تتمة حروف المعاني
سادسا ـ هاء السكت :
هاء ساكنة لبيان حركة الحرف في كل مبني متحرك ، أو لبيان الألف في صيغة الندبة .
مثال بيان الحركة في كل مبني متحرك ، نقول : بمهْ ، ولمهْ ، وقهْ ، ولم يعطهْ ، وارمهْ . ومنه قوله تعالى : { هاؤم اقرءوا كتابيهْ }1 .
175 ـ وقوله تعالى : { ما أغنى عني ماليهْ هلك مني سلطانيهْ }2 .
وبيان حركة الألف ، نحو : وامعتصماهْ ، واليلاهْ .
* وزيادة هاء السكت تكون واجبة ، وجائزة .
الواجبة : هي التي لا يجوز حذفها ، أو الاستغناء عنها ، وتكون في موضعين :
1 ـ أن تزاد على الفعل الذي بقي على حرف واحد ، أو حرفين أحدهما زائد .
نحو : قِهْ . في قولنا : قِ محمدا من الهلاك .
ونحو : لا تقِهْ . في قولنا : لا تقِ محمدا من الهلاك .
2 ـ أن تزاد على " ما " الاستفهامية المجرورة بالإضافة بعد حذف الألف .
نحو : اقتضاء مَهْ ؟
أما الجائزة : فتكون في غير الموضعين السابقين ، بشرط أن يكون الوقف بها على كل متحرك حركة بناء لا تشبه الإعراب ، كـ " ما " الاستفهامية المجرورة بحرف الجر . نحو : بمهْ ، ولمهْ .
وبعد الأفعال المحذوفة الآخر جزما ، أو وقفا ، والضمائر المبنية على الفتح .
نحو : لم يدعهْ ، وأعطهْ .
176 ـ ومنه قوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره }3 .
والضمائر المبنية على الفتح .
177 ـ كقوله تعالى : { وما أدراك ما هيهْ }4 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 19 الحاقة . 2 ـ 29 ، 30 الحاقة .
3 ـ 7 الزلزلة . 4 ـ 10 القارعة .
ومنه قول حسان :
إذا ما ترعرع فينا الغلام فما إن يقال له : من هوهْ
ولا يقف بهاء السكت على المبني بناء عارضا كاسم " لا " النافية للجنس ، أو المنادى المبني على الضم ، أو العدد المركب ، ولا تلحق الفعل الماضي وإن كانت حركة بنائه لازمة لشبهه بالمضارع (1) .
شين الوقف :
عبارة عن حرف الشين يجعله بعض العرب بدلا من كاف المؤنث في حالة الوقف ، حرصا على البيان ، لأن الكسرة الدالة على التأنيث تختفي في الوقف فأبدلوها شينا .
نحو قولهم : عليش : في عليك ، ومنش : في منك ، ومررت بش : في مرري بك .
* وقد تلحق الشين الكاف دون حذفها ، ويكون الوقف على الشين .
كقولهم : أكرمتكش : في أكرمتك ، ومررت بكش : في مررت بك .
* ولا يكون الوقف بالشين في حالة وصل الكلام بعضه ببعض ، وإنما يجب الحذف ، وقد سمع موقوفا في الوصل .
كقول الشاعر :
فعيناشِ عيناها وجيدُشِ جيدها سوى أن عظم الساق منشِ دقيق
ومنه قوله تعالى في قراءة بعضهم : { قد جعل ربش تحتش سريا } .
في قوله تعالى : { قد جعل ربك تحتك سريا }2 .
* وشين الوقف تسمى " الكشكشة " ، وهي إحدى لغات بني تميم ، ومثلها " الكسكسة " في بكر ، وهي : إلحاقهم بكاف المؤنث سينا في الوقف .
نحو : مررت بكس : في مررت بك ، ونزلت عليكس : في نزلت عليك .
وما سبق من لغات بعض القبائل لا يقاس عليه .
ـــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن الناظم ص 812 .
حرف التذكر :
حرف مد يزاد بعد الكلمة ، أو الحرف إذا أريد اللفظ بما بعده ، ونسي ذلك المراد ، فيقف متذكرا ، ولا يقطع كلامه ، لأنه لم ينته منه .
نحو قولهم : قالا : في " قال " بمد فتحة اللام .
ونحو : يقولو : في " يقول " بمد ضمة اللام .
ويتبع حرف المد حركة الحرف الذي قبله ، فإن كانت حركة الحرف فتحة ، كان حرف التذكر ألفا ، وإن كانت حركة الحرف ضمة ، كان حرف التذكر واوا ، وإن كانت حركة الحرف الكسرة كان حرف التذكر الياء .
نحو قولهم : العامي : في قولهم : في العامِ .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة التي يتذكر فبها المتكلم ، ولا يريد أن يقطع كلامه سكونا ، كـ " أل " التعريف في كلمة الرجل ، والغلام لزم كسرها تشبيها بالقافية المجرورة إذا كان حرف رويها صحيحا ساكنا .
