جلال حرب
--------------------------------------------------------------------------------
عن جريدة القاهرة
بقلم زكي مصطفى
«جلال حرب» المولد في 24 مارس عام 1918 بحي محرم بك بالإسكندرية.
عقب وفاة والده محمد محمود حرب تعهده شقيقه الشاعر والطالب بمعهد موسيقي الإسكندرية «عبدالحكيم حرب» بالرعاية منذ كان عمره ثلاث سنوات.. وكان تأثير الأخ الأكبر عليه واضحا جدا.. حيث كان صالون المنزل يحتفي بالعديد من رجال الأدب والفن وتأثر بهم جلال بالطبع.
التحق جلال حرب بمدرسة محرم بك الابتدائية.. واهتم بآلات الموسيقي حتي عندما التحق بالدراسة الثانوية «مدرسة العباسية الثانوية» كان العضو المؤسس لفريق الموسيقي بها.. حاول كتابة الأشعار وشارك في مجموعة لكتابة القصة القصيرة، وظهرت ميوله الفنية أكثر وأكثر في مجال الرسم والخط العربي أيضا.
في بداياته التحق جلال حرب بكلية الآداب جامعة القاهرة وغني فيها واستمع إليه مصادفة موسيقار الأجيال «محمد عبدالوهاب» حيث كان يقام حفل كبير بقاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة.
لم يحالف جلال حرب التوفيق بجامعة القاهرة فعاد مرة ثانية إلي الإسكندرية ليدرس بكلية الحقوق.. وأقام حفلة له في «نادي الموظفين» قامت إذاعة القاهرة ببثه علي الهواء مباشرة فاستمع إليه الموسيقار الكبير «مدحت عاصم» فأرسل له من يستدعيه إلي القاهرة.. وعلي الفور تم اعتماده مطربا وملحنا.
الحب الأول
أعجب به الموسيقار محمد عبدالوهاب إعجابا شديدا وقال عن صوته: انه ملائكي وصاحب صوت يمتاز بالثقافة والخجل!
وعندما أسند إليه عبدالوهاب بطولة فيلم من إنتاجه هو «الحب الأول» مع المطربة «رجاء عبده» والتي غنت فيه أشهر أغنياتها:«البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي .. وعيوني لما بكوا دابت مناديلي» اعتقد الناس لفرط التشابه في الصوت بينه وبين عبدالوهاب .. وكذلك الألحان إن الموسيقار الكبير يتخفي وراء صورة «مطرب صاعد»!
وردد الناس مع جلال حرب أغنيته الشهيرة في الفيلم «هي.. هي لا .. مش هي».
وكان هذا الفيلم أحد أسباب تأخر .. تخرج جلال حرب في كلية الحقوق وعندما تخرج فيها صار من أهم المحامين النشطين حتي أصبح عضوا في نقابة المحامين وفي نقابة الموسيقيين أيضا وهنا كانت قصة الصراع ما بين نقابتين .. والسبب فيه جلال حرب خيرته نقابة المحامين بين اعتزال المحاماه أو التفرغ للفن .. حيث كان سكرتيرا عاما لنقابة الموسيقيين.. وكذلك اشتد الصراع وطالبوه بالتخلي عن روب المحاماه والاتجاه للفن أو التفرغ للمهنة ووقارها.
ترك جلال حرب كل شيء مضحيا بمجده الفني.. والقانوني.. ليعود إلي الإسكندرية موظفا بمرفق المياه.. وإن كان الفن ظل «هواية» يعود إليها من حين لآخر!
هذا المطرب والملحن الذي جعل عبدالوهاب لا يفكر في التلحين له وينتج له فيلما من «جيبه الخاص» ويشاركه في الفيلم فقط بألحانه للمطربة رجاء عبده.
