ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة
ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Ououoo10
ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة
ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Ououoo10
ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة

منتــــــــــــــــــــدى منـــــــــــــــوع موسوعــي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
لكل الكرام المسجلين في منتديات ليل الغربة ، نود اعلامكم بأن تفعيل حسابكم سيكون عبر ايميلاتكم الخاصة لذا يرجى العلم برفقتكم الورد والجلنار
ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Colomb10
ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين ..ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10 ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10لكل من هُجرْ ، واتخذ من الغربة وطناَ .ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10لكل من هاجر من اجل لقمة العيش ، واتخذ من الغربة وطناً ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10لكم جميعا بعيدا عن الطائفية والعرقية وغربة الاوطان ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10نكتب بكل اللغات ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10للأهل والاحبة والاصدقاء ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10نسأل ، نستفسر عن اسماء او عناوين نفتقد لها ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10نهدي ،ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10نفضفض ، ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10 ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10نقول شعرا او خاطرة او كلمة ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Yourto10اهديكم ورودي وعطر النرجس ، يعطر صباحاتكم ومساءاتكم ، ويُسكن الراح قلوبكم .
ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Colomb10احتراماتي للجميع

 

 ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب   ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2009 10:26 am


ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب


ما يوحد هذه القصص الست أن أجواء الحرب تسيطر عليها سواء قبل الاحتلال العسكري لقوات التحالف للعراق أو بعده . وفي بداية هذا الاحتلال عانى المواطن العراقي كثيرا من انقطاع الطرق وباتت مسألة الوصول إلى مكان ما مهمة صعبة لا تجاريها مهمة
. يطرح فرج ياسين هذه المعاناة في قصته ( الأرتال)(1) والعنوان يدل على كثرة الأرتال العسكرية الأمريكية التي تجوب الطرق في العراق . وتبدو الرمزية واضحة في القصة حيث تمنع هذه الأرتال الحبيب من الوصول إلى حبيبته لسبع مرات متتاليات وقد كانت مهمة أقرب إلى المستحيل حيث لا سماء ثامنة بعد السماء السابعة ولا حكيم ثامن بعد الحكماء السبعة ولا يوم ثامن بعد اليوم السابع . والحبيبة التي يمنع الوصول إليها هي العراق المحرر من ربقة الاحتلال ومع أن المهمة تبدو مستحيلة إلا أن البطل يقول في نهاية القصة أنه لابد له من الوصول في يوم ما.
وفي قصة (أسلاك شائكة)( 2 ) للقاص جمال نوري يتراءى لنا العنوان بإيحاءاته العسكرية والتي تدل على الاحتلال أيضا مثل قصة فرج ياسين تماما ولكن القاص يتراجع من البوح المباشر عبر العنوان إلى الترميز المتألق في متن النص حيث يصور كيف أن الجمال والروعة والفن يمكن أن تعتقل بالأسلاك الشائكة وهو دلالة على تراجع الإبداع في زمن الاحتلال ولعل أهم عائق هو انقطاع المواصلات وصعوبتها التي وردت في قصة (الأرتال) إضافة إلى الوضع الأمني الصعب.أما قصته الأخرى ( حلوى مرة) ( 3 ) فإنها تدين سلوك الأم وعدم وفائها لذكرى زوجها الراحل (الشهيد) من خلال الأضواء التي تسلطها الطفلة والتي تكشف عن فكرة القصة. وما يؤخذ على هذه القصة أن الوعي الذي رسمه القاص لهذه الطفلة أكبر من الواقع وان القاص قد تدخل لفرض رؤيته هو لا رؤية الطفلة نفسها.
وفي قصة ( أعشاش السنونو) ( 4 ) للقاصة لمياء الآلوسي يتبدى عامل الحرب بشكل سافر باعتقال الابن والترميز فيها يتشكل بمماثلة طائر السنونو (الأم) التي تطعم أفراخها والأم التي فقدت ابنها والتي تبذل أقصى ما بوسعها لاسترجاعه. وتسير على النسق نفسه قصة ( عندما يطفأ الحلم) ( 5 ) لمهند يحيى التكريتي حيث تستحضر البنت لحظة مقتل أبيها صورة والدها وهو يحملها لأول مرة وزوجها وهو يضمها لأول مرة أيضا وصورة وليدها وهي تعانق ثغره لأول مرة كذلك للدلالة على بكارة الأشياء وأن موت والدها ليس النهاية وإنما هو بمثابة ولادة جديدة للعائلة والوطن.
والقصة الأخيرة (عظام بارزة) ( 6 ) للقاص ناشد سمير تدور في فلك الحرب من بعيد بإشارات عن حرب( السفربرلك) العثمانية والحروب الأخيرة التي خاضها البلد وتشير إلى ( الموت المجاني) وعبثية الحرب عبر ربط الماضي بالحاضر من خلال وصف البطل لجدته وعظامها البارزة وكأنها تجسيد حي لجثة متحركة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب   ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2009 10:26 am