85 ـ كقول النابغة الذبياني :
أفد الترحل غير أن ركابنا لما يزل برحالنا وكأن قدِ
الشاهد قوله : وكأن قدِ ، فكسر حرف الدال من كلمة قد ، لأنه ساكن في الأصل ، وحرك بالكسر لمجيء الساكن بعده .
ومنه قولهم : قدِ احمرَّ البلح .
وعليه نقول في التذكر : قدي ، في قد قام .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة ، أو الحرف الذي يتذكر فيه المتكلم مما يكون مفتوحا في حالة ، ومكسورا في حالة أخرى بحسب مقتضى الكلام ، كحرف الجر " من " ، نقول : منَّا ، في حالة مجيئها مفتوحة ، في مثل قولك :
غضبت منَ الرجل .
ونقول " منِّي " في حالة مجيئها مكسرة في مثل قولنا : غضبت منِ ابنك .
وما ذكرناه آنفا ينطبق على كل ساكن وقفت عليه ، وتذكرت بعده كلاما فأنه يلزم فيه الكسر ، مع إشباع الكسرة للاستطالة ، والتذكر ، إن كان مما يكسر ، إذا تلاه ساكن ، أما إذا كان الحرف الساكن مما يكون مضموما ، ووقفت عليه متذكرا ، ألحقته واوا . كقولك : " مذو " ، في : ما رأيتك مذ اليوم .
فـ " مذ " إذا جاء ساكن بعدها ضمت ، لأن الأصل في " منذ " الضم .
حروف الزيادة : إنْ ، أنْ ، ما ، لا ، من ، والباء .
وهي حروف تزاد في وسط الكلام ، وتكون زيادتها للتأكيد ليس غير . فدخولها في الكلام كخروجها ، إذ إنها لا تحدث معنى إعرابيا ، وقد تسمى بعض النحاة هذه الحروف بحروف الزيادة ، وسماها البعض بحروف الصلة ، أو الحشو .
أولا ـ " إن " المكسورة الهمزة ، الساكنة النون ، تكون زيادتها غالبا بعد " ما " النافية ، وتكون هذه الزيادة على نوعين : ـ
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة مؤكدة . نحو : ما إن رأيته . والمقصود : ما رأيته.
فـ " إن " في الكلام السابق زائدة ، لم يكن لوجودها في الكلام أي أثر إعرابي .
ومنه قول دريد بن الصمة :
" ما إن رأيت ولا دريت به "
الشاهد قوله : " ما إن " فزاد " إن " بعد " ما " ، وتقدير المعنى : ما رأيت .
86 ـ ومنه قول الكميث :
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرين
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة كافة ، وهذا النوع لا اختلاف فيه عن النوع السابق ، وإنما يحدده نوع " ما " النافية التي تسبق " إن " الزائدة .
نحو : ما إن محمد قائم .
فـ " ما " النافية إما أن تكون حجازية ، أو تميمية . فإذا كانت حجازية فهي نافية عاملة ، و " إن " بعدها زائدة كافة لها عن العمل ، ويكون ما بعدها مبتدأ وخبر ، مثلها مثل " ما " الكافة لـ " إنَّ " الثقيلة عن العمل .
178 ـ نحو قوله تعالى : " إنما المؤمنون إخوة }1 .
وإذا كانت " ما " تميمية فهي نافية لا عمل لها ، وتمون " إن " بعدها زائدة مؤكدة للنفي كما في النوع الأول ، ونحو : ما إن رأيت .
* وزاد " إن " المؤكدة مع " ما " المصدرية ، فيكونان معا بمعنى " الحين والزمان ".
نحو : انتظرنا ما إن جلس القاضي . والمعنى : زمان جلوسه .
179 ـ ومنه قوله تعالى : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت حيا }2 .
والمعنى : مدة دوامك ، أو زمن دوامك حيا .
حيث انسبكت " ما " مع الفعل مكونة مصدرا مؤولا يستعمل بمعنى الحين ، ويكون الظرف هو الاسم المحذوف الذي أقيم المصدر مقامه .
فإذا قلنا : سأجلس ما دمت جالسا . يكون التقدير : سأجلس مدة جلوسك .
فحذفنا الظرف ، وهو كلمة " مدة " ، أو " وقت " وجعلنا المصدر مكانها .
87 ـ ومنه قول معلوط القريعي :
ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرا ما يزال يزيد
والمعنى : رج الخير له إذا رأيته يزداد على السن والكبر خيرا .
ثانيا ـ " أن " المفتوحة الهمزة الساكنة النون :
تزاد " أن " بعد " ما " . نحو : لما أن جاء المعلم قمنا إجلالا له .
180 ـ ومنه قوله تعالى : { ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }3 .
فـ " أن " في الآية زائدة للتوكيد ، ويدلنا على ذلك قوله تعالى في سورة هود :
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 10 الحجرات . 2 ـ 117 المائدة .
3 ـ 33 العنكبوت .
" ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }1 . فلا اختلاف في المعنى بين الآيتين .
كما تزاد " أن " في القسم . نحو : أما والله أن لو فعلت لفعلت .