كانت عودة جلال حرب خجولة للغاية.. وكما قلنا عن طريق الهواية فقط، وقام بالتلحين لفايزة أحمد وعبدالغني السيد وفايدة كامل وكارم محمود.. وآخر أغنية قام بتسجيلها هي أغنية «محلاك يانيل يا أسمر وجميل بين الشطين» من كلمات حسين السيد.
إذاعة الإسكندرية
في عام 1957 وعقب مرور ما يقرب من عشر سنوات كاملة من الاختفاء العجيب والمريب .. تم افتتاح إذاعة الإسكندرية كان جلال حرب وقتها مديرا لشئون الأفراد بشركة مياه الإسكندرية وتم اللجوء إليه.. واستطاع بالفعل تقديم (370 لحنا) وثلاث أوبريتات منها «سوق راتب» و«حلقة الأنفوشي».
حكم دولي
والغريب أن جلال حرب كانت له هواية خامسة أو سادسة لا يعرف أحد عنها شيئا ألا وهي لعبة التنس حتي صار حكما دوليا في هذه اللعبة! وعاش جلال حرب في حي «سيد درويش» وهو حي كوم الدكة وتزوج وله ابنة فنانه هي «ماجدة» وابن هو «حسام». ومازال هذا الفنان الذي يعد أقدم مطرب في مصر حريصا علي الاستيقاظ في السادسة صباحا والاستماع إلي الموسيقي وهي عادة تلازمه منذ أن كان في عمله الوظيفي .. فقد كان يتوجه إلي عمله في الثامنة والنصف وحتي الثانية.. ومن الرابعة إلي الثامنة يقوم بالرياضة والجري في أشهر وأعرق نوادي الإسكندرية نادي سبورتنج، ويتسامر مع أصدقائه خاصة وأنه كان رئيسا للجنة الحكام للعبة التنس بالإسكندرية. يحرص جلال حرب علي الاستماع لعلي الحجار وهاني شاكر وإيمان البحر درويش ومحمد ثروت والحلو .. ويعتبرهم مع مدحت صالح ومحمد منير من أهم الأصوات الموجودة علي الساحة الآن. ومازالت ذكرياته مع قصة الصراع مع نقابة الموسيقيين ونقابة المحامين قصة غامضة في حياته، وهل مهنة الفنان تكون أحيانا قاسية للغاية عليه وتجعله يتخلي عن أمجاد وطموحات أم أن «عريكة» بعض الفنانين وقدراتهم علي الاحتمال متنوعة ومتباينة .. إلا أن جلال حرب ما زال هو المطرب الذي جعل عبدالوهاب لا يفكر في التلحين له لموهبته الفذة والحقيقية. بقي أن نعرف للفنان الكبير جلال حرب أراء في الفن وعن الأغنية الآن يقول: بطبيعة الحال الفن له زاويتان زواية فنية وأخري تجارية.. فأي منتج يهمه بالدرجة الأولي المتلقي.. والمتلقي بدوره أصبح له نوعية معينة تفرض علي المنتج تقديم نوعية خاصة من الأعمال الفنية لا أقول إنها هابطة ولكن يكفي أن أقول إنها لم تعد كما كانت في الماضي علي درجة من السمو الفكري والعاطفي! وعن إذاعة الإسكندرية يضيف جلال حرب: أشبه هذه الإذاعة بالمعهد الفني لأنه عن طريقها قدمت مجموعة من الأصوات مثل: مصطفي فتحي وأسامة رؤوف وعبداللطيف التلباني وإكرام وبدريه السيد وغيرهم. وبالنسبة لإذاعة القاهرة سجلت عشرات الأغاني بصوتي ومن تلحيني.. وغني من ألحان عادل مأمون وعائشة حسن وشهرزاد وسوزان عطية وضحي.. بالإضافة إلي ألحان وتسجيلات للإذاعات العربية. واختتم جلال حرب حديثة عن السينما قائلا: قمت ببطولة عدد من الأفلام من عام 1945 وآخرها فيلم «ابن الحارة» عام 1952 .