المفكر أحمد بوعلام دلباني في محاضرة - بوكرش محمد
الملتقى الثالث للطبيعة والابداع مساء يوم 22/4/ 2009 بمعهد الآداب واللغات ولاية الطارف
برمجت المداخلات التي تخص الملتقى الثالث للإبداع والطبيعة بحرم معهد الأدب واللغات مساء بعد الجلسة الصباحية وقراءة الشعر يوم 22 /4/2009
صعد إلى المنصة كل من أحمد بوعلام دلباني، شرف الدين شكري، السعيد موفقي و سبتي سلطاني، والطبيعة والإبداع هدف كل واحد منهم.
بعد قراءة سريعة لمحاضرته كان الأستاذ الدلباني ينتظر بداية المناقشة بفارغ الصبر على ما هو أحر من الجمر...طالت مدة الكلمة التي أخذها نائب مدير المعهد ومن بعده منشط المداخلات أحد الأساتذة من نفس المعهد بطول لسان لا يتسع له فم عادي...وعليه كانت المدة الزمنية التي اقتطفاها من الأمسية أكثر من مدة المداخلات الأربعة للأساتذة المذكورة أسماءهم.
أوف......الحمد لله رب العالمين مخلص الأحوال، رجعت الكلمة للأستاذ المفكر الدلباني الذي قال لي في لحظات التوتر النفسي قبل صعوده المنبر: يا بوكرش وافق لي برفع اليد على كل ما سأدلي به في الموضوع...ساخرا مازحا لتهدية التوتر والتقليل منه.
تكلم الأستاذ بوعلام أحمد الدلباني بفصاحة في موضوع الطبيعة والإبداع معنونا المداخلة بـ تيمة الطبيعة: التشكيل الخطابي والتأسيس الإيديولوجي
محاولا الإحاطة بما رآه يفي بالغرض واستشهد ببعض ما نظر وقاله المنظرون منظرون المدارس كالسريالية التي يعشقها كما قال: (نستطيع أن نلاحظ، كذلك، أن السوريالية بوصفها حركة فكرية / ثقافية وإبداعية عظيمة قد أعادت إنتاج الطبيعة في أفق الوعد بتحرير الإنسان من آلة التدجين الكبرى التي هي المجتمع الحديث القائم على الآلية المادية والعقلنة الأداتية. لقد مثلت الطبيعة، هنا، بحثا عن جوهر الوجود الإنساني بوصفه نزوعا وصبوات وغرائز تم قمعها وإخماد لهبها في ظل الحضارة التي أطرتها قيم الكبت والتصعيد على ما يرى رائد التحليل النفسي فرويد الذي كان – بدوره - الملهم الأول للسوريالية بما هي حركة نقدية للحضارة المعاصرة) والرومانطيقية وقال : (ربما هذا ما يتيح لنا أن نفهم بعمق، أيضا، الظاهرة الرومانطيقية العربية في النصف الأول من القرن المنصرم. لقد كان الرومانطيقيون العرب الكبار – وعلى رأسهم خليل جبران – ثوارا وجهوا حراب نقدهم لمؤسسة التقاليد التي ظل الفرد العربي يرزح تحتها لقرون وكادت تخنق فيه جذوة الحياة والإبداع. لقد كانت الرومانطيقية العربية نضالا ضد مؤسسة القمع التاريخية وانتفاضة ضد الثقافة – النعش.).
مشيرا إلى أهمية ما هو موجود أيضا ومعروف ومعمول به في بعض المدارس والأساليب الأخرى التي لا يتسع لذكرها الوقت ... (ما عليناش).
جميل ما قاله ويخص الطبيعة والإبداع وكان تحصيل حاصل وتجربة من واقع محيط كل منظر حسب ما طرحه كل واحد منهم من أسئلة محاولا الإجابة عنها بما يفي بالغرض ويكون العامل المشترك الذي يعترف به ليعمل به لاحقا أو المعمول به السائد البارحة واليوم على التوالي..
يقول في مثال: كالطبيعة التي هي تاريخ تشكل المعاني....
وركز على الرومانسية والأسلوب الرومانطيقي في التعامل مع الطبية أخذا وعطاء
ومثله بالسوريالية وتعاطي أساليبها والنيل من الطبيعة بهذه الأشكال لتأسيس ما يؤثث اتساع احتياجات معاني عامة وخاصة يقول عنها: (الطبيعة تأسيسا ، تشغيلا، أو إبداعا.)
