مصطفى الشليح
أسرجتُ خيلا .. للبكاء
شجرٌ بلا لغةٍ
تَمدَّدَ مثلَ قلبي في الغيابِ
على يدي أوراقيَ الأولى يَبابٌ
والحكاياتُ التي انتبهتْ إليَّ. مساؤُها
وشمٌ بأحْداق الكناياتِ التي نكأتْ جراحَ الورد
ما انتبهتْ إلى كلام العطر
حينَ سطا على كلِّ الفواصل والحمام
واختارَ أنْ يأتي شفيفا كالمطرْ
واختارَ أنْ يرِدَ القصيدةَ بغتةً مثلَ الغمامْ
واختارَ أنْ يبكي الشَّجرْ
هيَ دمعةٌ .. للأغنياتِ
على حُدود الجُرح تكسو الجُرحَ
صرختُها الأخيرةُ
والمسافةُ في رفيفِ الأغنياتِ
الغافياتِ على فمي
الرَّافياتِ دمي بإبرةِ حُزنِها
ودمي قبائلُ مِنْ دمي
شذرٌ تَوزَّعَ في النِّهاياتِ الوشيكةِ
كيْ تضجَّ الخيلُ والعمُرُ.
السَّماءُ قريبةٌ مِنْ دمعةِ الدنيا
فيا ليتَ الفَتى حجرُ
ليكسرَه النَّدى مثلَ الرُّخامْ ..
هيَ خشعةٌ للرائياتِ
إلى جدار قد تَصدَّعَ روعةً
وانهارَ
في لغةِ انهياري ما أقامْ
يدي على قلبي
الغمامُ إلى يدي ألواحُه
لوحي
كأنِّي لوحُه
والأبْجديةُ لوعةُ الكلماتِ
ما أدواحُه
وحُروفُه أشباحُه
ودواتُه نِقْسُ التَّلعثُم والكلام ؟
أجريتُ كلَّ عبارتي
الوقتُ نهرٌ
قامَ يجري في يديَّ على حذرْ
للنَّهر مَوْتٌ
مثل ماءٍ نائم في المُنحنى
مَوْتٌ يُصفِّقُ موهنا
ويُرتِّبُ الأشياءَ لليل العَصيِّ
أرتِّبُ الماءَ الحَييَّ
فتشرئبُّ حقيبتي لتضمَّني
لكأنَّني
أسعى إليَّ على سفَرْ ..
سفرُ العناصر رحلةٌ
في جُبةِ الجذواتِ. كنتُ قرأتُ
مُرتبكا جبينَ الوقتِ
هذا الرَّحلُ مُرتبكُ الخبرْ
وقرأتُ أنِّي عابرٌ
كلَّ المرايا
منذُ مُفتتَح السُّوَرْ
لكنّهاَ مِنْ رحلةٍ أولى
قرأتُ بها سجلَّ الحائرين
إذا العناصرُ أرقلتْ
والليلُ راحلةٌ، وكلُّ شيءٍ
لا أثرْ ..
لكنَّما هِيَ رحلةٌ أولى إليَّ
لأنثني، وجلا، أخبُّ إلى أثرْ
الرِّحلةُ الخرساءُ
تخفرُ ذِمَّتي .. هذا المساءُ
كأنه شذرٌ
يأتي إلى لغتي شذرْ
أسرجتُ قنديلا
لكيْ أطوي المسافةَ
أيُّهذا الماءُ
والبيداءُ للبيداءْ
يا قلبي أنا
أسرجتُ خيلا .. للبكاءْ
أسرجتُ
خيلي .. وانْحنيتُ
أحوطني
وخرجتُ
مِنِّي كيْ أعودَ إليَّ
يا وحْدي
فكيفَ أنا أعودُ إليَّ ؟
يا وحْدي
انحنيتُ لآخذَ الأشياءَ
مِنْ عمْري
وعُمْري سُلَّمُ الأشياءِ
عندَ الانحناءْ
مثلَ السِّوار
ومثلَ ليلٍ للمفازةِ
يصطلي
لا نارَ
تحْبو خلسةً
مِنْ موقدٍ .. لا ينجلي
هلْ أنجلي
مِنْ عطسةِ الجذواتِ
أوْ لا أنجلي ؟
الليلُ
قافلتي إليَّ
كأنني أقفو أنايَ بلا أثرْ
..