الكرمل تصدر عددها التسعين الذي حلم محمود درويش بإصداره
حقق القائمون على مجلة الكرمل حلم مؤسسها الراحل الشاعر الكبير محمود درويش باصدار عددها التسعين رغم توقفها عن الظهور لسنوات وذلك تكريما لمؤسسها في ذكرى ميلاده في 13 مارس اذار. وصدر العدد الجديد من مجلة (الكرمل) الذي لم يوزع بعد وحصلت رويترز على نسخة منه مكرسا للحديث عن درويش يوم الثلاثاء بغلاف اسود عليه صورة لدرويش الذي رحل في التاسع من اغسطس اب الماضي بشكل مفاجئ اثر مضاعفات عملية جراحية في القلب اجريت له في الولايات المتحدة.
وكتب حسن خضر مدير تحرير الكرمل التي صدر العدد الاول منها في بيروت عام 1981 في مقدمة العدد التسعين "بهذا العدد رقم تسعين يكون قوس الكرمل قد اكتمل ما بين لحظتي البدء والختام وقد جرى صدور توقيته في الثالث عشر من اذار كتحية لمحمود درويش في يوم ميلاده."
ويضيف "يمثل عدد الكرمل هذا تحقيقا لرغبة راودت محمود درويش ولم يتمكن من تحقيقها ففي اواخر العام 2006 عندما توصل الى قناعة بضرورة تجميد الكرمل اعرب عن امنية بدت في حينها عصية على التحقيق وهي ان نصل بالمجلة الى العدد 90." ويتابع خضر "بهذا المعنى نحتفي بالشاعر الذي رفع فلسطين باعتبارها اسما من اسماء الحرية عاليا عليا على اكف المجاز واسهم بوجوهه المتعددة الثقافية والسياسية في صياغة هويتنا الوطنية... واثاره من تفاعلات لن تكف عن الحراك في وقت قريب علامة فارقة في تاريخ الشعرية العربية والعالمية."
ويروي الياس خوري في هذا العدد الواقع في 252 صفحة من القطع المتوسط تفاصيل العثور على قصائد لدرويش لم ينشرها ووجد بعضها غير مكتمل وكيف عمل على ترتيبها لتصدر في ديوان شعري جديد لدرويش يضم مجموعة قصائده الاخيرة التي كان بدأ بنشرها او تلك التي تم العثور عليها في منزل درويش في عمان.
وكتب خوري "لم يكتب محمود درويش وصية ولم يتكلم رغم كل الاخطار التي كان يعرف انها في انتظاره." ويضيف في وصف قصيدة طويلة بلا عنوان "في المنزل (منزل درويش) اخذت قصيدة طويلة بلا عنوان مكتوبة بخط يد محمود درويش في خمس وعشرين صفحة وعلى عكس الكثير من القصائد التي وجدناها فانها ناجزة لا اثر فيها للتشطيب او اقتراحات التعديل."
ويتابع خوري "قرأت القصيدة التي قفز عنوانها من بين السطور دون اي جهد (لااريد لهذه القصيدة ان تنتهي) وجدتني امام عمل شعري كبير قصيدة تصل بالمقترب الملحمي الغنائي الذي صاغه درويش الى الذروة ومعها عثرنا على خمس قصائد جديدة." ويشير خوري الى ان مجموعة من النصوص التي تم العثور عليها في منزل درويش في رام الله لن تنشر لان اعضاء اللجنة التحضيرية لمؤسسة محمود درويش رأوا عدم نشرها مضيفا "سوف تبقى هذه النصوص في ارشيف الشاعر في المتحف الذي سيضم مخطوطاته التي عثر عليها."
وسيحمل الديوان الشعري الجديد الذي من المقرر ان يصدر قريبا عن دار الريس عنوان القصيدة "لا اريد لهذه القصيدة ان تنتهي". وتضم مجلة الكرمل التي استعارت اسمها من جبل الكرمل في حيفا مجموعة من الابواب من بينها (الشعر) وفيه قصيدة محمود درويش التي لم تنشر من قبل (لا اريد لهذه القصيدة ان تنتهي). وفي باب اضاءة كتب إلياس خوري (حكاية الديوان الاخير لمحمود درويش).
واشتمل باب الدرسات على مقالات لثلاثة كتاب وهم صبحي حديدي (استراتيجيات التعبير وتمثيل المعنى) وفيصل دراج (ثلاثة مداخل لقراءة محمود درويش) وكاظم جهاد (عزلة الشاهد). وحمل باب (اقواس) مقالات لكل من ستيفن هيث (فعل القراءة وتأزم التمثيل) وانجليكا نوفيرت (الوطن والمنفى) وامجد ناصر (محمود درويش وقصيدة النثر) وقاسم حداد (في شرفة محمود درويش).
وتحدث اكرم هنية في باب (ذاكرة) عن (الشاعر في رحلته الاخيرة) ومحمود شقير عن (الشاعر وبعض ايامه) وليانة بدر (ليلك اخضر) وحسن خضر (صورة سيد الكلام). وكتب في الباب قبل الاخير (اختلاجات) كل من سعدي يوسف (اختلاجات في حضرة محمود درويش) وشيركوبيكه وهي شاعرة من كردستان العراق قصيدة (مات قمر وندبته جميع اشعار الدنيا). وكما كانت البداية قبل 28 عاما بكلمات محمود درويش كانت خاتمة العدد الاخير بذات الكلام وحملت عنوان (بيان الكرمل ...نلم فتات الضوء).
ومما كتبه درويش "في هذا الانفجار المفتوح على الاحتمالات الانفجار الذي يهز المجتمعات العربية يرتفع السؤال عن ثقافة الازمة... خيارنا الوحيد الانتماء الى الابداع في الثورة والثورة في الابداع هو ان نحاول لملمة فتات الضوء المختلط بالوحل داخل مراة تكون اطارا للحرية وأفقا لا تحده المسبقات الجاهزة."
ويختتم درويش افتتاحيته بقوله "هذا الانهيار الشامل ليس انهيارنا ليس انهيار الابداع والامل ولا هو انهيار فلسطين الصراع والمعنى والمستقبل... الانهيارات العلنية والبديل يتشكل من الازمة والمجهول الذي يكور قبضاته ويتقدم لافتتاح مرحلته وامتلاكها حول اسم فلسطين التي تتفجر اشارات وكلمة سر لم تعد سرية...هذا الصوت ليس جبلا ولكن يطمح الى ان ينحت طريقا في حجر الطريق الى الجبل." (رويترز)