Fati المديــــر العــام
اسم الدولة : فرنسا
| موضوع: النووي شيخ جليل في رياض الصالحين الأربعاء يوليو 09, 2008 5:25 pm | |
| النووي شيخ جليل في رياض الصالحين
الإمام النووي إمام جليل فاضل عرف بزهده وورعه، وسعى دائماً من أجل إحقاق الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، له العديد من الكتب المتميزة والتي تضمها المكتبات الشخصية الخاصة بالأفراد أو المكتبات العامة في العديد من البلدان، أقبل على العلم والدراسة الدينية منذ صغره فدرس على يد العديد من العلماء الأفاضل كما أطلع على كتب عدد كبير من الأئمة والعلماء، مما أهله بعد ذلك ليكون أحد الشيوخ والفقهاء المتميزين، حيث لم يدخر وسعاً من أجل إسداء النصح للمسلمين سواء كانوا من عامة الشعب أو الحكام ولم يتهاون في حق من حقوق المسلمين ولم يخف أو يتراجع عن أي موقف مادام به الحق والعدل.
تميز الشيخ النووي بغزارة مؤلفاته والتي تميزت بوضوح المعاني والعبارات وسهولة العرض والاستشهاد بآراء الفقهاء والعلماء وعرضها في موضعها ومن اشهر كتبه رياض الصالحين، والأربعين النووية وغيرها الكثير.
اسمه بالكامل محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزَام، النووي نسبة إلى نوى، وهي قرية من قرى حَوْران في سوريا.
النشأة
ولد الشيخ النووي في محرم عام 631هـ - حوالي 1233م في قرية نوى، بدأ في حفظ القرآن الكريم وهو في سن العاشرة من عمره كما قام بالقراءة في الفقه لعدد من العلماء، لم يكن الشيخ الجليل في فترة طفولته كغيره من الأطفال يقبل على اللهو واللعب ولكن كان يفضل الجلوس من أجل قراءة القرآن ودراسة العلوم الدينية ومنذ البداية اتجه الشيخ النووي في طريق العلوم الدينية الأمر الذي جعل منه بعد ذلك إمام فاضل جليل.
في عام 643هـ أنتقل النووي مع والده إلى دمشق وذلك من أجل استكمال تعليمه الديني في مدرسة دار الحديث، وسكن المدرسة الرواحية، والتي تقع بجوار المسجد الأموي من الجهة الشرقية، وفي عام 651 هـ سافر مع والده إلى مكة لأداء فريضة الحج ثم عادا مرة أخرى إلى دمشق .
حياته العلمية
كان الشيخ النووي مقبلاً على العلم فكرس وقته كاملاً من أجل الجد في التعلم والدراسة فأخذ العلم بجدية وأقبل على القراءة والحفظ فقام بحفظ كتاب التنبيه وغيره من الكتب والدروس، ونظراً لاجتهاده الشديد في التعلم حصل على إعجاب أستاذه أبي إبراهيم إسحاق بن أحمد المغربي فقام بتعينه كمعيد للدرس في حلقته، وبعد ذلك قام بالدراسة بدار الحديث بالأشرفية، وغيرها فكان يسعى دائماً وراء العلم وينتقل ورائه أينما كان ومما يدل على اجتهاده في العلم أنه كان يقرأ يومياً أثنى عشر درساً على المشايخ شرحاً وتصحيحاً وتصنيفها كالتالي "درسين في الوسيط، وثالثاً في المهذب، ودرساً في الجمع بين الصحيحين، وخامساً في صحيح مسلم، ودرساً في اللمع لابن جنّي في النحو، ودرساً في إصلاح المنطق لابن السكّيت في اللغة، ودرساً في الصرف، ودرساً في أصول الفقه، وتارة في اللمع لأبي إسحاق، وتارة في المنتخب للفخر الرازي، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين"
وكان الشيخ النووي لا يكتفي بالقراءة فقط بل كان يقوم بكتابة كل ما يتعلق بالدروس من شرح وإيضاح وضبط للغة.
النووي ومصادره في العلم
كما سبق أن ذكرنا اجتهد النووي كثيراً من أجل طلب العلم وسعى لاكتساب المزيد دائماً فدرس على يد العديد من العلماء الأفاضل الذين أشبعوا رغبة العلم المتعطشة دائماً لديه حيث درس في العديد من المجالات العلمية الدينية مثل الفقه وعلم الحديث وعلم الأصول، وكان من العلماء الذي درس النووي على أيديهم عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري، تاج الدين، إسحاق بن أحمد المغربي، إبراهيم بن عيسى المرادي، الإمام الحافظ، عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري، وغيرهم الكثير من العلماء والشيوخ.
