سويسرا بلد يتوسد ثروات العالم. مصارفها هي التي تأتي إليها الودائع والأموال من أركان الكرة الأرضية. جوزيف سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، هو الوحيد في العالم الذي اعتذر عن عدم لقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، والفرنسي نيكولا ساركوزي في المواعيد التي حددها البيت الأبيض والإليزيه، بسبب «جدول أعماله». رجل يأمل ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية أن يلتقي به فور انتهاء نهائيات مونديال جنوب أفريقيا، لأن البريطانيين يريدون تنظيم مونديال عام 2018. يقول بلاتر «الاهتمام الآن هو المونديال الحالي». بلغة أخرى على كاميرون أن ينتظر.
يقول الناقد الرياضي نجيب السلمي، وهو من أبرز النقاد الرياضيين الذين يكتبون بالفرنسية ويعرف بلاتر عن قرب: «بلاتر ذكي للغاية، وقوة عمل خارقة للعادة، ليس في حياته سوى العمل، لا شيء سوى العمل، هو الذي يقرر في كل صغيرة وكبيرة داخل الفيفا». يضيف السلمي الذي عرف بلاتر عن قرب منذ العام 1974: «هذا الرجل جعل من المراوغات سياسة، وعرف كيف يطابق واقع الحال مع حقائق يصنعها هو». عندما سألت السلمي: هل صحيح أنه ثعلب كما يقول بعض من عرفوه؟ أجاب: «هو كذلك وأكثر من ذلك».
ولد بلاتر في فيسب في مقاطعة (كانتون) فاليس في سويسرا في العاشر من مارس (آذار) 1936، ويخطط الآن للبقاء على رأس الاتحاد الدولي لكرة القدم حتى عام 2022، أي حتى يبلغ من العمر 86 سنة. وهو احتمال ليس بعيدا. إذ إن البرازيلي جواو هافيلانج ظل رئيسا للاتحاد حتى عام 1998، كان يبلغ آنذاك 82 سنة، قبل أن يخلفه بلاتر في مؤتمر الفيفا الذي انعقد في باريس في يونيو (حزيران) من ذلك العام، على هامش مونديال فرنسا.
درس بلاتر في سيون وتخرج بدرجة في الاقتصاد والأعمال من جامعة لوزان السويسرية عام 1959. عمل في عدة مجالات، حيث كان «يبحث عن نفسه» كما يقول دائما. عمل في مجال السياحة، وتنظيم بعض التظاهرات، ثم انتقل إلى مجال الصناعة، وهي التي ستؤدي إلى دخوله إلى إمبراطورية الفيفا، وذلك عن طريق تسويق منتجات شركة «أديداس» الألمانية لصناعة الأحذية والملابس الرياضية. أقنع الفرق والمنتخبات أن «أديداس» تحقق النجاح. إلى حد أن كثيرين اعتقدوا أن الماركة التجارية، من صنع «الفيفا».
لا أحد يعرف علاقة بلاتر مع كرة القدم. يقول نجيب السلمي «بلاتر يقول إنه مارس لعبة كرة القدم هاويا، لكن أعتقد أنه ليس دقيقا عندما يقول ذلك، لا أظن أن له علاقة سابقة مع اللعبة التي يقودها الآن». ويشرح السالمي ذلك قائلا: «قبل بلاتر العمل مع هافيلانج سكرتيرا إداريا في الاتحاد الدولي لكرة القدم لأنه لم يكن له الحق حتى في الترشح لمنصب السكرتير العام للفيفا، إذ إنه لم يسبق له أن عمل مع اتحاد كروي، لكنه استطاع أن يعدل بعد ذلك القوانين ليس فقط ليصبح سكرتيرا عاما بل رئيسا للفيفا». كان يفعل كل شيء وينسبه إلى رئيسه البرازيلي جواو هافيلانج.
في الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم، نبذة تقول إنه لعب كرة القدم هاويا في بلده سويسرا. وفي عام 1964 كان السكرتير العام للاتحاد السويسري للعبة الهوكي على الثلج. بعد ذلك مارس «الصحافة الرياضية» وعمل في مجال الصناعة. وشارك في تنظيم الألعاب الأولمبية في سويسرا عام 1972. يقول الموقع إنه من خلال تلك التجربة «اكتسب العمل في المجال الرياضي الدولي». بلاتر هو الذي جعل الصحافيين الرياضيين في جميع دول الدنيا، يخرجون من اتحادات الصحافيين، ويشكلون روابطهم.
