[b]
-انواع الزخرفة :
1.الزخارف النباتية:
إبدع الفنان المسلم في استخدام التشكيلات النباتية، من أوراق وفروع نباتات
وأزهار وثمار، في زخرفة منتجاته الفنية سواء أكانت تلك المنتجات تحفا أو
عمائر، إذ عمل الفنان على تحوير وتجريد العناصر المستخدمة من صورتها
الطبيعية، وظهرت فيها ميل الفنان المسلم إلى شغل المساحات والخوف من
الفراغ، ولقد زاد استخدام تلك الزخارف منذ القرن التاسع الميلادي وبلغت
ذروتها في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي.
إذا كان الفنانين المسلمون ولعوا بتقليد الخزف الصيني وزخارفه حتى أبدعوا
في هذا المجال بصورة غير مسبوقة، إلا انه في الحقبة العثمانية نرى عودة
أخرى إلى الطبيعة من خلال زخرفة الأواني الخزفية، بأشجار السرو، وأزهار
القرنفل والياسمين وزهرة اللالا، ولونوا الأواني بألوان فضلوها علي غيرها
مثل الزيتوني، والفيروزي، والأرجواني، والأحمرى.
2. الزخارف الكتابية:
استخدام المسلمون الخط كعنصر زخرفي، فقد كان الخط العربي وسيلة للعلم، ثم
أصبح مظهر من مظاهر الجمال يفور بالحياة ويجري فيه السحر، ومازال ينمو
ويتحسن ويتنوع ويتعدد حتي بولغ في أساليب التحويرات الجزئية في حروفه
المفردة والمركبة، فاعتبروه بهذا التحوير نوعا من الزخرفة، وبلغت أنواعه
بهذه التقنيات الكمالية في العهد العباسي عن السلاجقة والأتابكة والمغول
والتركستانيين نحو ثمانين نوعا أو تزيد، وهذا بطبيعة الحال ترف فني لم
تبلغه أمة من الأمم.
أثرى الخط الكوفي بأنواع عديدة العمائر والفنون الإسلامية، وكانت له
السيادة حتى العصر العباسي حين بدأ خط النسخ ومشتقاته في مزاحمته السيادة
الفنية، ومن أهم صور الخط الكوفي: الكوفي البسيط الذي لا زخرف فيه،
والكوفي المورق أي المنقوش على أرضية بها زخارف نباتية، والكوفي المزهر أي
الذي تخرج من حروفه فروع نباتية بها أزهار، والكوفي المضفر أي الذي تشتبك
فيه الألف مع اللام على هيئة ضفيرة.
أما أنواع الخطوط الاخرى كالنسخ والثلث فقد أبدع فيها الخطاط حتي صارت
تمتزج كما في المعادن المملوكية بالأشكال النباتية والحيوانية، وعلنا
نستطيع التوقف عند الخط الغباري، وهو صورة مصغرة من خط النسخ ولكنها في
الحقيقة صورة غاية في الدقة والصغر كما يدل على اسمها، فهو كما يفهم من
هذا الاسم صغير كأنه الغبار Dust Script، ويكفي لتصوره أن نعرف أن بعض
الخطاطين الذين أجادوا كتابته، قد نقشوا القرآن علي حبة من الأرز، وبعضهم
نقشه علي بيضة دجاج.
وأما الخط المثنية أو الكتابة المنعكسة أي التي تقرا طردا وعكسا، فهو نوع
من الخط يكشف عن مهارة الخطاط وعبقريته إذ هو يكتب العبارة الواحدة مرتين
بحيث يمكن قراءتها من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين، وهو يمزج
بين حروفها بحيث يخرج من هذا المزج شكلا زخرفيًا جميلاً.
3. الزخارف الهندسية:
اتجه الفنان المسلم منذ العصر الأموي إلى استخدام الزخارف الهندسية، وأبدع فيها
بشكل لم نراه في أية حضارة من الحضارات بالرغم من أن اشكالها الاساسية
نابعة من الاشكال البسيطة كالمعينات والمربعات والمثلثات والدوائر المتماسكة
والمتقاطعة والاشكال السداسية والمثمنة.
