عمال الحجاج وأقيمت الصلوات في أوقاتها بعد ما كانت أميتت عن وقتها مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها فقيل إن سليمان حج فرأى الخلائق بالموقف فقال لعمر أما ترى هذا الخلق الذي لا يحصي عددهم إلا الله قال هؤلاء اليوم رعيتك وهم غدا خصماؤك فبكى بكاء شديدا قلت كان عمر له وزير صدق ومرض بدابق أسبوعا وتوفي وكان ابنه داود غائبا في غزو القسطنطينية وعن رجاء بن حيوة قال ثقل سليمان ولما مات أجلسته وسندته وهيأته ثم خرجت إلى الناس فقالوا كيف أصبح أمير المؤمنين قلت أصبح ساكنا فادخلوا سلموا عليه وبايعوا بين يديه على ما في العهد فدخلوا وقمت عنده وقلت إنه يأمركم بالوقوف ثم أخذت الكتاب من جيبه وقلت إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب فبايعوا وبسطوا أيديهم فلما فرغوا قلت آجركم الله في أمير المؤمنين قالوا فمن ففتحت الكتاب فإذا فيه عمر بن عبد العزيز فتغيرت وجوه بني عبد الملك فلما سمعوا وبعده يزيد تراجعوا وطلب عمر فإذا هو في المسجد فأتوه وسلموا عليه بالخلافة فعقر فلم يستطع النهوض حتى أخذوا بضبعيه فأصعدوه المنبر فجلس طويلا لا يتكلم فقال رجاء ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه فنهضوا إليه ومد يده إليهم فلما مد هشام بن عبد الملك يده إليه قال إنا لله وإنا إليه راجعون فقال عمر نعم إنا لله حين صار يلي هذه الأمة أنا وأنت ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس إني لست بفارض ولكني منفذ ولست بمبتدع ولكني متبع وإن من حولكم من الأمصار إن أطاعوا كما أطعتم فأنا واليكم وإن هم أبوا فلست لكم بوال ثم نزل فأتاه صاحب المراكب فقال لا ائتوني بدابتي ثم كتب إلى عمال الأمصار قال رجاء كنت أظن أنه سيضعف فلما رأيت صنعه في الكتاب علمت أنه سيقوى قال عمرو بن مهاجر صلى عمر المغرب ثم صلى على سليمان قال ابن إسحاق مات سليمان يوم الجمعة عاشر صفر سنة تسع وتسعين قال خالد بن مرداس حدثنا الحكم بن عمر شهدت عمر بن عبد العزيز حين جاءه أصحاب مراكب الخلافة يسألونه العلوفة ورزق خدمها قال ابعث بها إلى أمصار الشام يبيعونها واجعل أثمانها في مال الله تكفيني بغلتي هذه الشهباء وعن الضحاك بن عثمان قال لما انصرف عمر بن عبد العزيز عن قبر سليمان قدموا له مراكب سليمان فقال
فلولا التقى ثم النهى خشية الردى * لعاصيت في حب الصبى كل زاجر
قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى * له صبوة أخرى الليالي الغوابر
لا قوة إلا بالله
سفيان بن وكيع حدثنا ابن عيينة عن عمر بن ذر أن مولى لعمر بن عبد العزيز قال له بعد جنازة سليمان مالي أراك مغتما قال لمثل ما أنا فيه فليغتم ليس أحد من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتب إلي فيه ولا طالبه مني قال عبيد الله بن عمر خطبهم عمر فقال لست بخير أحد منكم ولكني أثقلكم حملا أيوب بن سويد حدثنا يونس عن الزهري قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم ليكتب إليه بسيرة عمر في الصدقات فكتب إليه بذلك وكتب إليه إنك إن عملت بمثل عمل عمر في زمانه ورجاله في مثل زمانك ورجالك كنت عند الله خيرا من عمر قلت هذا كلام عجيب أنى يكون خيرا من عمر حاشى وكلا ولكن هذا القول محمول على المبالغة وأين عز الدين بإسلام عمر وأين شهوده بدرا وأين فرق الشيطان من عمر وأين فتوحات عمر شرقا وغربا وقد جعل الله لكل شيء قدرا حماد بن زيد عن أبي هاشم أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله فإذا رجلان يختصمان وأنت بين يديه فقال لك يا عمر إذا عملت فاعمل بعمل هذين فاستحلفه بالله لرأيت فحلف له فبكى قال ميمون بن مهران إن الله كان يتعاهد الناس بنبي بعد نبي وإن الله تعاهد الناس بعمر بن عبد العزيز