( 1 )- الأرتال
فرج ياسين

لاتعتبي على عبد القهار يا غاليتي ، لأنه في آخر مرة ، انطلق لموافاتك عند الساعة السابعة صباحا ً ، مقدرا ً انه سوف يصل إلى كراج العلاوي في الساعة الواحدة ظهرا ً ، أو بعد ذلك بقليل ، ولشدة ما كان يقاسيه من وله ٍ وانفعال ، احتاط للأمر بتوقع كافة الاحتمالات التي لامناص من وضعها نصب الاهتمام :
ثلاثون سيطرة شرطة ، وعشرون خروجا ً قسريا ً
عن الشارع العام إلى الأرصفة المُخرّبة وبضعة
انزلاقات بطيئة غير مأمونة الجانب إلى طرق ترابية ملتوية ،
وعطل واحد – في الأقل – ينوب السيارة التي تقله ،
أو أية سيارة أخرى قد توقف السير ، وموكبان أو أكثر
لمسؤولين مهمين ، فضلا ً عن بضعة مواكب أقل شأنا
ً لمسؤولين صغار ، وتوقفات أو تريثات أو تحسبات
جراء العبوات الناسفة المزروعة في الشوارع أو على الأرصفة .
كل ذلك توقعه عبد القهار وهو ينطلق إليك يا غاليتي ، ولكنه لم يستطع أن يحسب لشيء واحد أي حساب . إنها الأرتال ...الأرتال التي تسير ببطء شديد وما تلبث أن تتوقف ! وأنت تعلمين أن لا أحد مهما كان ، يستطيع أن يعرف لماذا تتوقف الأرتال ؟ ولماذا ومتى تستأنف حركتها ؟ لا أحد يعرف ولا أحد يجرؤ على السؤال .
كما انك تعلمين ياغاليتي أن عبد القهار واحد من هؤلاء . أقصد أفراد القطيع القابع في العربات ، أنه ملجوم الفم ومغلول الجوارح ، ولا حول له ولا قوة . هل تقدّرين ذلك ؟ لو كان عبد القهار يقوى على التفاهم معهم ، لصرخت ُ في وجوههم ، إن غاليتي تنتظر موعدي الآن وهي تجوب الأماكن ذهابا ً وإيابا ً بحليّها وعطورها وابتسامتها البيضاء ، لأن عبد القهار قال لها سوف أهبط عليك كالشهاب من أحد الجسور العابرة من الكرخ إلى الرصافة أو من الرصافة إلى الكرخ ، فانتظري ! ولكنني لا أستطيع ، الأرتال لا تتفاهم ، لذلك ليس ثمة وقت معلوم لوصولي ، ولذلك أيضا ً ، فشل عبد القهار في محاولاته السبع الماضيات . ومع أنك تعرفين أن لا سماء َ بعد السماء السابعة ، ولا حكيم بعد الحكماء السبعة ، ولا يوم بعد اليوم السابع في الأسبوع ، إلا ّ أنني أعدك بالقدوم إليك ذات يوم يا غاليتي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب   ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2009 10:27 am