ثالثا ـ " ما " الزائدة : تزاد " ما " على ضربين : ـ
1 ـ زائدة كافة سواء أكان ذلك للاسم ، أم للفعل ، أم للحرف .
مثال زيادتها وكفها للاسم : حضرتُ بعدما أنتم قيام .
ونحو : بينما نحن نستمع لشرح المعلم قرع الجرس .
88 ـ ومنه قول كثير عزة :
بينما نحن بالبلاكت فالقا ع سراعا والعيش تهوي هويَّا
الساهد قوله : بينما نحن ، فقد زيد " ما " بعد " بين " فكفتها عن العمل ، والأصل في الظرف أن يجر ما بعده من الأسماء بالإضافة ، فزيادة " ما " أبطل هذا العمل ، وجاء بعدها جملة ابتدائية .
وزيادتها على الفعل نحو : قلما ، وطالما .
وهي حينئذ تكفه عن العمل ، وتجعله صالحا لدخوله على فعل آخر .
نحو : قلما أحضرُ ، وطالما انتظرتُ .
ودخولها على الفعل تجعله كالحرف ، فيستغي عن الفاعل ، لتهيئته للدخول على فعل أخر ، وهذا ممتنع في الأفعال في غير هذا الموضع .
وتزاد على الحر الحرف فتكفه عن العمل من ناحية ، وتهيئه للدخول على ما لم يدخل عليه قبل الكف من ناحية أخرى .
مثال الأول : كأنما عليٌّ أسد ، ولعلما محمدٌ قادم .
181 ـ ومنه قوله تعالى : { إنما إلهكم إله واحد }2 .
وقوله تعالى : { إنما أنت مذكر }3 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 77 هود . 2 ، 3 ـ 21 الغاشية .
182 ـ ومثال الثاني قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء }1
وقوله تعالى : { كأنما يساقون إلى الموت }2 .
وقوله تعالى : { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }3 .
2 ـ زائدة مؤكدة غير كافة ، وهي نوعان :
أ ـ أن تكون عوض عن محذوف . نحو : أمَّا أنت قائما قمت معك .
ومنه قول الشاعر :
أبا خراشة أمَّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبُعُ
الشاهد قوله : أما أنت " فأما " : هي " أن " زيدت إليها " ما " للتوكيد ، وهذه العبارة عوض من " كان " المحذوفة ، والأصل : إن كنت ذا نفر .
ب ـ أن تكون زيادتها لمجرد التوكيد ، وهذا كثير في القرآن الكريم ، والشعر ، والنثر . نحو : غضبت من غير ما جرم . وعنفت من غير ما سبب .
فـ " ما " زائدة ، والأصل : من غير جرم ، ومن غير سبب .
ومنه قولهم : جئت لأمر ما . فـ " ما " زائدة ، والمقصود : ما جئت إلا لأمر .
رابعا ـ " لا " الزائدة :
تزاد " لا " وتكون ملغاة لمجرد تأكيد النفي ، كما هو الحال في " ما " .
183 ـ نحو قوله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب }4 .
وقوله تعالى : { لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم }5 .
فـ " لا " في الآيتين زائدة للتأكيد .
ـــــــــــــــ
1 ـ 28 فاطر . 2 ـ 6 الأنفال .
3 ـ 2 الحجر . 4 ـ 29 الحديد .
5 ـ 137 النساء .
خامسا ـ " من " الجارة الزائدة :
تزاد " من " الجارة فيبقى عملها ، وتكون للتأكيد ، وقد اعتبرت زائدة لأنها لم تحدث معنى جديدا لم يكن قبل دخولها في الكلام ، وتكون زيادتها بعد النفي .
نحو : ما صافحت من أحد . وما شاهدت من زائر .
فـ " من " زائدة ، وإن كان عملها موجودا ، ومنشأ الزيادة من عدم إحداث معنى جديد كما ذكرنا ، فلا فرق في المعنى في المثالين السابقين ، وفي وقلنا :
ما صافحت أحدا ، وما شاهدت زائرا . لأن أحد ، وزائر في جميع الأمثلة السابقة يفيد العموم . 184 ـ ومنه قوله تعالى : { ما جاءنا من بشير }1 .
كما تكون زيادتها بعد الاستفهام .
185 ـ كقوله تعالى : { وتقول هل من مزيد }2 .
وقوله تعالى : { هل من خالق غير الله }3 .
سادسا ـ " الباء " :
تزاد " الباء " لتأكيد النفي دون أن تحدث معنى جديدا في الجملة التي تزاد فيها .
نحو قوله تعالى : { وكفى بالله شهيدا }4 .
186 ـ وقوله تعالى : { كفى بالله وكيلا }5 .
وزيادتها تكون في المواضع الآتية : ـ
1 ـ مع المفعول به .
187 ـ نحو قوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }6 .
فـ " الباء " في قوله " بأيديكم " زائدة لتوكيد النفي بـ " لا " .
والمراد : ولا تلقوا أيديكم ، فأيدي مفعول به منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .
ـــــــــــــــ
1 ـ 19 المائدة . 2 ـ 30 ق .
