حروب محمد علي:
أ ـ حروبه في الجزيرة العربية : 1811 ـ 1818 م: كلف السلطان العثماني محمد علي بالقضاء على حركة الوهابيين في شبه الجزيرة العربية فأرسل ابنه طوسون عام 1811 فاستولى على الحجاز، ثم وصل أخوه إبراهيم الذي دخل إلى الدرعية وهدمها وبعث بالزعيم السعودي عبد الله إلى الآستانة، وبسط نفوذه على شبه جزيرة العرب، فتدخلت إنكلترا وأنزلت قواتها في عدن عام 1839 وأجبرته على سحب قواته من شبه الجزيرة العربية.
ب ـ احتلال السودان 1820 ـ 1823 م: أرسل محمد علي ابنه اسماعيل على رأس حملة عسكرية عام 1820 إلى السودان لاستخراج الذهب والاستعانة بالسودانيين في جيشه. فتح اسماعيل مدينة بربر ثم شندي ثم سنار، إلاّ أن ابنه قتل في إحدى المعارك فأرسل صهره محمد الدفتردار الذي أكمل فتح السودان، غير أن أهداف الحملة لم تتحقق.
جـ ـ حملة محمد علي على بلاد الشام 1831 ـ 1841 م: رغب محمد علي بضم بلاد الشام إلى دولته للاستفادة من خيراتها، فأرسل ابنه إبراهيم باشا على رأس حملة برية وبحرية كبيرة فاستولى على غزة ويافا وعكا، وفتح القدس وطرابلس وبيروت ودخل دمشق دون مقاومة وهزم القوات العثمانية عند بحيرة قطينة قرب حمص. ووصل إبراهيم إلى حدود الأناضول وانتصر على الجيش العثماني في معركة قونية عام 1832 وأصبح طريقه إلى الآستانة مفتوحاً فتدخلت الدول الأوروبية لوضع حد له. فضغطت فرنسا وإنكلترا على السلطان لإيقاف القتال وعقدت معه اتفاقية كوتاهية عام 1833، وفيها منح محمد علي ولاية سوريا وإقليم أضنة. عمل إبراهيم باشا على تحسين الأوضاع في سوريا بشكل عام، إلا أن الشعب قد استاء من الاحتكار المصري للبضاعة السورية فقامت ثورات مختلفة في بعض المدن السورية (دمشق حلب ـ جبال اللاذقية ـ جبل لبنان) وقد قمع إبراهيم باشا هذه الثورات بأساليب عنيفة أما السلطان العثماني فكان ينتظر الفرصة المناسبة للاقتصاص من جيش محمد علي فوجه جيشه لدخول سوريا من جهة الشمال، فجرت بينهما معركة عنتاب عام 1839 انهزم فيها الجيش العثماني، فتدخلت الدول الأوروبية مجدداً وفرضت على السلطان العثماني وعلى محمد علي توقيع اتفاقية لندن عام 1841 م التي نصت على:
ـ منح محمد علي ولاية مصر وراثية وينتقل حكمها إلى أكبر أفراد أسرته سناً.
ـ أن يحكم ولاية عكا مدى حياته.
ـ تسري قوانين الدولة العثمانية على مصر باعتبارها ولاية عثمانية.
ـ يدفع محمد علي للسلطان العثماني غرامة قدرها 400 ألف جنيه
وبذلك خابت آمال محمد علي بتكوين دولة مستقلة تشمل بعض الأقطار العربية.
د ـ خلفاء محمد علي وتنافس الفرنسيين والإنكليز على قناة السويس:
بعد وفاة محمد علي خلفه حفيده عباس بن طوسون الذي كان ميالاً للانكليز منصرفاً إلى اللهو فقتل في قصره في بنها عام 1270 هـ. وخلفه في الحكم عمه محمد سعيد بن محمد علي والذي كان بدوره ميالاً للفرنسيين. وما إن تولى العرش حتى عرض عليه صديقه المهندس «فرديناند دولبس» ابن قنصل فرنسا في الإسكندرية مشروع شق قناة السويس. وقد كانت شروط حفر القناة محجفة بحق المصريين وهي:
ـ تستغل الشركة القناة لمدة 99 سنة من تاريخ إنجازها.
ـ تحفر الشركة ترعة مياه عذبة بين القاهرة ومنطقة القناة تكون هذه الترعة ملكاً لها.ـ تستولي الشركة على جميع الأراضي الموجودة على جانبي القناة والترعة.
بدأت الشركة بالعمل في عام 1859 م وقدمت مصر لها الأراضي اللازمة بلا ثمن، وأرسلت الحكومة العمال الذين أخذوا يحفرون الأرض بوسائل بسيطة، وتعرضوا للأمراض والأوبئة ومات منهم أكثر من مائة وعشرين ألف عامل دفنوا في أرض القناة وكان أكثرهم من الفلاحين الذين أخذت منهم أراضيهم.
أما من الناحية المالية، فقد تحملت مصر القسم الأكبر من نفقات حفر القناة، فكانت تدفع نفقات الدراسات العلمية والبحوث الهندسية، ثم اشترت القسم الأعظم من أسهم الشركة البالغة 400 ألف سهم. وكانت تقدم للشركة بين وقت وآخر مساعدات مالية عندما تدعي الشركة الإفلاس وتتأخر في العمل وخاصة في عهد الخديوي اسماعيل الذي خلف سعيدا.
وما إن تم حفر القناة وافتتاحها للملاحة عام 1869 م ـ 1285 هـ حتى دعا اسماعيل ملوك أوروبا وملكاتها لحضور حفلة الافتتاح التي انفق عليها 1,400,000 جنيه وهو مبلغ يظهر مدى استهتار الخديوي اسماعيل وبذخه حتى اضطر لبيع أسهم الحكومة في شركة القناة إلى إنكلترا بمبلغ زهيد «ثلاثة ملايين جنيه» وتفاقمت الأزمة المالية في مصر ما أدى إلى تدخل أجنبي وفرض لجنة إنكليزية ـ فرنسية بحجة تنظيم مالية مصر. وراحت هذه اللجنة تتدخل في شؤون الحكم. وحين حاول الخديوي إسماعيل عزل هذه اللجنة والإستعانة بالعناصر الوطنية سارعت إنكلترا وفرنسا لدى السلطان لعزله بحجة تبذيره وإسرافه، وتولية ابنه توفيق بدلاً منه عام 1879 م ـ 1297 هـ.