(2 )- أسلاك شائكة
جمال نوري

كان المحاضر منشغلا ً بالحديث عن الشعرية في القصيدة القديمة بينما كانت العيون مشدودة إلى ثلاث لوحات تجريدية تصدرت واجهة الجدار المقابل وهي تبوح بألوانها الشفيفة عن ومضات سكنت بصيرة الفنان الذي كان يجلس مزهوا ً بالتطلع إلى العيون المندهشة وهي تتأمل وتستقريء وتحلل في حين كان المحاضر يفاجئهم بين وقت وآخر بقصيدة تنضح شاعرية .. في وسط الجدار علق لوحة ً من دون إطار ، وزع على فضائها ثلاثة ألوان متناغمة تنبض بالحركة ودفق الحياة ، كانت الألوان تشعرك بالفرح لفرط زهوها وانتشائها وتألقها ثم أضفى على الخلفية لونا ً أقرب إلى لون السماء ، لعله أمضى لحظات ٍ ممتعة وهو يؤسس بفرشاته هذه العوالم المخملية .. ربما فكر كثيرا ً قبل أن يشرع برسم سلكين شائكين أسودين . مرر الأول على القسم الأعلى وألجم الألوان الزاهية بلون السلك المقيت وهو يقبض بقسوة على فرح الأشياء التي انحسرت تحت هيمنة الانحناءات المريبة للسلك .. في حين انقطع السلك الثاني الذي ارتخى بوجومه على الأفواه المزمومة وهي تطبق على آخر الحسرات التي بذرتها الألوان والكلمات الموشحة بالحزن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب   ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2009 10:27 am


( 3 ) - حلوى مرة
جمال نوري

كلما استرقت النظر إلى عينيه الواسعتين المتطلعتين أبداً إلى الجدار المقابل أدركت استحالة عودته محملا كدأبه بلعب جديدة تسرق منها كل وقتها..
وأصبحت منذ أن حل الحزن ضيفا ثقيلاً لابدة قرب النافذة مستشعرة بأسى شفيف يغمر روحها وألم ممض في أعماقها يستدرج أية إجابة شافية عن سر انطفاء الحوار بينها وبين والدتها التي لم تعد تعنى بها مثلما كانت تفعل قبل أسابيع.. وما كان يثيرها أكثر من كل ذلك أن ثمة أشياء كثيرة تعتمل في صدر أمها التي جعلت تختلف إلى السوق أكثر من مرة في اليوم.. ولم يمنعها الفستان الأسود من أن تمرر احمر الشفاه على شفتيها من دون مبالغة.. ومع أنها لم تكن تنسى إحضار الحلوى في كل جولة من جولاتها إلا أن ذلك المذاق اللاذع لم يكن يفارق لسانها وهي تنصرف إلى عزلتها متطلعة بوله غامر إلى عينيه الحزينتين الساكنتين خلف زجاج ثقيل..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب   ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2009 10:28 am


( 4 ) - أعشاش السنونو
لمياء الآلوسي
تقافز الخوف فيهم ، وامتلكهم القلق الخانق ، مع سحب الغبار المتصاعد عِبر الطريق الترابي ، الممتد إلى الغرب من الطريق المعبد ، إذ تدور حوله آلاف الحكايات الممهورة بالدم ، طريق يمتلكه السيف ، ورايات قادمة من عصور مسرفة في القدم ، يحيكها رجال جابوا الأرض ، فلم يتذوقوا لذة أعظم من دم العراقيين ، ومن ذلك الألم المسكون فيهم
وقد اضطرتهم العربات الأمريكية ، المتهادية بنزق أمامهم ، حتى غدا الوقت رصاصياً يرفض المرور لاجتيازهم الأراضي الزراعيةَ العطشى ‘ كانت طوال الوقت تربِّت على كتفه هامسةً له ، ضاغطةً بقوة لا تعرف كيف نمت فيها على تلك العاصفة من الهلع التي تجتاحها .
امتد الطريق طويلاً موحشاً ، ليست إلاّ عربتهم الصغيرة تطوي المسافات ، وعربات لبعض المزارعين ترافقهم بعض الوقت لتختفي وسط الحقول ,