3 ـ 3 فاطر . 4 ـ 79 النساء .
5 ـ 81 النساء . 6 ـ 195 البقرة .
ومنه قوله تعالى : { ألم يعلم بأن الله يرى }1 .
فـ " الباء " في " بأن " زائدة للتأكيد ، وأن واسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي يعلم .
ومنه قوله تعالى : { تنبت بالدهن }2 .
2 ـ تزاد " الباء " في خبر ليس وما النافيتين .
188 ـ نحو قوله تعالى : { لست عليهم بمسيطر }3 .
وقوله تعالى : { أليس الله بكاف عبده }4 .
وقوله تعالى : { ألست بربكم }5 . وقوله تعالى : { لست عليكم بوكيل }6 .
فـ " الباء " في الآيات السابقة زائدة ، والاسم بعدها في محل نصب خبر ليس .
ومثال زيادتها في خبر ما قوله تعالى : { وما أنتم بمعجزين }7 .
189 ـ وقوله تعالى : { وما هم بمؤمنين }8 .
وقوله تعالى : { وما ربك بظلام للعبيد }9 .
وقوله تعالى : { وما أنا بطارد المؤمنين }10 .
3 ـ تزاد مع المبتدأ . نحو : بحسبك درهم .
89 ـ ومنه قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
بحسبك في القوم أن يعلموا بأنك فيهم غني مضر
الشاهد قوله : " بحسبك " فالباء زائدة ، وحسب مبتدأ .
4 ـ مع خبر المبتدأ :
190 ـ نحو قوله تعالى : { والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها }11 .
ــــــــــــــــ
1 ـ 14 العلق . 2 ـ 20 المؤمنون .
3 ـ 22 الغاشية . 4 ـ 36 الزمر .
5 ـ 172 الأعراف . 6 ـ 66 الأنعام .
7 ـ 134 الأنعام . 8 ـ 8 البقرة .
9 ـ 46 فصلت . 10 ـ 114 الشعراء .
11 ـ 27 يونس .
فـ " الباء " في قوله : بمثلها ، زائدة ، والمراد : جزاء سيئة مثلها .
5 ـ وزيدت " الباء " في التعجب . نحو : أكرم بمحمد .
191 ـ ومنه قوله تعالى : { اسمع بهم وأبصر }1 .
فـ " الباء " في قوله : " بهم " زائدة ، والضمير في محل رفع فاعل لـ " اسمع " .
حروف المضارعة :
هي : الألف ، والنون ، والياء ، والتاء ، وتكون في أوائل الأفعال المضارعة لتميزها عن الأفعال الماضية ، والأمر .
وسميت بحروف المضارعة لأنها إذا دخلت على الفعل صار يضارع بها الأسماء ، أي : يشابهها ، وهذه المشابهة تكون من جهتين : ـ
1 ـ أن الفعل يدخله من الإبهام ، والتخصيص ما يدخل الاسم ، والإبهام في الفعل هو احتماله الحال والاستقبال . والتخصيص فيه : أن يخلص لأحد الزمانين بقرينة تدل على ذلك .
فإذا قلنا : أنا أكتبُ . احتمل الحال ، والاستقبال ، فإذا قلت : أنت أكتب الآن . خلص الفعل للحال ، وإذا قلت : أنا أكتب غدا . خلص الفعل للاستقبال .
وإبهام الاسم : أن يقع في أصوله على ما دخل تحت جنسه .
نحو : رجل ، فرس ، غلام ، امرأة ، مدرسة ... إلخ . ويكون تخصيصه بتعريفه بالألف واللام ، أو بالإضافة . فنفول : الرجل ، والفرس ، والغلام وما إلى ذلك .
أو : جاء رجل القوم . وهذه فرس محمد . ووصل غلامكم .
2 ـ أما الناحية الأخرى التي يشابه فيها الفعل الاسم هي : أن يكونا متساويين في عدد الحروف ، والحركات ، والسكنات .
نحو : ضارب ، ويضرب ، وكاتب ويكتب .
فاسم الفاعل " ضارب " مكون من أربعة أحرف ، وأوله متحرك ، وثانيه ساكن ، وثالثه ورابعه متحركان . وكذلك الحال في الفعل " يضرب " فهو مكون من أربعة أحرف ، وأوله متحرك ، وثانيه ساكن ، وثالثه ورابعه متحركان .
ولكن هذه القاعدة غير مطردة ، وإنما تكون في بعض الأسماء والأفعال . أما القاعدة الأولى فهي مطردة ، وهي المعمول بها ، والذي يميز الفعل المضارع هو وجود أحد أحرف المضارعة في أوله ، وقد جمعت تلك الحروف في كلمة " أنيت ".
أ ـ الهمزة على الألف : وتكون لدلالة الفعل المضارع على المفرد المتكلم .
نحو : أنا أعمل الواجب مبكرا . وأنا أتابع دروسي أولا بأول .
ومنه قول الشاعر :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة أيا جارتا لو تعلمين بحالي
الشاهد قوله : " أقول " فالألف للمضارعة ، وهي للدلالة على المفرد المتكلم .