قام بالقراءة في علم الأصول لعمر بن بندار بن عمر بن علي بن محمد التفليسي الشافعي، وقرأ في النحو واللغة للشيخ أحمد بن سالم المصري النحوي اللغوي، والفخر المالكي.
كما استعان في دراسته بالنسائي، والموطئ للإمام مالك، ومسند الشافعي وأحمد بن حنبل والدرامي، وسنن ابن ماجة، وشرح السنة للبغوي، وكتاب الأنساب للزبير بن بكار، وعمل اليوم والليلة لابن السني، وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب البغدادي.
وبالنظر لما سبق ذكره نجد أن النووي لم يدخر وسعاً ولا جهداً في الاستزادة من العلوم المختلفة فاستعان بالمعلمين والكتب المختلفة لأشهر الأئمة والعلماء وغيرها الكثير من مصادر المعرفة بالنسبة لهذا الشيخ الجليل.
ولم يكن النووي يسعى من أجل تعلم العلم فقط بل من أجل تعليمه أيضاً فكان له العديد من التلاميذ اللذين يأتوا إليه لينهلوا من علمه مثل علاء الدين بن العطار، والحافظ جمال الدين المزي، رشيد الدين الحنفي وغيرهم الكثير.
مؤلفاته
بدأ الشيخ النووي التوجه نحو تأليف الكتب في الثلاثينات من عمره وتميز بغزارة إنتاجه في هذا المجال وقد لاقت مؤلفاته رواجاً وقبولاً واسعاً بين المسلمين وذلك نظراً لسهولة العبارات وتوضيح الأدلة والبراهين بالإضافة للعرض المنصف المتميز لأراء الفقهاء وعلماء الدين.
نذكر من مؤلفاته:شرح صحيح مسلم، والمجموع - شرح المهذب، رياض الصالحين، تهذيب الأسماء واللغات، والروضة - روضة الطالبين وعمدة المفتين، المنهاج في الفقه، الأربعين النووية في شرح الأحاديث النبوية، التبيان في آداب حَمَلة القرآن، الأذكار- حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبّة في الليل والنهار، الإِيضاح في المناسك.
صفات ومواقف للنووي
اجتمعت في الشيخ النووي جميع صفات الزهد والورع والتقوى، وكان لا يدخر جهداً من أجل إسداء النصيحة سواء كان لفرد عادي أو لحاكم وذلك من أجل إحقاق الحق ورفع المبادئ الإسلامية والعمل بها، ولقد زهد الشيخ النووي في الحياة فكان منكباً على العلم ولا يرضى عنه بديلاً فكان لا ينظر لمال أو منصب فقط ظل واضعاً العلم نصب عينيه طوال الوقت.
ومن المواقف التي نذكرها للشيخ النووي انه على الرغم من أن دار الحديث كانت تخصص راتباً كبيراً له إلا انه رفض أن يأخذ هذا الراتب وكان يعمل على ادخاره مع ناظر المدرسة وكان يأخذه كل عام من أجل أن يشتري به ملكاً يوقفه من أجل دار الحديث، أو يقوم بشراء الكتب وضمها إلي خزانة المدرسة ليستفاد منها غيره، كما كان لا يقبل الهدايا ويتعفف عن قبولها.
تميز الشيخ النووي بشجاعته وجرأته وأمانته أيضاً في تقديم النصح والإرشاد وكان لا يرجو من وراء نصحه هذا أي شيء سوى وجه الله تعالى ورضاه، وكان يستند في نصحه إلي الدلائل والبراهين القوية التي تؤيد حديثه وفتواه.
الوفاة
رحل الشيخ النووي عن الحياة في الرابع والعشرين من شهر رجب عام 676هـ - 1277م، بعد أن عاد مرة أخري إلي مسقط رأسه في بلدة نوى، وذلك بعد أن رد الكتب المستعارة من الأوقاف وزار المقابر الخاصة بشيوخه ودعا لهم وهذا رمز للوفاء من النووي لمن قام بتعليمه وتوجيهه العلمي على مدار حياته وعندما أكمل جولته عاد إلي بيته حيث مرض وتوفاه الله، ولقد حزن عليه المسلمون عامة والمسلمون الدمشقيون خاصة ورثاه العديد من الأشخاص.
رحم الله شيخاً جليلاً لم يدخر وسعاً في تحصيل العلم وتعليمه، كان ومازال شيخاً عظيماً من كوكبة شيوخ المسلمين العظيمة التي أنارت العقول الإسلامية وأثرت المكتبات بالعديد من الكتب القيمة في شتى الأفرع الدينية.
| |
|