قال حماد بن أبي سليمان لما ولي عمر بن عبد العزيز بكى فقال له رجل كيف حبك للدنيا والدرهم قال لا أحبه قال لا تخف فإن الله سيعينك يعقوب الفسوي حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى حدثني أبي عن جدي قال كنت أنا وابن أبي زكريا بباب عمر بن عبد العزيز فسمعنا بكاء فقيل خير أمير المؤمنين امرأته بين أن تقيم في منزلها وعلى حالها وأعلمها أنه قد شغل بما في عنقه عن النساء وبين أن تلحق بمنزل أبيها فبكت فبكت جواريها جرير عن مغيرة قال كان لعمر بن عبد العزيز سمار يستشيرهم فكان علامة ما بينهم إذا أحب أن يقوموا قال إذا شئتم وعنه أنه خطب وقال والله إن عبدا ليس بينه وبين آدم أب إلا قد مات لمعرق له في الموت جرير عن مغيرة قال جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم ويزوج منها أيمهم وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى فكانت كذلك حياة أبي بكر وعمر عملا فيها عمله ثم أقطعها مروان ثم صارت لي فرأيت أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته ليس لي بحق
وإني اشهدكم أني قد رددتها على ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الليث بدأ عمر بن عبد العزيز بأهل بيته فأخذ ما بأيديهم وسمى أموالهم مظالم ففزعت بنو أمية إلى عمته فاطمة بنت مروان فأرسلت إليه إني قد عناني أمر فأتته ليلا فأنزلها عن دابتها فلما أخذت مجلسها قال يا عمة أنت أولى بالكلام قالت تكلم يا أمير المؤمنين قال إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة ولم يبعثه عذابا واختار له ما عنده فترك لهم نهرا شربهم سواء ثم قام أبو بكر فترك النهر على حاله ثم عمر فعمل عمل صاحبه ثم لم يزل النهر يشتق منه يزيد ومروان وعبد الملك والوليد وسليمان حتى أفضى الأمر إلي وقد يبس النهر الأعظم ولن يروي اهله حتى يعود إلى ما كان عليه فقالت حسبك فلست بذاكرة لك شيئا ورجعت فأبلغتهم كلامه وعن ميمون بن مهران سمعت عمر بن عبد العزيز يقول لو أقمت فيكم خمسين عاما ما استكملت فيكم العدل إني لأريد الأمر من أمر العامة فأخاف ألا تحمله قلوبهم فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قلت لطاووس هو المهدي يعني عمر بن عبد العزيز قال هو المهدي وليس به إنه لم يستكمل العدل كله قال ابن عون كان ابن سيرين إذا سئل عن الطلاء قال نهى عنه إمام هدى يعني عمر بن عبد العزيز قال حرملة سمعت الشافعي يقول الخلفاء خمسة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز وفي رواية الخلفاء الراشدون وورد عن أبي بكر بن عياش نحوه وروى عباد ( بن ) السماك عن الثوري مثله أبو المليح عن خصيف قال رأيت في المنام رجلا وعن يمينه وشماله رجلان إذ أقبل عمر بن عبد العزيز فأراد أن يجلس بين الذي عن يمينه وبينه فلصق صاحبه فجذبه الأوسط فأقعده في حجره فقلت من هذا قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أبو بكر وهذا عمر عبد الرحمن بن زيد عن عمر بن أسيد قال والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول اجعلوا هذا حيث ترون فما يبرح يرجع بماله كله قد أغنى عمر الناس قال جويرية بن أسماء دخلنا على فاطمة بنت الإمام علي فأثنت على عمر بن عبد العزيز وقالت فلو كان بقي لنا ما احتجنا بعد إلى أحد وعن ضمرة قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله أما بعد فإذا دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم فاذكر قدرة الله تعالى عليك ونفاد ما تأتي إليهم وبقاء ما يأتون إليك عمر بن ذر حدثني عطاء بن أبي رباح قال حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه يده على خده سائلة دموعه فقلت يا أمير المؤمنين ألشيء حدث قال يا فاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب المأسور والكبير وذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سيسألني عنهم وأن خصمهم دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت ألا تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت وروى حماد بن النضر عن محمد بن المنكدر عن عطاء عنها نحوه وقال حدثتني بعد وفاة عمر قال الفريابي حدثنا الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز جلس في بيته وعنده أشراف بني أمية فقال أتحبون أن أولي كل رجل منكم جندا من هذه الأجناد فقال له رجل منهم لم تعرض علينا ما لا تفعله