عمل بلاتر في الفترة من 1975 وحتى 1981 مديرا فنيا في الاتحاد الدولي لكرة القدم، ثم سكرتيرا عاما من 1981 وحتى انتخابه رئيسا للاتحاد عام 1998. في تلك السنة كان منافسه السويدي لينارت يوهانسن، وكانت حظوظ بلاتر ضعيفة جدا لأنه لم يكن عضوا في يوم من الأيام في اتحاد للكرة، لكنه فاجأ الجميع وفاز.
يومها لجأ «الثعلب» إلى حيلة ذكية. أجرى حوارا مع المجلة الفرنسية الأسبوعية «فرانس فوتبول». قال بلاتر إن رصيد الاتحاد الدولي لكرة القدم كان في حدود ألفي فرنك فرنسي (لم يكن هناك يورو)، وأصبح الآن مليارات الفرنكات (في عام 1998) ودعا إلى المحافظة على هذا الرصيد المالي الضخم. وقال في ذلك الحوار «أخشى أن يأتي رئيس جديد بعد جواو هافيلانج ولا يعرف كيف يتصرف في هذا الرصيد المالي، لذلك وبما أنني عملت 17 سنة في منصب السكرتير العام، أقترح أن أعمل معكم لفترة قصيرة حتى نضمن الحفاظ على هذه الثروة ثم بعد ذلك أنسحب».
نجت خطة بلاتر. كان يحتاج إلى شيئين: بعض المال للإنفاق على حملته الانتخابية، وبعض الأصوات خارج أوروبا. وفي كتاب صدر بعنوان «ريد كارد» (البطاقة الحمراء) نشرت وقائع حول شراء أصوات من أفريقيا والعالم العربي لصالح بلاتر. من الذي دفع ومن الذي قبض. لا أحد يستطيع أن يجزم.
عندما أعاد ترشيح نفسه عام 2002، طفا من جديد الحديث عن «الفساد المالي» للرئيس بلاتر. نشرت الصحف البريطانية وقتها الكثير من الحكايات حول «المخالفات المالية وصفقات خلف الأبواب الموصدة، واتهامات بتوزيع رشاوى». ونسب يومها إلى فرح أدو نائب رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ورئيس الاتحاد الصومالي للكرة قوله إنه تلقى مبلغ مائة ألف دولار ليصوت لبلاتر عام 1998.
قال الصومالي فرح أدو، نائب رئيس الاتحاد الأفريقي بأن مائة ألف دولار عرضت عليه نظير التصويت لصالح بلاتر. وقال أيضا إنه رفض العرض، لكن اثنين من زملائه الصوماليين في الاتحاد الأفريقي قبلا أموالا وتذاكر طيران. ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية وقتها عن فرح أدو قوله إن الاتحاد الأفريقي قرر منح جميع أصواته البالغ عددها واحدا وخمسين صوتا للسويدي لينارت يوهانسن. وطبقا للصحيفة قال أدو «بعد ذلك تلقيت مكالمة هاتفية من السفير الصومالي لدى إحدى دول الخليج الذي قال لي إن صديقا يريد أن يعرض عليك مائة ألف دولار لتغيير صوتك، وإن نصف المبلغ سيدفع نقدا والنصف الآخر في صورة أدوات رياضية». لكن بما أن الصومال ظلت مثالا للدولة الفاشلة، التي تمزقها الحروب ويعشعش فيها الفساد، لا أحد صدق رواية الرشوة. بيد أن ضربة موجعة سيتلقاها بلاتر من ميشيل زين رفينين السكرتير العام للفيفا الذي سينشر تقريرا في 30 صفحة يتحدث فيه عن «مخالفات مالية خطيرة» ارتكبها رئيس الفيفا، مشيرا إلى أن أخطاء بلاتر كلفت الاتحاد الدولي كرة القدم زهاء 100 مليون دولار.