يقول الأستاذ الدلباني: (من هنا نفهم احتفاء السورياليين بالطبيعة ورغبتهم في الإفصاح عنها بعيدا عن الرقابة التي تفرضها قيم المجتمع القمعي).
لنفهم منه في النهاية أن معانينا ومفاهيمنا للطبيعة تكمن في ما نحن عليه في كل المستويات والقطاعات من حسن استثمار واستغلال عقلاني لها، لن تبخل الطبيعة أبدا أن تفجر فينا طاقات ومعارف ومعلومات وأحاسيس ومتخيل أسس إبداعا في شتى المجالات قائلا:
( لقد رأينا أن الطبيعة مع الرومانطيقيين كانت تعني الحق في المساواة، ورأينا أنها مع السورياليين كانت تعني الرغبة، وهذا نظرا لاختلاف المشاريع الإيديولوجية ورؤى العالم بين الحركتين. لقد كان الرومانطيقيون ينشدون المساواة وزوال المجتمع البطريركي / الكهنوتي. أما السورياليون فكانوا يريدون تحرير الرغبة ومناهضة قيم المجتمع البورجوازي القمعي المحافظ؛ وربما وجدنا في تراث البشرية الديني العريق أن الطبيعة ظلت عموما تعتبر " الشيطان " لأنها ينبوع الغواية والضلال في ظل منظومة قيم كانت تقوم على " الروح ".
انطلاقا من ذلك، نعتقد أن الحديث عن الطبيعة يعني، بالأساس، الحديث عن إنتاج خطابي يتزامن مع ما يعرف غالبا بأزمة الأسس التي تعرفها كل الثقافات. إن هوس البحث عن الطبيعة ظل دائما محاولات في البحث عن المرجعيات الكبرى والنهائية التي تؤسس لمشروعية الثقافة أو التوجهات الفكرية / الإيديولوجية التي تريد أن تعلن عن اختلافها ومناهضتها للسائد المستنفد حضاريا واجتماعيا وسياسيا، وهذا باسم الأساس المكين الذي لا خلاف عليه وهو الطبيعة.).
لكن الذي استخلصته ، أن شبابنا في هذه المجالات الفكرية الفلسفية والتحليلية ليس له ما يرفع به رأسه ويحفظ به ماء وجهه سوى ذالك الذي لا يكون إلا غربيا، كان ذلك بمركبات نقص أو يحس بها على الأقل أو الحياة بفكرة المغلوب على دين وملة غالبه، ليوهم به المتلقي أنه الفاهم المتعلم وبالتالي المفكر والفيلسوف بالمراجع الغربية والأسماء الـ....المضخمة دليل على ذلك من باب المقارنة... ( هذه التي تزيد من صغر حجمه وتؤكد تبعيته بتعمد أو بغيره بقصد أو بغيره بتغيب مرجعية تخص تجارب امتداده الحضاري وهي التي تكتمل بها فسيفساء رؤية الطبيعة واختلاف في حبك خاصية النص وتنوع وثراء في الإبداع عموما) ، ترى الشاب متخما بالإيمان والعمل حتى بما لا يتماشى بطبيعته كمقياس في طبيعة مغايرة لها هي الأخرى معطياتها وافرازاتها، يستحيل تعميمها مثلها مثل تعميم نظريات علم النفس متناسيا ومتجاهلا أو جاهلا نهائيا ما قاله وعمل به بنو جلدته ويخص بناء عشه عش ثقافته طبيعة وإبداعا أين ترعرع...
