التونسية والليبية أحيانا بحكم ان مدينة الوادي منطقة تقاطع بين تونس وليبيا والتراث المحلي مشترك يجمع بينهم . وبقي مناعي يبحث عن لون يميزه عن المغنيين الآخرين ، فوجد في آلة الزرنة " المزمار " الصوت المناسبة لأداء اللون التراثي.
1976م كانت هذه السنة هي سنة التفتق والانفجار العبقري للفنان عبد الله مناعي ، فمن خلال التلفزيون ظهر مناعي بعباءته السوفي ومزماره يصدح بألوان الغناء السوفي الذي لم يكن يعرفه معظم الجزائريين ، فعشق الناس هذا الفنان لخفة دمه وبساطة لبسه و فصاحة لغته التي كان يفهمها كل الناس ، وذاع صيته فراح يغني في الحفلات الكبرى ، ويمثل الجزائر في المحافل الدولية .
واستطاع عبد الله مناعي بتمسكه بتراث مدينته وادي سوف التي تزخر بتاريخ عميق وبتراث ثري من الأغاني القديمة أن يدخل إلى العالم بدون أدنى تكلف .
وما زال عبد الله مناعي يمارس الغناء في المناسبات ، وقد غنى مع نجوم الغنية العربية مثل المطربة " هيام يونس " التي غنت معه أغنية " يا بنت العرجون ". ومازال سكان وادي سوف يكنون كل الاحترام لهذا الابن البار الذي لم يتنكر لمدينته وأهله بل أصبح رمزا من رموز المدينة .