لكل الكرام المسجلين في منتديات ليل الغربة ، نود اعلامكم بأن تفعيل حسابكم سيكون عبر ايميلاتكم الخاصة لذا يرجى العلم
برفقتكم الورد والجلنار
سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين .. لكل من هُجرْ ، واتخذ من الغربة وطناَ .لكل من هاجر من اجل لقمة العيش ، واتخذ من الغربة وطناً لكم جميعا بعيدا عن الطائفية والعرقية وغربة الاوطان نكتب بكل اللغات للأهل والاحبة والاصدقاء نسأل ، نستفسر عن اسماء او عناوين نفتقد لها نهدي ،نفضفض ، نقول شعرا او خاطرة او كلمة اهديكم ورودي وعطر النرجس ، يعطر صباحاتكم ومساءاتكم ، ويُسكن الراح قلوبكم .
ما برحت "الكوميديا الإلهية" لدانتي أليجييري تستنطق الحداثة الشعرية العالمية، وتثير، في مختلف اللغات، الترجمة تلو الأخرى. في هذا العمل، الذي يعد من الملاحم الكبرى، والذي يتجاوز الملحمة إلى المأساة الشعرية، تحتشد أنماط الخطاب ومستويات الكلام، فيتضافر السرد والحوار والفكر والمحاججة والإستعادة التاريخية والإشراق، ولكن هذا كله يظل عاملاً تحت "سيادة" عنصر الغناء الذي تنعقد له الغلبة من بدء العمل الكبير إلى منتهاه.
في وفرة مهولة من التفاصيل المعمقة دائماً بالإنفعال الشعري، يصف الشاعر - أنا القصيدة - نزوله في "الجحيم"، ثم إختراقه "المطهر" صعوداً إلى "الفردوس" حيث يقابل الطوباويين والقديسين، وبينهم بياتريشي نفسها: حبيبته التي يمثل البحث عنها "مهماز" الرحلة وحافزها الأساس، والتي تعنف الشاعر على غفلته الأولى، ثم تحل له ألغاز السماء والكون، وتكشف له عن مهمته التي سيعود من أجلها إلى الأرض: مهمة شعرية بإمتياز. ويقر دانتي نفسه بأن عمله هذا قابل لقراءات متعددة: حرفية ورمزية، شعرية وأمثولية (أليغورية). تعددية القراءات هذه تأخذ بها هذه الترجمة المصحوبة بمئات الحواشي، والمسبوقة بدراسة واسعة تعرض لأهم ما قاله كبار الشعراء والنقاد في عمل دانتي. على أن النابض الأساس الذي يحكم هذه الترجمة هو إيقاع العمل المتوتر على وجازة، والمتلاحق على إنسياب، والمنسكب في لغة تتراوح بين الفصاحة المطبوعة و "لعثمة" الإيطالية الوليدة يومذاك، والتي منحها دانتي جدارة الإرتقاء إلى "الكلاسيكية" الشعرية لأول مرة.