محمد بن سيرين
محمد بن سيرين الإمام شيخ الإسلام أبو بكر الأنصاري الأنسي البصري مولى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبوه من سبي جرجرايا تملكه أنس ثم كاتبه على ألوف من المال فوفاه وعجل له مال الكتابة قبل حلوله فتمنع أنس من أخذه لما رأى سيرين قد كثر ماله من التجارة وأمل أن يرثه فحاكمه إلى عمر رضي الله عنه فألزمه تعجيل المؤجل قال أنس بن سيرين ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر وولدت بعده بسنة قابلة
سمع أبا هريرة وعمران بن حصين وابن عباس وعدي بن حاتم وابن عمر وعبيدة السلماني وشريحا القاضي وأنس بن مالك وخلقا سواهم روى عنه قتادة وأيوب ويونس بن عبيد وابن عون وخالد الحذاء وهشام بن حسان وعوف الأعرابي وقرة بن خالد ومهدي ابن ميمون وجرير بن حازم وأبو هلال محمد بن سليم ويزيد بن إبراهيم التستري وعقبة بن عبد الله الأصم وسعيد بن أبي عروبة وأبو بكر سلمى الهذلي وحيان بن حصين وشبيب بن شيبة وسليمان بن المغيرة وخليد بن دعلج
قال خالد بن خداش حدثنا حماد عن أنس بن سيرين ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر قال الحاكم هكذا وجدت في كتابي: عمر، وقال غيره عثمان قلت الثاني أشبه ولو كان أولاهما الأول لكان ابن سيرين في سن الحسن ومعلوم أن محمدا كان أصغر بسنوات لكن يشهد للأول قول عارم عن حماد بن زيد عاش ابن سيرين نيفا وثمانين سنة ويشهد للثاني قول ميسرة عن معلى بن هلال حدثنا يونس ابن عبيد قال مات محمد بن سيرين وهو ابن ثمان وسبعين سنة حماد بن زيد عن هشام عن ابن سيرين قال حج بنا أبو الوليد فمر بنا على المدينة فأدخلنا على زيد بن ثابت ونحن سبعة ولد سيرين فقال له هؤلاء بنو سيرين فقال زيد هذان لأم وهذان لأم وهذان لأم وهذا من أم قال فما أخطأ وكان يحيى أخا محمد من أمه وقيل بل معبد كان أخا محمد لأمه قال هشام بن حسان أدرك محمد ثلاثين صحابيا عمر بن شبة حدثنا يوسف بن عطية رأيت ابن سيرين قصيرا عظيم البطن له وفرة يفرق شعره كثير المزاح والضحك يخضب بالحناء
قال ابن عون كان محمد يأتي بالحديث على حروفه وكان الحسن صاحب معنى
عون بن عمارة حدثنا هشام حدثني أصدق من أدركت محمد بن سيرين قال حبيب بن الشهيد كنت عند عمرو بن دينار وقال والله ما رأيت مثل طاووس فقال أيوب السختياني وكان جالسا والله لو رأى محمد بن سيرين لم يقله معاذ بن معاذ سمعت ابن عون يقول ما رأيت مثل محمد بن سيرين وعن خليف بن عقبة قال كان ابن سيرين نسيج وحده وقال حماد بن زيد عن عثمان البتي قال لم يكن بالبصرة أحد أعلم بالقضاء من ابن سيرين وعن شعيب بن الحبحاب قال كان الشعبي يقول لنا عليكم بذلك الأصم يعني ابن سيرين وقال ابن يونس كان ابن سيرين أفطن من الحسن في أشياء
وقال عوف الأعرابي كان ابن سيرين حسن العلم بالفرائض والقضاء والحساب
حماد بن زيد عن عاصم سمعت مورقا العجلي يقول ما رأيت أحدا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين وقال عاصم وذكر محمد عند أبي قلابة فقال اصرفوه كيف شئتم فلتجدنه أشدكم ورعا وأملككم لنفسه حماد حدثنا أيوب عن أبي قلابه قال ومن يستطيع ما يطيق محمد يركب مثل حد السنان النضر بن شميل عن ابن عون قال ثلاثة لم تر عيناي مثلهم ابن سيرين بالعراق والقاسم بن محمد بالحجاز ورجاء بن حيوة بالشام كأنهم التقوا فتواصوا وقد وقف على ابن سيرين دين كثير من أجل زيت كثير أراقه لكونه وجد في بعض الظروف فأرة
حماد بن سلمة عن ثابت قال لي محمد يا أبا محمد لم يكن يمنعني من مجالستكم إلا مخافة الشهرة فلم يزل بي البلاء حتى قمت على المصطبة فقيل هذا ابن سيرين أكل أموال الناس و كان عليه دين كثير
وقال أبو عوانة رأيت محمد بن سيرين في السوق فما رآه أحدا إلا ذكر الله