قال ترون بساطي هذا إني لأعلم أنه يصير إلى بلى وإني أكره أن تدنسوه علي بأرجلكم فكيف أوليكم ديني وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارهم تحكمون فيهم هيهات هيهات قالوا لم أما لنا قرابة أما لنا حق قال ما أنتم وأقصى رجل من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء إلا رجل حبسه عني طول شقة يحيى بن أبي غنية عن حفص بن عمر بن أبي الزبير قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم أن أدق قلمك وقارب بين أسطرك فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به قال ميمون بن مهران أقمت عند عمر بن عبد العزيز ستة أشهر ما رأيته غير رداءه كان يغسل من الجمعة إلى الجمعة ويبين بشيء من زعفران
الثوري عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال كان مؤذن لعمر بن عبد العزيز إذا أذن رعد فبعث إليه أذن أذانا سمحا ولا تغنه وإلا فاجلس في بيتك وروى عمر بن ميمون عن أبيه ما زلت ألطف في أمر الأمة أنا وعمر بن عبد العزيز حتى قلت له ما شأن هذه الطوامير التي تكتب فيها بالقلم الجليل وهي من بيت المال فكتب إلى الآفاق بتركه فكانت كتبه نحو شبر قال حميد الطويل أمل علي الحسن رسالة إلى عمر بن عبد العزيز فأبلغ ثم شكى الحاجة والعيال فقلت يا أبا سعيد لا تهجن الكتاب بالمسألة ( اكتب هذا في غير ذا ) قال دعنا منك فأمر بعطائه قال قلت يا أبا سعيد اكتب إليه في المشورة فإن أبا قلابة قال كان جبريل ينزل بالوحي فما منعه عليه السلام ذلك أن أمره الله بالمشورة فقال نعم فكتب بالمشورة فأبلغ رواه حماد بن سلمة عنه خلف بن تميم حدثنا عبد الله بن محمد عن الأوزاعي قال كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رسالة لم يحفظها غيري وغير مكحول أما بعد فإنه من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه والسلام وقال الأوزاعي كان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثا ثم عاقبه كراهية أن يعجل في أول غضبه معاوية بن صالح حدثنا سعيد بن سويد أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم الجمعة ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه فقال له رجل يا أمير المؤمنين إن الله قد أعطاك فلو لبست فقال أفضل القصد عند الجدة وأفضل العفو عند المقدرة قال جويرية بن أسماء قال عمر بن عبد العزيز إن نفسي تواقة وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل منه يعني الجنة قال حماد بن واقد سمعت مالك بن دينار يقول الناس يقولون عني زاهد إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها الفسوي حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى حدثني أبي عن عبد العزيز ( بن ) عمر بن عبد العزيز قال دعاني المنصور فقال كم كانت غلة عمر ابن عبد العزيز حين استخلف قلت خمسون ألف دينار قال كم كانت يوم موته قلت مئتا دينار وعن مسلمة بن عبد الملك قال دخلت على عمر وقميصه وسخ فقلت لامرأته وهي أخت مسلمة اغسلوه قالت نفعل ثم عدت فإذا القميص على حاله فقلت لها فقالت والله ماله قميص غيره وروى إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر كانت نفقة عمر بن عبد العزيز كل يوم درهمين وروى سعيد بن عامر الضبعي عن عون بن المعتمر أن عمر بن عبد العزيز قال لإمرأته عندك درهم أشتري به عنبا قالت لا قال فعندك فلوس قالت لا أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم قال هذا أهون من معالجة الأغلال في جهنم مروان بن معاوية عن رجل قال كان سراج بيت عمر بن عبد العزيز على ثلاث قصبات ( فوقهن طين ) عبد الله بن إدريس عن أبيه عن أزهر صاحب له قال رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب بخناصرة وقميصه مرقوع قال مروان بن محمد حدثنا محمد بن مهاجر حدثني أخي عمرو أن عمر بن عبد العزيز كان يلبس برد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذ قضيبه في يده يوم العيد وقال معرف بن واصل رأيت عمر بن عبد العزيز قدم مكة وعليه ثوبان أخضران وقال الوليد بن أبي السائب