ومنه قوله تعالى : { إني أعلم ما لا تعلمون }1 .
وقوله تعالى : { قال سوف أستغفر لكم ربي }2 .
ب ـ النون : تكون نون المضارعة للدلالة على المثنى المتكلم مذكرين ، أو مؤنثين ، أو أحدهما مذكرا ، والآخر مؤنثا .
نحو : أنا ومحمد نخرج مسرعين . وأنا وفاطمة نحضر مبكرين .
ومنه قوله تعالى : { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام }3 .
ومنه قول امريء القيس :
خرجت بها نمشي تجر وراءنا على أثرنا ذيل مرط مُرَمَّل
وتدل نون المضارعة كذلك على جماعة المتكلمين ، ذكورا كانوا ، أو إناثا ، أو ذكورا وإناثا . نحو : أنا ومحمد وأخي نذهب إلى المدرسة مبكرين .
ونحو : نحن نذهب إلى الحقل عصرا .
ــــــــــــــــــــ
1 ـ 30 البقرة . 2 ـ 98 يوسف . 3 ـ 35 إبراهيم .
ومنه قوله تعالى : { وما لنا لا نؤمن بالله }1 .
ونحو : محمد وفاطمة وأنا ندرس في مدرسة واحدة .
ونحو : فاطمة ومريم وأنا نسكن معا .
* كما تدل النون على الواحد المعظم نفسه .
نحو قوله تعالى : { إنَّا نعلم ما يسرون }2 .
وقوله تعالى : { يوم ندعو كل أناس بإمامهم }3 .
وقوله تعالى : { نحرج منه حبا متراكما }4 .
* وقد زيدت نون المضارعة في الفعل ، لأنها تشبه حروف العلة ، أو تبدل من واو وياء العلة بالإدغام .
نحو قوله تعالى : { وما لهم من دونه من وال }5 .
وقوله تعالى : { ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه }6 .
فـ " النون " في قوله : " من وال " ، مبدله من الواو ، وفي قوله " من يفعل " مبدله من الياء وكلاهما بالإدغام .
* وتبدل " النون " من الألف في الوقف . نحو قوله تعالى : { لنسفعا بالناصية }7 .
* ويعرب بالنون كما يعرب بحروف العلة ، فهي علامة الرفع في الأفعال الخمسة .
نحو : يأكلون الطعام ، ويلعبان في الحديقة ، وتساعدين أمك .
ومنه قوله تعالى : { ثم ذرهم في خوفهم يلعبون }8 .
3 ـ الياء : أصل في المضارعة إذا كان حرف علة خالصا ، بخلاف أحرف المضارعة الأخرى .
نحو : يقوم الرجل مبكرا ، ويذهب أخي إلى المدرسة مسرعا .
ـــــــــــــــ
1 ـ 84 المائدة . 2 ـ 6 يس .
3 ـ 71 الإسراء . 4 ـ 99 الأنعام .
5 ـ 11 الرعد . 6 ـ 231 البقرة .
7 ـ 15 العلق . 8 ـ 91 الأنعام .
ومن الأدلة على أصلية الياء في المضارعة أن الياء إذا كان بعدها واو يليها حرف مكسور ، حذفت الواو لوقعها بين الياء ، وبين الكسرة .
نحو : يعد ، ويزن ، ويقف . والأصل : يوعِد ، ويوزِن ، ويوقِف .
وتكون الياء للدلالة على المذكر الغائب . نحو : أحمد يقوم .
ومنه قوله تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون }1 .
والغائبين المذكرين . نحو : الطالبان يقومان .
ومنه قوله تعالى : { وما يعلِّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة }2 .
وعلى جمع الذكور . نحو : الطلاب يقومون .
ومنه قوله تعالى : { وقال الذين لا يعلمون }3 .
وعلى جمع الإناث الغائبات . نحو : الطالبات يقمن .
ومنه قوله تعالى : { الوالدات يرضعن أولادهن }4 .
ومنه قول ابن قيس الرقيات :
ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت إنه
4 ـ تاء المضارعة : تكون في أول الفعل للدلالة على المفرد المخاطب .
نحو : أنت تقول الحق .
ومنه قوله تعالى : { إذ تقول للمؤمنين ألن يكفكم أن يمدكم ربكم }5 .
أو المخاطبة . نحو : أنت تقولين الحق .
ومنه قوله تعالى : { فانظري ماذا تأمرين }6 .
ومنه قول أبي النجم العجلي :
" يابنة عما لا تلومي واهجعي "
ـــــــــــــــ
1 ـ 35 مريم . 2 ـ 102 البقرة .
3 ـ 118 البقرة . 4 ـ
5 ـ 124 آل عمران . 6 ـ 33 النمل .
أو المخاطبين المذكرين . نحو : أنتما تكتبان الدرس .
ومنه قوله تعالى : فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة }1 .
أو المخاطبين المؤنثين . نحو : أنتما يا هاتان تكتبان الدرس .
ومنه قوله تعالى : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما }2 .