محمد بن عمر الباهلي سمعت سفيان يقول لم يكن كوفي ولا بصري له مثل ورع محمد بن سيرين وعن زهير الأقطع كان محمد بن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو منه على حدة وقال ابن عون كان محمد يرى أن أهل الأهواء أسرع الناس رده وأن هذه نزلت فيهم " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره " وما رأيت أحدا أسخى نفسا من ابن عون مسلم بن إبراهيم عن قرة قال أكلت عند ابن سيرين فقال إن الطعام أهون من أن يقسم عليه وعن ثابت البناني قال كان الحسن متواريا من الحجاج فماتت بنت له فبادرت إليه رجاء أن يقول لى صل عليها فبكى حتى ارتفع نحيبه ثم قال لي اذهب إلى محمد بن سيرين فقل له ليصل عليها فعرف حين جاء الحقائق أنه لا يعدل بابن سيرين أحدا
الأنصاري حدثنا ابن عون قال كان إبراهيم بن الحسن والشعبي يأتون بالحديث على المعاني وكان القاسم وابن سيرين ورجاء بن حيوة يقيدون الحديث على حروفه
خارجة بن مصعب عن ابن عون عن محمد قال ما رأيت سود الرؤوس أفقه من أهل الكوفة إلا أن فيهم حدة
قال محمد بن جرير الطبري كان ابن سيرين فقيها عالما ورعا أديبا كثير الحديث صدوقا شهد له أهل العلم والفضل بذلك وهو حجة
حماد بن زيد عن أيوب قال محمد إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم
الفضل بن محمد الشعراني حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم حدثنا منصور بن زاذان عن ابن سيرين قال نزل بنا أبو قتادة فبينا هو على سطح لنا قال ونحن عشرة من ولد سيرين فانقض كوكب من السماء فأتبعناه أبصارنا فنهانا أبو قتادة عن ذلك وعن شعيب بن الحبحاب قلت لابن سيرين مال ترى في السماع من أهل الأهواء قال لا نسمع منهم ولا كرامة الحاكم حدثني عمر بن جعفر البصري حدثنا الحسن بن صالح الأهوازي بالبصرة حدثنا سليمان الشاذكوني حدثنا ابن علية عن ابن عون عن محمد بن سيرين أنه كان يحدثه الرجل فلا يقبل عليه ويقول ما أتهمك ولا الذي يحدثك ولكن من بينكما أتهمه قال سليمان إنما يقع الكذب بالذي وضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال قرة بن خالد سمعت محمدا يقول ذهب العلم وبقيت منه شذرات في أوعية شتى
خالد بن خداش حدثنا مهدي بن ميمون قال رأيت محمد بن سيرين يحدث بأحاديث الناس وينشد الشعر ويضحك حتى يميل فإذا جاء بالحديث من المسند كلح وتقبض
اشهل بن حاتم عن ابن عون عن محمد قال قال عمر لابن مسعود أو لأبي مسعود إنك تفتي الناس ولست بأمير ول حارها من تول قارها قال وقال حذيفة إنما يفتي الناس أحد ثلاثة من يعلم ما نسخ من القرآن قالوا ومن يعلم ما نسخ من القرآن قال عمر أو أمير لا يجد بدا أو أحمق متكلف ثم قال ابن سيرين ولست بواحد من هذين ولا أحب أن أكون الثالث
يزيد بن طهمان عن محمد بن سيرين قال كان معاوية لا يتهم في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال الحارث ابن أبي أسامة حدثني محمد بن سعد قال سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن سبب الدين الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس به فقال كان باع من أم محمد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص جارية فرجعت إلى محمد فشكت أنها تعذبها فأخذها محمد وكان قد أنفق ثمنها وهي التي حبسته وهي التي تزوجها سلم ابن زياد وأخرجها إلى خراسان وكان أبوها يلقب كركرة وقال المدائني كان سبب حبسه أن أخذ زيتا بأربعين ألف درهم فوجد في زق منه فأره فظن أنها وقعت في المعصرة وصب الزيت كله وكان يقول إني ابتليت بذنب أذنبته منذ ثلاثين سنة قال فكانوا يظنون أنه عير رجلا بفقر
إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال لقد أتى على الناس زمان وما يسأل عن إسناد الحديث فلما وقعت الفتنة سئل عن إسناد الحديث فينظر من كان من أهل البدع ترك حديثه
قال أشعث كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال والحرام تغير لونه حتى تقول كأنه ليس بالذي كان وقال يونس كان ابن سيرين صاحب ضحك ومزاح هشيم عن منصور كان محمد يضحك حتى تدمع عيناه وكان الحسن يحدثنا ويبكي