ونبقى بمحاولة تعميم بائسة لما هو غربي في النقد النفسي وغيره عاملين بالتبعية لمعرفة بيئة ومحيط وطبيعة المبدع وسلوكه ونقده من خلال نقد نصوصه وإبداعاه...والخوض في الخصوصيات بالنظرية والمقياس بعيدا كل البعد عن الواقع وأسباب أمراض أو عاهات الآخر المميز بعادات وتقاليد ومعتقد مغاير... بالمكان والزمان والحدود الضيقة حدود معارف وتجارب الفاعل... أي المنظر، إلى أن جادت علينا هذه المدارس والتجارب باسم الحداثة وما بعدها بما عرفناه وآمنا به من 14 قرن باعتناقنا الإسلام دستورا ،دينا ،نظاما،دولة وثقافة... وبالأحؤى حياة ليقولوا بما قال الأخ الأستاذ المفكر أحمد الدلباني: ( لقد قامت الثقافة الحديثة – كما هو معروف - على العقل الظافر منذ القرن 16، والذي أعلن بصورة مشهدية استقلاله عن المرجعيات اللاهوتية القديمة مدشنا بذلك عهد حضارة بوأت الأنتروبوس مركز دائرة المعرفة والقيم، وربطت بين المعرفة والقوة متمثلة على أنها إرادة الهيمنة على العالم. ومن المعروف كذلك أن النتائج الكارثية التي قادت إليها حضارة العقلنة والصناعة وطلب القوة هي على درجة من الهول قادت الفكر المعاصر إلى مراجعة إحداثياته ومحاولة بناء فلسفة جديدة تنهي زمن الاحتفال الصاخب الذي واكب النزعة الإنسانية الكلاسيكية ومركزية الإنسان. لقد أفاق العقل الراهن على الانحرافات الكبرى لعقل الحداثة الكلاسيكية، وسعى إلى تجاوز ألوهة الإنسان المزعومة بإعادة الاعتبار للبيئة وبفهم الحياة خارج الانحباس التي تم فيه تنصيب الإنسان بوصفه ملكا على عرش الكينونة يواجه تمثلاته الخاصة أو يضيء العدم الأصلي بنور الخلق والإبداع. لقد أصبحت الطبيعة شرطا لوجود الإنسان لا موضوعا يواجه في إطار من الصراع ميز حضارة قائمة على الاستغلال؛ ولم يعد لمركزية الإنسان المثالية المؤسسة للحداثة كبير معنى وهو يبحث، اليوم، عن أمومة و عن علاقة هارمونية مع البيئة المهددة أكثر فأكثر. هكذا نلاحظ كيف أن الطبيعة تستعيد حقوقها بوصفها بعدا رئيسا من أبعاد الوجود لا طرفا في صراع الإنسان ضد الاستلاب الذي كان في أساس مشروع الحداثة والعقلنة.).
إلى أن يقول: (لقد أصبحت الطبيعة في الخطاب الما بعد حداثي تحتل – شيئا فشيئا – مواقع هامة في دائرة القيم لأنها لم تعد تمثل مطلب المساواة أو مطلب تحرير الرغبة والطاقة من آلة القمع السوسيو- ثقافية فحسب، وإنما تحديدا لأنها أصبحت تمثل قيمة الحياة المهددة بفعل جنون التدمير الذاتي والاستهلاك الأهوج لحضارة فاوستية لم تتردد في بيع نفسها لشيطان إرادة القوة والمعرفة على حساب قيمة القيم، أي الحياة. هذا ما يفسره، اليوم، انبثاق فلسفة بيئية جعلت من أوكد مهامها إحداث مراجعة شاملة للممارسات الخطابية والمؤسسية التي أقصت الإنسان عن نفسه بوصفه جزءا من بيئة تعتبر امتدادا له لا بوصفه فاتحا يمارس غزو العالم مزهوا بعقله وقدراته على استغلال الطبيعة وإخضاعها. ربما انتهى زمن الإنسان السيد الذي بشرت به الحداثة الهوجاء مع العقلانية الديكارتية لتبدأ تباشير زمن الإنسان الحكيم تلوح في الأفق.
لقد قال بول فاليري، يوما ما، وهو يتحدث عن مأساة الإنسان في ظل الحضارة الغربية الفاوستية : " منذ الأزل ما فتئ يعرف ولا يفهم ".
متى سيولد الإنسان الذي يفهم – أخيرا - أن الحياة، في عمقها، علاقة احتضان للآخر وليست استقلالا لا ينتج عنه إلا تدمير الذات وتدمير العالم؟).
رغم الحدود التي ترسمها عادات وتقاليد ومعتقدات وخاصة منها الديانات والرسائل السماوية وخطوطها الحمراء، يذهب المجددون ببؤس محاولة تتجاوزها بالتغيير والبديل الغير مؤسس باسم التحرر والتمرد والخوض في المقدسات واستباحتها رغم تعامل المعظم والأغلبية معها على أساس أنها مسلمات، وبدل الإضافة الحسنة بالشرح الوافي للطبيعة ومبدعها بشرح وافي بالبديل المفحم لطرح تضيق حدوده بحدود تجربة المعقول والعقل الإنساني، نصنع به ما يذكي نيران الأنا... بتشجيع ممن هم وراء المصالح الضيقة، الهيمنة والاستفادة من ذلك.