وأدى ذلك التقرير إلى أن تفتح الشرطة السويسرية تحقيقا حول قضايا الفساد المالي كان يمكن أن يؤدي ذلك إلى اعتقال بلاتر، بتهمة مخالفة القوانين السويسرية، لكن «الثعلب» لا يسقط بهذه البساطة. قال للسويسريين: «حسنا يمكنكم أن تطبقوا علي القانون السويسري لأنني مواطن سويسري، لكن أموال الفيفا ملك لكل العالم وبالتالي لا يمكنكم أن تطبقوا عليها قوانين محلية». وأضاف «هناك سوء إدارة في الفيفا ولا توجد أخطاء شخصية، وبالتالي لا يمكنكم التدخل في الشؤون الداخلية لمنظمة عالمية تضم في عضويتها أعضاء أكثر من الأمم المتحدة وتتم إدارتها بشفافية تامة، ولا يوجد فيها أعضاء لهم حق الفيتو بل الجميع متساوون». قال هذا علنا، لكنه سرا راح يتفاوض مع الحكومة السويسرية. قال لهم بوضوح «إذا تمسكتم بموقفكم فإنني سأقترح على مؤتمر الفيفا الذي سينعقد على هامش مونديال اليابان وكوريا الشمالية، نقل مقر الفيفا إلى موناكو، حيث لا ضرائب ولا ملاحقات قانونية، أو إعادتها إلى مقرها الأصلي في لندن، عليكم أن تختاروا».
ماذا حدث؟ لا شيء. تراجع السويسريون. ثم طرد ميشيل زين رفينين من منصبه، قبل انطلاق نهائيات مونديال عام 2002 الذي كان يريد على هامشه التجديد لنفسه، رئيسا جديدا منتخبا. كان بلاتر يعرف أنه سيواجه الكاميروني عيسى حياتو رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. مرة أخرى لجأ إلى لعبته المفضلة: الغموض. صفقات الغرف المغلقة. الوعود.
في «الغموض» قال إنه غير راغب في البقاء، على الرغم من أنه كان يأمل أن يغير بعض القوانين حتى يرتفع إحراز الأهداف في المباريات. كرة القدم هي الأهداف، من إذن الذي لن يقبل هذا الاقتراح المثير.
في «صفقات الغرف المغلقة» قال إنه يخشى خسارة موقعه بالفعل لأن 53 صوتا أفريقيا ستذهب إلى جانب عيسى حياتو، وراح منافسه يركز على أصوات الأوروبيين وأميركا اللاتينية، على اعتبار أن أصوات أفريقيا مضمونة. لكن «الثعلب» كان ضمن تصويت 23 اتحادا أفريقيا لكرة القدم، وباع الوعد نفسه لكل اتحاد كروي «الفيفا مهتمة بتطوير كرة القدم في بلادكم». وزاد وعدا يغري الدول الفقيرة «لا بد أن تسهم الفيفا في بناء الملاعب في الدول التي ليست لها ملاعب كافية».
في الوعود أطلق وعدا براقا حين قال «إذا بقيت على رأس الفيفا لا بد أن ينظم كأس العالم عام 2010 في أفريقيا، لأن المنطق يقتضي تبادل تنظيم المنافسة بين القارات» وقتها كانت المغرب وجنوب أفريقيا تتنافسان على احتضان المونديال.
قدم المغاربة ثلاث حجج. قالوا أولا، نحن أقرب دولة أفريقية إلى أوروبا، بحيث يمكن أن يشاهد الناس المباريات في طنجة مثلا، ويعودون لتمضية ليلتهم في إسبانيا التي لا تبعد سوى ساعة بواسطة عبارة سريعة تقطع مضيق جبل طارق بين الضفتين.
قالوا ثانيا نحن سنوفر الأمن للفرق والجمهور. وقالوا ثالثا للأوروبيين، شركاتكم ستكون هي الرابح الأكبر إذا حصلنا على تنظيم المونديال، لأنها ستعمل على تشييد الملاعب والطرق والفنادق والبنيات التحتية.
قدمت جنوب أفريقيا ثلاث حجج. أولا نحن أفضل نموذج في القارة الأفريقية للتعايش بين الحضارتين الغربية والأفريقية بعد انتهاء سنوات التمييز العنصري. ثانيا نحن لدينا ملاعب جاهزة. وهي الملاعب التي شاهدناها في هذا المونديال. ثالثا نحن لدينا «نيلسون مانديلا».
كان المونديال يمكن أن يأتي للمغرب لولا خطأين قاتلين. الخطأ الأول أن المغاربة كلفوا أحد كوادرهم من «الفرانكوفونيين» بالترويج للملف. والخطأ الثاني أن المغاربة وقفوا إلى جانب عيسى حياتو، لأنه «أفريقي» في مواجهة بلاتر «الأوروبي»، وكانت النتيجة أن بلاتر كسب الجولة ضد عيسى حياتو، وقرر أن يكون المونديال في جنوب أفريقيا.