أو لجماعة الذكور المخاطبين . نحو : أنتم تستيقظون مبكرين .
ومنه قوله تعالى : { إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم }3 .
وقوله تعالى : { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم }4 .
أو لجماعة الإناث المخاطبات . نحو : أنتن يا طالبات تحافظن على نظافة الفصل .
ومنه قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية }5 .
حروف التأنيث : الألف ، والهمزة ، والتاء .
أولا ـ الألف :
أحد الحروف الدالة على تأنيث الكلمة ، وهي قسمان : ـ
1 ـ قسم يختص بالتأنيث . 2 ـ قسم يبين التأنيث .
فالقسم المختص بالتأنيث هي الألف الواقعة طرفا في الأسماء ، وزائدة عليها ، وغير أصلية . كألف " ما " ، ولا منقلبة عن أصل كألف " عصا " ، ولا ملحقة بأصلي كألف " علقى ومعزى " ، وتكون في الثلاثي : كـ " حبلى وسلمى " ، وفي الرباعي : كـ " قرقرى وجحجحى " ، وفي الخماسي : كـ " بعثرى و طبغطرى " .
وتكون في المؤنث اللفظي ، والمعنوي ، وفي المذكر المعنوي كـ " طبغطرى " ، وتكون في المفرد المذكر كما بينا . وتكون في الجمع كـ " حجلى " جمع حجل ، وفي المصادر كـ " الرجعى والدعوى " .
ـــــــــــــــــ
1 ـ 19 الأعراف . 2 ـ 4 التحريم .
3 ـ 17 التغابن . 4 ـ 85 البقرة .
5 ـ 33 الأحزاب .
أما القسم المبين للتأنيث فهي الألف التي تلي هاء الغائبة المؤنثة .
نحو : أكرمتها ، وساعدتها .
فالألف في أكرمتها ، وساعدتها لبيان التأنيث .
ثانيا ـ الهمزة :
هي المبدلة من ألف التانيث الممدودة قياسا كألف : حمراء ، وخضراء ، وصحراء ، وخنفساء ، وما شابه ذلك .
* والأصل في مثل هذه الكلمات أن تكون فيها ألف واحدة ، إلا أنهم أرادوا أن يبنوها بناء آخر غير بناء المقصورة ، فزادوا عليها ألفا أخرى ، فاجتمعتا ساكنين فحركت الثانية منهما لأنها المقصورة في الدلالة على التأنيث .
* ولا يجوز أن نعتبر همزة التأنيث أصل في نفسها ، بل هي مبدلة من الألف كما ذكرنا ، بدليل إبدالها واوا في حالتي جمع المؤنث ، والنسب بالياء .
نحو : صحراء : صحراوات ، وصحراوي . وحمراء : حمراوات ، وحمراوي .
ولو كانت الهمزة أصلية لبقيت على حالها في حالتي الجمع ، والنسب ، كما هو الحال في همزة " قرَّاء " فإذا صرفنا الكلمة بقيت همزتها دون إبدال .
فنقول : قرأ ، وقرأت ، ومقرئ ، وقارئ ، وقارئات .
* وتكون الهمزة علامة للتأنيث في الأسماء الثلاثية المفردة .
نحو : صحراء ، وبيداء ، وصفراء .
وفي المصادر الثلاثية المفردة أيضا . نحو : سراء ، وضراء .
وفي الصفات الثلاثية المفردة . نحو : امرأة حسناء ، وخنساء .
وفي أسماء الجمع . نحو : قصباء ، وحلفاء (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ قصباء هي : القصب ، وحلفاء : نبت ، يقال أحلفت الأرض إذا أنبتت الحلفاء ،
والمفرد منه حَلِفة ، وحَلَفة بكسر اللام وفتحها ، مثل فرِحة ، وخشَبَة .
اللسان ج3 ، ص 129 ، والمعجم الوسيط ج1 ص 192 .
* وتلحق همزة التأنيث ما كان على وزن " فُعلاء " .
نحو : ناقة عُشَراء . وامرأة نُفساء .
وما كان على وزن : فِعَلاء " . نحو : سِيَراء (1) .
* وتكون في المزيد من الأسماء . نحو : كبرياء . على وزن " فِعلياء " .
ونحو : قاصِعاء . على وزن فاعَلاء . وعاشُوراء . على وزن : فاعُلاء .
ونحو : بركاء . على وزن : فَعَلاء (2) . وبرُكاء . على وزن : فَعُلاء .
ونحو : عَقْرُباء . على وزن : فَعُلاء . وخُنْفُساء . على وزن : فُعْلُلاء .
ونحو : زِمَكّاء . على وزن : فِعِلاّء (3) . وزَكَرِّياء . على وزن : فَعَلِّياء .
ويلاحظ أن جميع الألفاظ السابقة مفردة .
* وتلحق همزة التأنيث الجمع على وزن : أفعلاء . نحو : أنبياء .
ووزن : فُعلاء . : كــ علماء . (4) .
ثالثا ـ تاء التأنيث : سبق ذكرها في موضعها .
حرف الندبة والفصل : الألف .
