السرطان يفتك بأطفال الفلوجة

الحرية الأمريكية لأطفال العراق
السرطان يفتك بأطفال الفلوجة
معاناة جديدة تلاحق أطفال العراق ..وبعدما كان الحصار يفتك بأعداد كبيرة منهم.. يتكشف اليوم دور الأحتلال وأسلحته المحرمة التي أستخدمت منذ بداية عملية أحتلال العراق في التسبب بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية لدى المواليد الجدد في أغلب مدن العراق .. ومنها الفلوجة..
وفي محاولة لتسليط الضؤ على هذه المأساة ومن خلال البحث والتقصي حصلنا من أحد المصادر في الطب العدلي في بغداد على مقتطفات من تقريرين سريين صدرا في حزيران 2008 وأيلول 2009من قبل لجنة من اليونسيف مع خبراء عراقيين في الصحة البيئية .. وقد مارس ديفيد بترايوس قائد قوات الأحتلال في العراق حينها ومعه حكومة المالكي ضغطا على اليونسيف لإبقاء هذين التقريرين قيد السرية والكتمان..
ويتناول هذين التقريرين التشوهات الخلقية لدى المواليد الجدد في الفلوجة .. وفي هذين التقريرين شهادات من كلا الطرفين من السكان المدنيين الضحايا ومن جنود الأحتلال وبالصور والشهادات .. وفيها يؤكد جنود من فرقة المشاة الأمريكية الأولى التي شاركت في الهجوم على الفلوجة أستخدام (الفسفور الأبيض) في قصف عدة مدن في العراق.. وقد أعتمد التقرير على ماقدمته قناة(سكاي نيوز) البريطانية عام2009 وقناة (راي) الأيطالية 2005
وبحسب المصادر العراقية المطلعة المذكورة في التقريرين فأن الأطباء في مستشفى الفلوجة العام يوثقون تسجيل 170 حالة لأطفال ولدوا مشوهين (في المستشفى فقط) خلال أقل من سنتين مات أكثر من 30 منهم حتى الآن (عام2009).. فضلا عن تسجيل عشرات الحالات لأمراض سرطانية وخاصة اللوكيميا بين المواليد الجدد.. ولا تقتصر الشهادات في التقرير على العراقيين.. فمثلا الطبيب البريطاني (كريس بيرنز كوكس) كان أحد الأختصاصيين اللذين زاروا المنطقة ونقلوا الواقع الى حكومة بلادهم.. حيث بعث الدكتور كوكس برسالة الى عضوة البرلمان البريطاني (كلير شوت) مستفسرا منها عن الولادات المشوهة في الفلوجة .. فكتبت (كلير شوت) الى سكرتير الدولة البريطانية لشؤون التنمية الدولية (دوغلاس ألكسندر)مطالبة أياه بتوضيح الموقف الرسمي بشأن هذه الظاهرة .. فتسلمت (كلير شوت) جوابا بتاريخ 3/أيلول/2009 من نائب سكرتير الدولة لشؤون التنمية الدولية(غاريث توماس) وهو بمثابة وزير دولة درجة ثانية.. يقلل فيها من أهمية الظاهرة ويرى أن فيها مبالغة .. وأكتفى بالأشارة الى أحتمال حدوث 3 ولادات لأطفال مشوهين سنويا في الفلوجة .. وبالتالي ليست هناك مشكلة.. بحسب الرسالة.. كذلك يشير التقريرين الى أن اللافت للنظر في موضوع التشوهات الولادية عدم أقتصاره على مدينة الفلوجة.. فقد سجلت محافظة البصرة أيضا ولادات مماثلة وأرتفاعا في نسبة أمراض سرطان الدم .. ويؤكد التقرير أن السبب الرئيسي لهذه الولادات المشوهة يعود الى المواد الكيمياوية والغازات السامة جراء ماخلفته الحرب على العراق عموما والفلوجة خصوصا التي تعرضت الى هجومين عنيفين عام2004.. ويؤكد التقرير أن نسبة الولادات المشوهة قد أرتفعت 15ضعفا.. ولفت التقرير الى أن الأرتفاع الذي وصفه ب(الأستثنائي) أكتشف بعد جمع متخصصين يعملون في المجال الصحي في الفلوجة تفاصيل السجلات الطبية للمواليد الجدد.. ونقل التقرير عن مدير المستشفى العام في الفلوجة الدكتور(أيمن قيس) حيث يقول في التقرير أنه بعد أن كان يعلن عن حالتين كل أسبوعين قبل عام 2003 أرتفعت الحالات الآن الى حالتين يوميا.... بدورها أوضحت طبيبة الأطفال (سميرة عبد الغني) أن سجلاتها على مدى فترة ثلاثة أسابيع في المستشفى العام بالفلوجة وحده كشفت عن (37)طفلا يعاني أكثرهم من عيوب وتشوهات في الأنبوب العصبي .. وأثارت القضية تداعيات داخل دوائر القرار الغربية.. كما هي الحال في الولايات المتحدة .. أذ أضطر الخبير في وزارة الدفاع الأمريكية(دوغ روكز) الى تقديم أستقالته عقب تلقيه شكاوي من أكثر من مئة جندي أميركي يرفضون أستخدام اليورانيوم المنضب في قصف العراق أثر العثور على نسب ملحوظة من هذه المواد في فحوصات بول الجنود .. ويؤدي أستخدام اليورانيوم المنضب علميا الى التأثير على الكروموسومات التي تحمل المادة الوراثية ويسبب تكسر شريط الحمض النووي((DNA مما يؤدي الى أنقسام الخلايا وحدوث عيب خلقي وتشوهات.. ويبقى مفعولها لعشرات السنين.. والمشكلة الأكبر تكمن في أن هذه التشوهات لا علاج لها.. بل يجري تأهيل المولود أذا بقي على قيد الحياة وفقا لبرامج باهظة .. هذا الواقع دفع بمجموعة من المهتمين بينهم الدكتور البريطاني (كوكس) ومسؤولة ملف (جرائم الأحتلال في العراق)المهندسة (م 0ح) وكذلك وزيرة الدولة لشؤون المرأة بين عامي 2006ـــ 2009 نوال السامرائي الى مخاطبة الهيئات الدولية والأمم المتحدة عبر رسالة تدعو فيها الى الأعتراف بحالات الولادات المشوهة وأزدياد أمراض السرطان زيادات غير مسبوقة في الفلوجة والبصرة والنجف وبغداد .. وطالبت المجموعة بتعيين لجنة تقصي محايدة فضلا عن أطلاق برنامج لمعالجة آثار المواد السامة الناجمة عن أستخدام قوات الأحتلال أسلحة محرمة دوليا.. وعلى الرغم من التكتم والتعتيم الأعلامي نسبيا.. وتحرك أكثر من ناشط عراقي بمبادرات فردية لعكس معاناة الشعب العراقي.. وبالرغم من كل ذلك.. لم تتضح لحد الآن سياسة الحكومة العراقية في متابعة هذا الموضوع جديا .. بل في كثير من الأحيان تقوم بالتكتم والتعتيم والتسويف والمماطلة وحتى تهديد من يقوم بأثارة هكذا قضايا.. مع العلم أن الأمم المتحدة طالبت مرارا عبر مسؤوليها بالسماح بأجراء تقويم للوضع البيئي في العراق بعد الغزو.. من دون أن تلقى جوابا لامن الحكومة ولامن الأحتلال الذي يدعي أنه يخوض حربا في العراق بموجب القانون الدولي..