وقد كان لتلك لأشكال الهندسية المختلفة، دور مهم في الزخرفة العربية إذ أصبحت أساس الأشكال الزخرفية العربية الإسلامية.
وتتميز الزخارف الهندسية في الفن الإسلامي بطابع هندسي قوي، يتجلي لنا من
خلال استخدام الفن المسلم لتكوينات الأطباق النجمية التي زُينت بها سطوح
العمائر والمصنوعات الفنية، حيث شاعت تشكيلات الزخرفة بالأطباق النجمية في
مصر والشام خاصة في العصر المملوكي، وفي العراق في عهد السلاجقة، وامتد
أثره إلى الطراز الفني في المغرب والأندلس.
4. الزخارف التصويرية (الحيوانية):
لم تكن الكائنات الحية غاية بل وسيلة تستخدم كوحدة في العمل الزخرفي
بل قد استلهمتها الفنون القديمة فاتخذت منها الأشكال الأسطورية .
إذ تبلورت هنا شخصية الفن الإسلامية في كراهية تمثيل الكائنات الحية،
ويرجع ذلك إلى الرغبة في البعد عن المظاهر الوثنية فقد جاء الإسلام ليقضي
على الوثنية ممثلة في عبادة الأشخاص والأصنام على إن هذه الكراهية أخذت
تتلاشى بالتدريج مع زيادة الوعي بحقائق العقيدة الإسلامية وظهرت الرسوم
الجدارية على كثير من الأعمال الفنية كالتحف المختلفة وفي الرسوم الجدارية
على انه مما يلفت النظر زخارف المصاحف والمساجد إنها ظلت خالية من العناصر
الآدمية والحيوانية .
اصطلح مؤرخي الفن من الأوربيين علي إطلاق اصطلاح الأرابيسك Arabesque علي
نوع معين من الزخرفة العربية التي عرف عند العرب بالتوريق سواء كانت تحمل
بين طياتها زخارف نباتية أو كتابية أو حيوانية أو هندسية، إن هذه الكلمة
اصدق في الدلالة علي هذا النوع من الزخرف الذي ابرز ما فيه هو ظاهرة
النمو، والتوريق ما هو إلا نمو وتكاثر. و لا تزال كلمة التوريق Tauriquos
مستعملة في اللغة الأسبانية حتي اليوم للدلالة علي هذه الزخرفة.
والتأمل في هذه الزخرفة يكشف لنا عن إنها تقوم أكثر ما تقوم على العناصر
النباتية، مثل كرمة العنب بأغصانها الملتوية المتداخلة بعضها حول بعض
بتناسق وبصورة طبيعية. وقد وجد شكل ورقة العنب في زخارف مبني قبة الصخرة
الشريفة في القدس وفي الجامع الأموي الكبير في دمشق، نلمح من خلاله تحوير
عن الطبيعة مع ورقة كرمة العنب، وسعف النخيل، وثمرة الرمان، والصنوبر،
وأنواعا مختلفة من الزهور حولت كلها إلى أشكال مجردة متداخلة، هذا التجريد
مقصود لذاته من غير شك.
-اثر الزخرفة الإسلامية على الفنون الغربية:
أن تاريخ الزخرفة في الفن الإسلامي يعكس فلسفة التصور الإسلامي للكون،
ويقدم روح التسامح الإسلامية التي استوعبت فنون الشعوب السابقة وأعادت
إنتاجها وأبدعت وإضافة عليها، كما أثرت في الفنون الغربية حتي صارت هي أصل
التجريد فيها، وألهمت فنانين غربيين برؤى واضحة، بل صارت الزخرفة
الإسلامية هي منشأ العديد من المذاهب الفنية المعاصرة، وأن غاب أصلها مع
بعد الزمان والتعددية المذهبية.
كانت المحاكاة أول حلقة في حلقات التأثر الأوربي بالزخرفة العربية، ثم اخذ
الفنانين الأوربيين يكتشفون رويدا رويدا أساليب فنية جديدة، ويصوغون
الزخارف بروح مجددة، ويلبسونها صبغة أوربية، ولكنها ظلت تشف عن مصادرها
العربية.
[/b]