أولا ـ حرف الندبة : الألف :
مر ذكرها في باب الندبة ، وللزيادة نقول : هي ألف تكون لمد الصوت ، وبعدها هاء لبسطها ، وتمكين مدها . نحو : يا زيداه ، ويا عمراه .
وتكون الألف للدلالة على الندبة في المنادى المفرد ، وتكون في المضاف إليه .
نحو : يا غلام عمراه .
وتكون في آخر صلة الموصول . ومنه كلامهم : وأمن حفر بئر زمزماه .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ عشراء : ما مضى على حملها عشرة أشهر . سيراء : نوع من النبات .
2 ـ بركاء : تعني ساحة الحرب .
3 ـ الزمكاء ، والزمكي منبت ذنب الطائر .
4 ـ رصف المباني ص 144 بتصرف .
ونحو : وا أمير المؤمناه .
ويقول صاحب رصف المباني : " ويجوز في هذه الألف أن تنقلب ياء تارة ، وواوا تارة أخرى بحسب الحركة قبلها إذا خيف اللبس . نحو : وا غلامَكيهْ " (1) .
ويقول سيبويه : " وتقول : وا غلامَكيهْ إذا أضيفت الغلام إلى مؤنث ، وإنما فعلوا ذلك ليفرقوا بينها وبين المذكر إذا قلت : وا غلامكاه " (2) .
* ويجب في ألف الندبة أن يفتح ما قبلها دائما سواء كانت الحركة قبلها مكسورة ، أو مضمومة ، لأنها حينئذ تكون تابعة للألف ، ولا يكون ما قبل الألف إلا مفتوحا .
ثانيا ـ ألف الفصل :
هي الألف الفاصلة بين نون التوكيد ، ونون ضمير الجمع المؤنث . نحو : اضربنان ، واكتبنان .
فلولا الفصل بالألف بين نون التوكيد ، ونون جماعة الإناث ، لاجتمعت ثلاث نونات فيقال : اضربْنَنَّ ، وذلك مستتقل .
وتأتي للفصل بين الهمزتين لتخلص من الاستتقال أيضا .
ومنه قراءة هشام بن عمار السلمي : { أاأنذرتهم أم لن تنذرهم لا يؤمنون }3 .
ومنه قوله تعالى أيضا : { أاأنزل عليه الذكر }4 .
ولكن هناك من القراء ، والنحاة من سيهل الهمزة الثانية بين بين تخفيفا ، ولا يدخل ألفا بينها ، وبعضهم يدخل الألف مراعاة للأصل ، وبعضهم يخففها ، ولا يدخل ألفا ، لأن الهمزة الأولى عارضة .
90 ـ فمثال الفصل بين الهمزتين قول ذي الرمة :
أيا ضبية الوعساء بين جلاجل وبين القنا أاأنت أم أمّ سالم
الشاهد قوله : " أاأنت " فقد فصل بالألف بين الهمزتين هربا من الاستتقال ، وترسم
ــــــــــــــــ
1 ـ رصف المباني ص 120 .
2 ـ الكتاب لسيبويه ج2 ص224 .
3 ـ 6 البقرة . 4 ـ 8 ص .
على هذا الشكل ( آأنت ) .
ومن أمثلة الجمع بين الهمزتين مع عدم الفصل بالألف قول الشاعر ( بلا نسبة ) :
أأنت الهلالي الذي كنت مرة سمعنا به والأريحي الملقب
غير أن الفصل بينهما أكثر ، والله أعلم .
همزة الوصل وهمزة القطع :
أولا ـ همزة الوصل :
هي كل همزة يلفظ بها في أول الكلام ، ولا تكتب ، للتوصل بها إلى النطق بالساكن ، وتسقط في وسطه ، وترسم ألفا عليها صاد صغيرة هكذا ( اّ ) .
نحو : انطلق اللاعب مسرعا . واضرب المهمل . واستعمال الفرشاة ضروري .
المواضع التي تكون فيها همزة الوصل :
1 ـ في الأسماء العشرة المسموعة ، وهي :
ابن ، ابنة ، امرؤ ، امرأة ، اثنان ، اثنتان ، اسم ، است ، ايم ، ايمن .
2 ـ الأفعال الخماسية ، والسداسية الماضية المبدوءة بهمزة ، والأمر منها .
نحو : انتصر ، انتظم ، استعمل ، استعان .
ونحو : انتصرْ ، انتظمْ ، استعمل ، استعن .
3 ـ مصادر الأفعال الخماسية ، والسداسية المبدوءة بهمزة .
نحو : انتصار ، انتظام ، استعمال ، استعانة .
4 ـ في أمر الأفعال الثلاثية ، المفتوحة المضارعة ، وساكنة الحرف الثاني ، ولم يحذف منها حرف الهمزة .
نحو : اضرب ، ارسم ، اكتب .
أما أفعال الأمر الثلاثية المحذوفة الهمزة للتخفيف ، فهمزتها في الأصل همزة قطع لأنها أصلية .
نحو : مر ، وخذ ، وكل . وأصلها : أمر ، وأخذ ، وأكل .