لذا كان رد فعل القاعة بداية بي سائلا الأستاذ المحاضر المفكر الشاب أحمد بوعلام دلباني البسكري الجزائري، أين تضع من كل هذا نفوذ ما هو مقدسا ومنزلا سماويا... وأعني الزابور والتوراة والإنجيل وخاصة منهم القرآن ( الفرقان) الكريم والأحاديث النبوية المحمدية ؟، أين تضع هذا الذي كان له مفعولا، (فيه من قال عنه انه سحرا وفيه من قال أنه عفيون الشعوب) من مد وجزر الطبيعة والإبداع وبالتالي التطبع...وآثاره في المجتمعات المتهمة بالأصولية أو المحافظة...إلى حين أن يرقى بنا البديل... إلى السحرية والعفيومية...؟.
تحجج الأستاذ بما لا يقنعني وهذا يخصني ...قائلا: أن الزمن لا يكفي لإعطاء الموضوع حقه وفتح قوسا مشكورا تخللته مرجعية إسلامية طعم بها مشكورا ما كان كله في المحاضرة غربيا محضا... الذي سينشر ويحسب عليه وهو العربي المسلم الذي غيب نفسه بتغييب ذلك وتغييب سابقيه...
والسؤال الثاني لا يخص الأستاذ المحترم الشاعر، المفكر أحمد بوعلام دلباني الذي قد يكون أدونيسي...(وأنا في هذا المقال متحفظ أيضا إلى أن تثبت الاستقلالية بدلبانية بوعلامية وتتوحد مع أحمديته ليكون بذلك اسما على مسمى...)، بل يخص السؤال كل المفكرين والباحثين وخاصة النبهاء منهم وهو كالتالي:
كثر اللغط في عالمنا العربي والعربي الإسلامي وعليه كتبوا بجميع الأساليب اعتنقوا مدارسها بالتبعية وإيمان العجائز... ولن أسمع البتة في عالمنا وفي العالم الغربي أن أحدا من الكتاب اعتنق المدرسة التكعيبية وكتب بنفس الأسلوب والفلسفة والفكر الذي بقى محتكرا على التشكيل أي الفنون التشكيلية...لماذا لا يكتب الرواد ونور دربكم وخاصة المنظرون منهم...في هذا الشأن؟ أم أنها مدرسة ولدت تشكيلية محضة عاقر بالمنظور وضيق الزاوية بالمقارنة مع الزوايا المتعددة التي عرفت بها المدارس الأخرى بالفن التشكيلي وأساليب الكتابة معا، أظن أن الأحادية لله وليس للمدرسة التكعيبية...لماذا لن تخوضوا هذا قبل الخوض في استباحة المقدس، أم أنها كانت هي المقدس ومثل ما تركها الغرب (الرب وما قال ونزل) تبقى؟.
ليعترف الأستاذ الشاب المفكر أحمد بوعلام دلباني البسكري الجزائري بعد مغادرة المنصة ونحن في طريقنا لامتطاء الحافلة والرجوع إلى الفندق
بالحلق المفقود في تسلسل العلوم والمعارف والبحوث وتكاملها عالميا بقوله: تعرف يا بوكرش ماذا كان يدور برأسي بعد سماع السؤال كنت أقول لنفسي: (ربه) من أين جاء بهذا السؤال المشروع؟. مرددا السؤال : نعم لماذا لا نكتب بالأسلوب التكعيبي؟ لماذا لن يكتب أحدا بفكر يسمى الفكر التكعيبي، وتدارك قائلا بما معناه فتحت لي قوسا ينبغي التفكير فيه (.....؟؟؟).
ليبقى السؤال مرفوعا قائما حتى يوافينا أهل العقول النيرة والبحوث الجادة بالإجابة والتأسيس لفكر قديم جديد لعله كان أو يكون أسلوب هذه المدرسة التي أجحف في حقها من يقال عنهم أنهم مفكرين وكتاب...
وأعلن لمن لا يعرفني أني: ....... بأسلوب أجدادي التكعيبي الذي اعتنقته يوم عرفت أنه يرجع لنا الفضل بتأسيسه بالبيان المفحم الدامغ سنة 172هـ أيام إدريس الأول قبل الكثير المضاعف من مولد الفنان التشكيلي التكعبي سليل الحضارة الأندلسية الإسلامية الفنان التشكيلي بابلو بيكاسو.
من أراد معرفة ذلك يجب الدفع مسبقا....ههههههههههه عالم عربي، عالم عربي إسلامي؟؟؟؟؟
شكرا للمحاضر الأستاذ الشاعر المفكر أحمد بوعلام دلباني على نجاح محاضرته وإثارة الحوار المفيد....
بوكرش محمد 3/5/2009.
BOUKERCH ALGERIA