من بين أصعب المواقف التي واجهت بلاتر «غضب الأوروبيين» عليه، وهنا تقفز إلى الواجهة أربع حوادث. الأولى عندما انتقد الحكام الأوروبيين، وقال «إنهم جهلة يوزعون الكثير من البطاقات الصفراء على اللاعبين، وكان الأجدر لهم أن يمنحوا أنفسهم بطاقات صفراء قبل اللاعبين». والثانية عندما غاب بلاتر عن لحظة تسليم الميداليات في مونديال عام 2006 الذي نظم في ألمانيا. والثالثة عندما ثارت ضده الأندية الأوروبية الكبيرة، التي قالت إن فيفا «تراكم الأموال بفضل لاعبيها المحترفين». قال إداريو الأندية إنهم يتعاقدون مع لاعبين أوروبيين وأفارقة ولاتينيين وآسيويين، وإنهم ينفقون المليارات على اللاعبين المحترفين مما يسهم في رفع مستويات منتخبات بلادهم، وهي لا تتقاضي شيئا.
في الأولى تراجع بلاتر وقال إن انتقاده للحكام الأوروبيين كان «زلة لسان». في الثانية قال إن سبب غيابه مرده إلى أنه يعتقد أن فرنسا كانت أحق بالكأس من إيطاليا، وامتص الغضب لأنه خلق شرخا وسط الأوروبيين. وفي الثالثة قال للأندية الأوروبية ماذا تريدون: المال؟ سأعطيكم إياه. وبالفعل قدم لهم 880 مليون يورو، بحجة أنهم يسهمون في توسيع دائرة الاحتراف.
أما الواقعة الرابعة فكانت أكثر تعقيدا. وتداعياتها لا تزال ماثلة.
اقترحت أيرلندا أن تكون هي المنتخب 33 في مونديال جنوب أفريقيا، على أساس أن فرنسا تأهلت عليها بخطأ اعترف به الفرنسيون. وكانت أيرلندا انهزمت أمام فرنسا في مباراة الذهاب بهدف لصفر. وفي مباراة الإياب كانت أيرلندا متقدمة، لكن المهاجم الفرنسي تييري هنري استعمل يده مرتين في تمرير كرة داخل المربع لزميله وليام غالاس ليحرز هدفا. وعقب هذه الواقعة وجهت انتقادات شديدة إلى بلاتر الذي ظل يرفض اعتماد الحكام على تقنية العرض البطيء بواسطة الفيديو على شاشات الملاعب من أجل احتساب الأهداف أو رفضها. لكن بعد رفض الحكم لهدف أحرزه المنتخب الإنجليزي ضد ألمانيا في المونديال الحالي، وإحراز هدف مشكوك فيه في مباراة المكسيك والأرجنتين، اضطر بلاتر للاعتذار للمنتخبين الإنجليزي والمكسيكي ليمتص الغضب. وقال «بعد تجربة هذا المونديال (جنوب أفريقيا) سيكون غير مقبول عدم فتح نقاش حول البحث عن وسيلة تكنولوجية تساعد على تحسين قدرات الحكام، وسيتم ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لا يمكنني الإفصاح أكثر حول ما ننوي عمله لكن هناك أشياء لا بد أن تتغير».
من أكثر الأمور التي يتقن بلاتر كيف يوظفها طريقة اختيار البلد المنظم للمونديال. هناك 208 اتحادات كروية أعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم. لكن بلاتر جعل قرار اختيار البلد المنظم من مهام المكتب التنفيذي الذي يضم 24 عضوا. يتحكم بلاتر من خلال برامج الفيفا للمساعدات في انتخاب المكتب التنفيذي. إذا كنت مؤيدا للرئيس ستفوز، وإذا كنت معارضا له ستخسر. معادلة موازين القوى، التي تتحكم في كل شيء.
سينظم المونديال المقبل في البرازيل عام 2014. بلاتر لم يحسم بعد في مونديال 2018 والأهم مونديال 2022. قال إنه وعد ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حليفه الأساسي، أن يكون مونديال 2018 في القارة الأوروبية، والأرجح في إنجلترا، وربما تنافسها إسبانيا. لكن بالنسبة لمونديال 2022 الذي ترشحت له قطر، تواجه بلاتر معضلة حقيقية. لكن من الواضح أن «الثعلب» عرف منذ الآن كيف يستعد لها.