وأمرها أصله : أؤمر ، وأؤخذ ، وأؤكل . وهي كسائر الأفعال التي يسكن ثانيها في المضارع ، غير أن الأفصح حذف همزتها .
5 ـ في " أل " التعريف إذا اتصلت بالاسم . نحو : الرجل ، الكتاب .
فاللام حرف تعريف ، والألف قبلها همزة وصل (1) . أما إذا لم تتصل " أل " التعريف بالاسم فهمزتها همزة قطع .
* ويغلب على همزة الوصل الكسر نحو : انطلق ، اعمل ، استوي ، انتصار .
وتفتح في موضعين هما :
1 ـ مع لم التعريف . نحو : الكتاب ، الرجل ، الغلام .
2 ـ مع كلمة " ايمن " .
وتكون مضمومة في الأفعال المضمومة الحرف الثالث ضمة أصلية .
نحو : اخرُج ، اكتُب ، اشتُري ، اقتُتل .
فالهمزة مضمومة لأنها تتبع الحرف الثالث المضموم .
أما إذا كانت الضمة غير أصلية فلم تضم الهمزة ، وتبقى مكسورة .
نحو : امشوا ، اقضوا ، ارموا .
لأن الأصل : امشيوا ، اقضيوا ، ارميوا .
فحذفت الياء استثقالا ، وتبع ما قبل الواوِ الواوَ .
وكذلك إذا كان الكسر غير أصلي ، وكان الضم أصليا ، بقيت الهمزة مضمومة .
نحو : ادعي يا هند . لأن الأصل : ادعوي .
فاستثقلت الضمة مع كسر الواو ، فاتبع ما قبلها كسرة ، وقلبت الواو ياءً تخفيفا (2).
تنبيهات وفوائد :
1 ـ إذا استغني عن همزة الوصل بهمزة أخرى ، كهمزة الاستفهام ، حذفت همزة
ـــــــــــــــــــــــــ
1ـ اللمع لابن جني ص 308 .
2ـ رصف المباني ص 133 ، وابن الناظم ص 834 ، وشرح المفصل ج9 ص137 .
الوصل . نحو قوله تعالى : { أصطفى البنات على البنين }1 .
وقوله تعالى : { أتخذتم عند الله عهدا أم تقولون على الله ما لا تفعلون }2 .
91 ـ ومنه قول ابن قيس الرقيات :
فقالت أبن قيس ذا وبعض الشيب يعجبها
والشواهد في الآيتين قوله تعالى : " أصطفى ، واتخذتم ، والشاهد في البيت قوله :
" أبن " . ففي الشواهد السابقة حذفت همزات الوصل ، لدخول همزات الاستفهام عليها ، والمبين لذلك أن الهمزات الموجودة في الكلمات السابقة مفتوحة دلالة على أنها همزات استفهام ، في حين أن همزات الوصل غالبا ما تكون مكسورة . وقد أدى ذلك إلى أمن اللبس عند الحذف .
2 ـ وإذا دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل في لام التعريف " أل " فإن همزة الوصل لا تسقط لئلا يلتبس الاستخبار بالخبر ، لأنهما مفتوحتان ، بل تبدل همزة الوصل ألفا .
نحو قوله تعالى : { أآلذكرين حرم أم الأنثيين }3 .
وقوله تعالى : { أآلله خير أما يشركون } 4 .
فلو حذفنا همزة الوصل لالتبس علينا الأمر في الهمزة المثبتة ، أهي استفهامية أم همزة وصل ، لأن كلا من الهمزتين مفتوح .
ثانيا ـ همزة القطع :
كل همزة تثبت في النطق دائما سواء أكانت في أول الكلام ، أم وسطه ، وترسم ألفا مهموزة هكذا ( أ ) .
وتكون همزة القطع في المواضع التي لم نذكرها في همزة الوصل وهي كالآتي :
1 ـ الفعل الثلاثي المهموز الأول . نحو : أخد ، أكل ، أمر .
2 ـ الفعل الرباعي الماضي المهموز الأول والأمر منه .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 153 . 2 ـ 80 البقرة .
3 ـ 143 . 4 ـ 59 النمل .
نحو : أكرم ، وأكرمْ ، أحسن ن وأحسنْ ، وأعطى ، وأعطِ ، وأنزل ، وأنزلْ .
3 ـ مصادر الأفعال الرباعية المهموزة الأول . نحو : إكرام ، وإحسان ، وإعطاء .
4 ـ الأفعال المضارعة عامة المبدوءة بهمزة المتكلم .
نحو : أعملُ من عمل ، أكرمُ من أكرم ، أنتصرُ من انتصر ، أستعينُ من استعان .
5 ـ في أول الأسماء . نحو : أحمد ، إبراهيم ، إسماعيل ، إمام .
ما عدا الأسماء العشرة المسموعة عن العرب ، وذكرناها في همزة الوصل .
6 ـ في أول الحروف . نحو : إنَ ، أنَ ، إلى ، ألا ، إلاّ ، و " أل " التعريف إذا لم تتصل بالأسماء .