كان لعمر بن عبد العزيز جبة خز غبراء وجبة خز صفراء وكساء خز ثم ترك ذلك قال الواقدي حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عمرو بن مهاجر رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب الأولى جالسا وبيده عصا قد عرضها على فخذه يزعمون أنها عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فرغ من خطبته سكت ثم قام فخطب الثانية متوكئا عليها فإذا مل لم يتوكأ ( وحملها حملا ) فإذا دخل في الصلاة وضعها إلى جنبه وفي الزهد لابن المبارك أخبرنا إبراهيم بن نشيط حدثنا سليمان بن حميد عن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع أنه دخل على فاطمة بنت عبد الملك فقال ألا تخبريني عن عمر قالت ما أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا احتلام منذ استخلف قال يحيى بن حمزة حدثنا عمرو بن مهاجر أن عمر بن عبد العزيز كان تسرج عليه الشمعة ما كان في حوائج المسلمين فإذا فرغ أطفأها وأسرج عليه سراجه وقال مالك أتي عمر بن عبد العزيز بعنبرة فأمسك على أنفه مخافة أن يجد ريحها وعنه أنه سد أنفه وقد أحضر مسك من الخزائن خالد بن مرداس حدثنا الحكم بن عمر قال كان لعمر ثلاث مئة حرسي وثلاث مئة شرطي فشهدته يقول لحرسه إن لي عنكم بالقدر حاجزا وبالأجل حارسا من أقام منكم فله عشرة دنانير ومن شاء فليلحق بأهله عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا خالد بن يزيد عن جعونة قال دخل رجل على عمر بن عبد العزيز فقال يا أمير المؤمنين إن من قبلك كانت الخلافة لهم زينا وأنت زين الخلافة فأعرض عنه وعن عبد العزيز بن عمر قال لي رجاء بن حيوة ما أكمل مروءة أبيك سمرت عنده فغشي السراج وإلى جانبه وصيف نام قلت ألا أنبهه قال لا دعه قلت أنا أقوم قال لا ليس من مروءة الرجل استخدامه ضيفه فقام إلى بطة الزيت وأصلح السراج ثم رجع وقال قمت وأنا عمر بن عبدالعزيز ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز وكان رحمه الله فصيحا مفوها فروى حماد بن سلمة عن رجاء
الرملي عن نعيم بن عبد الله كاتب عمر بن عبد العزيز أن عمر قال إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة المباهاة جرير بن حازم عن مغيرة بن حكيم قالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز حدثنا مغيرة أنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصياما من عمر بن عبد العزيز وما رأيت أحدا أشد فرقا من ربه منه كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده ثم يرفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه ثم يتنبه فلا يزال يدعو رافعا يديه يبكي حتى تغلبه عينه يفعل ذلك ليله أجمع ابن المبارك عن هشام بن الغاز عن مكحول لو حلفت لصدقت ما رأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر بن عبد العزيز قال النفيلي حدثنا النضر بن عربي قال دخلت على عمر بن عبد العزيز فكان ينتفض أبدا كأن عليه حزن الخلق الفسوي حدثنا إبراهيم بن هشام الغساني حدثنا أبي عن جدي عن ميمون بن مهران قال لي عمر بن عبد العزيز حدثني فحدثته فبكى بكاء شديدا فقلت لو علمت لحدثتك ألين منه فقال إنا نأكل العدس وهي ما علمت مرقة للقلب مغزرة للدمعة مذلة للجسد حكام بن سلم عن أبي حاتم قال لما مرض عمر بن عبد العزيز جيء بطبيب فقال به داء ليس له دواء غلب الخوف على قلبه
وعن عطاء قال كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون وقيل كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل إنك إن استشعرت ذكر الموت في ليلك ونهارك بغض إليك كل فان وحبب إليك كل باق والسلام ومن شعره
من كان حين تصيب الشمس جبهته * أو الغبار يخاف الشين والشعثا
ويألف الظل كي تبقى بشاشته * فسوف يسكن يوما راغما جدثا
في قعر مظلمة غبراء موحشة * يطيل في قعرها تحت الثرى اللبثا
تجهزي بجهاز تبلغين به * يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا
قال سعيد ين أبي عروبة كان عمر بن عبد العزيز إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله ومما روي له