من رجع الكلمات - فاديا سعد
أطلب من كلماتي التي هي رجع كلمات ألا تضلّ الطريق.
كل يوم أسجد لكلماتي التي هي رجع كلمات أن تنظّم نفسها في جوقة تتحرك بالدرب المقرر نحو الشمس.
ما إن أتفوّه بها حتى تتغير وتتشكل في عناق مختلف، كأنما احتست النبيذ في حانة، لتتركني وعلى قبري شاهدة تقول:
قتلتها الغيرة والشهوة!
أطلب من كلماتي التي هي امرأة جميلة المواصفات: شجاعة وخجولة. غزيرة وتهز الحياة بضحكة.
التواضع وأعاهدها أن وفت بوعدها أن أطوقها بذراعين من الياسمين.
كل يوم أعاهدها لو وفت بوعدها أن أطوف بها أرجاء الأرض وأمددها على العشب الخصيب، وأقدم لها ولاء ما عرفته حسناء، و ما إن أتفوّه بها حتى تكتسيها الصلافة والترفع وتنقلب ضدي تهكماً :
"متطفّلة غير موجودة"
كلماتي التي هي رجع كلمات آويتها في رحمي عشرين عاما أناشدها يومياً أن تخرج طفلة طبيعية، ونبيلة متواضعة وان تكون لي صديقة وفية وتنفذ أوامري فتنأى عن الظلمة ...
أطلب من كلماتي أن تكون مرتفعة كقامة الإنسان، أن تتمتع بالنور والحرارة وبالرسو في ميناء يليق بحملي الطويل وما أن تلتقط أنفاسها وتخرج سالمة من مخاضها العسير حتى ترسو عند أول ميناء يقدّمه لها البحر .
أهددها
أهينها
أطردها
لكنها كانت مغرمة بمعتقدات أفاريز البيوت وعاشقة ولهانة للتسكع في الحارات.
انقلبت أنا على نفسي لائمة: إنها أعز الناس تلك الكلمات التي حلقت وعادت وانتظمت وتوارت ثم ظهرت على رجع كلمات: أحبك.
ملاحظة: أعتقدت دائما أن التعبير الأنيق عن العواطف هو أيضا نضال.
__._,_.___