عبد الواحد استيتو
لأنه كاتب كبير!
أجمل ما في الحب أننا ندرك كم كانت حياتنا رائعة قبله.
** ** **
ببساطة تركها. مثلما يهوى جميع الرجال أن يفعلوا. الرجال مجرد ساديين يتلذذون بترك الفتيات يبكين خلفهم.هذا ما فكرت به. لا تنكرأنها كانت تتلذذ بماشوسيتها أيضا. لكنها لا تجد له صفة أخرى غير الوغد.
في الشبكة العنكبوتية تعرفت عليه، و فيها ستحقق انتصارها الصغير على هزيمتها الأكبر.
سمير هنا لحسن الحظ ليحل المشكلة. و هو “يفهم في تلك الأمور” كما قالت أخته.
موقع القاصة: منية مرزوق.
بلون أزرق دافئ تجد هذه الجملة في مدخل موقعها، مع ثلاث صور لا تنكر أنها تعبت كثيرا لتكون كما أرادت لها: جميلة، مثيرة، جذابة، متشفية أيضا.
في الواقع، لم يكن بموقعها سوى ست قصص و بضع مقالات، لكنها سمحت لنفسها باسم “القاصة”. ستفرض نفسها على الساحة مثلما فعل كثيرون و يفعلون دونما خجل. قرأت لكثيرين يرفعون المفعول به و ينصبون الفاعل. و في الأخير كانت تجد توقيعا بالبنط العريض: كاتب.
هكذا لم تجد أي غضاضة فيما فعلت. ثم إن الكثيرين امتدحوا ما كتبت. و هي لا تبحث عن أفضل من هذا.
إلى بريدها الإلكتروني وصلت عشرات الرسائل. نصفها غزل، و ربعها وقاحة، و ربعها الآخر كلام فارغ.
فقط رسالتان اثنتان أثارتا انتباهها. الأولى كانت من مجهول يقول لها أن كمية الصور بالموقع توحي أنه لسلعة و ليس لقاصة. مزقت الكلمات نياط قلبها. أتراه يكون هو من كتب ذلك؟
الرسالة الأخرى كانت من الكاتب المعروف: “أ. ك” كان كل ما كتبه نقد و قراءة لما كتبت. هذا الرجل إما أعمى أو كاتب حقيقي. هكذا قالت لنفسها و هي تلاحظ أنه لم يعلق على صورها البتة.
ردت عليه بسرعة. أجابها. تواصلت رسائلهما لمدة. طلب لقاءها في بيته لمناقشتها حول قصتها “لأنه كاتب كبير”.
هل قال بــــبـــيته ؟!!!
لم تتردد كثيرا. تعرف أنه كبير في السن و أنه – هذا هو الأهم – كاتب محترم لا يلتفت إلى التفاهات. ثم إنه لم يكتب لها أي كلام – و لو عابر- يدل على نية سيئة.
إنه الكاتب: “أ.ك”، أيتها الخرقاء. هذا ما قالته لها صديقتها منهية حيرتها.
” إنه الكاتب أ.ك “. حقا إنه لسبب مقنع!!
جلس معها هادئا و بدأ يحدثها عن حياته الشخصية، عن عذاباته، عن مغامراته العاطفية. بعد ساعة بدأت تنظر إلى الباب لتتأكد أنه مغلق بالمزلاج فقط. بعد ساعتين كان الرجل يقول لها أنه متيم بها و أنه عليها أن تنسى الآن أنه الكاتب المعروف و أن تتعامل معه كرجل.
اقترب منها. أنفاسه كريهة. العرق يتصبب غزيرا من جسدها. رعب لا محدود يتسلل إلى قلبها.
دفعة قوية. انفلات سريع. الباب يفتح، و أخيرا هاهي في الشارع.
الدموع تملأ عينيها. قلبها يخفق بقوة. تضغط على شفتيها بأسنانها بقوة حتى تمزقها. تقسم أن الرجال كلهم سواء. تصل إلى منزلها و تبدأ في كتابة قصة.
عبد الواحد استيتو