في العام المقبل يفترض التجديد لبلاتر، ومنافسه الرئيسي سيكون محمد بن همام القطري، والآسيويون يعتقدون أنهم أحق برئاسة الفيفا. وبن همام على وجه التحديد كان من أقوى حلفاء بلاتر عندما ترشح ضده السويدي لينارت يوهانسن. سيدخل بلاتر اجتماع السنة المقبلة بصفقة واضحة. مونديال عام 2020 في قطر لكن بشرط أن تسحبوا بن همام من التنافس على الرئاسة. وإذا رفضتم فإن الولايات المتحدة راغبة ومستعدة لتنظيم المونديال. وبعد لقاء أجراه بلاتر مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض قبل انطلاق مونديال جنوب أفريقيا، قال للأميركيين «لديكم حظوظ، لماذا لا تترشحون». يقول بلاتر ذلك انطلاقا من أن المونديال يجب أن يكون بالتناوب بين القارات بعد أن كان حصرا على أوروبا وأميركا اللاتينية. وبناء على اقتراح بلاتر دعا 20 عضوا من الكونغرس إلى العمل منذ الآن لتنظيم مونديال عام 2020 في أميركا.
طرح بلاتر شعارا جذابا يقول «الجميع من أجل كرة القدم، وكرة القدم من أجل الجميع». واستطاع عبر حقوق نقل المباريات واحتكار الفيفا للإعلانات في المنافسات التي تشرف عليها، أن يراكم ثروة الفيفا التي تقدر بالمليارات. وهو المسؤول الوحيد في العالم الذي تقول الأوراق الرسمية للفيفا عن راتبه «غير معروف».
تزوج من إنجليزية والدها عمل سكرتيرا للاتحاد الدولي لكرة القدم وله ابنة واحدة. بعد وفاة زوجته غازيلا بيانكا ظل أعزب. لا يميل إلى الحياة الصاخبة. يتحدث أربع لغات هي الفرنسية والألمانية والإيطالية والإنجليزية. يتكلم بنبرة متوقدة حماسا زائدا. لا يعرف كيف يحد من حركته وله طاقة مختزنة للعمل. يتحدث في كل بلد يزوره بما يرضي أهله. يستقبل عادة من طرف قادة الدول. له قدرة مذهلة على الارتجال. في المؤتمر الذي انتخب فيه رئيسا للفيفا في باريس عام 1998، تحدث لمدة ثماني ساعات. لم يكل ولم يمل. ثماني ساعات وهو يدعم حديثه بالأرقام، وينتقل بين اللغات، يتلاعب بالتعابير، كما يتلاعب المهاجمون بالمدافعين في المباريات.
تتجلى مزاياه في إدارة المواقف الصعبة، وأبان عن ذلك حين كان قاب قوسين من الاعتقال في سويسرا بتهمة الفساد المالي. تتحمل أعصابه الانتقادات اللاذعة، يعرف كيف يقلب الطاولة على خصومه في الوقت الذي يختار. لا يحب الأضواء، وهمه دائما، إثبات صواب مشورته مع تسفيه مشورة الآخرين. ذلك كان أسلوبه في اجتماعات الفيفا. يملك كفاءة التعامل مع الطوارئ والمفاجآت وملء الثغرات والفجوات واستيعاب الهزات والصدمات. نشيط ومتحفز، إذا لجأ إليه أحد، لكن هاجسه المستمر رغبته في تمديد مهمته، لذلك فهو على استعداد للالتفاف حول الحقائق لأن همه البقاء بذاته وصفاته سواء كانت أسباب استدعائه قائمة أو أنها انتهت لسبب أو آخر. معرفة الرجل بشؤون الاقتصاد شابها اهتمام زائد بشؤون المال، له رغبة في التعرف على الكثير من النساء، وهو صاحب فكرة كرة القدم النسوية، وذلك وضعه في دائرة علاقات اجتماعية تغطيها الظلال. زلق وغامض وطموح إلى أبعد الحدود وإلى درجة لا ترحم، ويتسم إلى حد ما بالحذر. تعابير وجهه غامضة، لا تعرف إذا كان سعيدا أو غاضبا. جوزيف سيب بلاتر، رجل تتودد له كل دول العالم.