- كان الأجدى أن نبقى وراء الأمريكان ، ولا نجازف في العبور إلى هذا الطريق
لم يسمعها السائق ،
بعد أمتار قليلة ، ظهر مجموعة من الملثمين ، أشاروا عليهم بالتوقف ، ثم فتحوا الأبواب الجانبية ، وطالبوه بالخروج ، فلقد كان الشاب الوحيد في العربة ، مع ثلاث نساء ، فتشبثت به ، أذهلها المكان الذي تلاشى ، وأصبحت الدنيا ، حضنها الذي لا يتسع إلاّ لولدها ، الذي ذاب بين ذراعيها
- يا أمي
أدخل أحدهم رأسه من الجانب الآخر ، كانت ملامحه تشي بقسوة مموهة بالفرح العجيب ، كيف لها أن تفهمه ؟ ماذا يريد ؟
انتزعوه من بين يديها عنوة ، فذاب , خفق قلبها ، وكأنهم اقتلعوا حياتها في لحظات ، أخرجوه من العربة ، مذهولاً ، غائراً في عالم ضبابي ، تهالك بين أقدامهم ، فرفعه أحدهم من ياقة قميصه ، ركضت إليه
- ماذا تريدون منه ؟
- إرجعي وإلا ...
- ما الذي يثبت أنه أبنك ؟
- ماذا تعني ؟
- أوراقه الثبوتية ! أين هويته
- أية هوية ؟ إنه طفل ، صبي مثله لا يحتاج إلى هوية !
- صبي ..!
مدت يديها المرتعشتين إليه ، توسلت إليهم أن يعيدوه إلى حضنها ، لكن ذلك الرجل متضارب الملامح أشار إليهم ، فجرجروه إلى مكان منعزل على ربوة مرتفعة قليلاً ، بعيداً عن الطريق الترابي , تحيطها أشجار كثيفة ، عندما اجتازوا به مجموعة منظمة من التعريشات المنخفضة ، حيث تدلت عناقيد العنب الزاهية ، فتراطم الحزن المخزون فيها مع ذلك التنظيم العجيب للكروم .
هرولت إليهم ، لكنهم صوبوا بنادقهم إليها ، كانت هناك حواجز ترابية عالية ، وثمة رجال بملابس غريبة ، دفعوا به إلى داخل إحدى العربات الفارهة ، مع مجموعة من الشباب المقيدين ، بعد أن قيدوا يديه إلى الخلف هو الآخر ، صرخت بكل ما فيها من هلع ،

- آه...........
- بالله عليكم ، ارفعوا بساطيلكم عن قلبي ، إنه كل ما تبقى لي ، أتركوه من أجلي .

وضع سلاحه في صدرها ، ودفعها بقوة أفقدتها توازنها ، فتدحرجت إلى أسفل الربوة ،
احتضنتها تعريشات العنب ، فأصطدم رأسُها بمساند التعريشات الخشبية ، فتهاوت فوقها لكنها في تلك اللحظة ، سمعت صوت محركات العربات مزمجرةً بعيداً عنها ,

تطايرتْ روحها إلى أقصى مجاهل السماء ، كانت وحيدة ، لا تريد أن تصدق أي شيء مما يجري حولها فلملمتْ روحها ، وعادت لصعود الربوة ، من جديد ، ما عادت تحس بأي معنى للحياة ، خذلتها ساقاها ، لكنها تحاملت على هوانها ، لا تعرف كم امتد بها الوقت ، فهي عندما وصلت إلى هناك ، كان المكان خاوياً ،
عادت تجر جسدها المعفر بالتراب ، وثمة خطوط دامية على خديها ، عرفت أن الأرض تخلت عنها ، فرفعت وجهها إلى السماء ، فرائحة الموت تنخر في جسدها متاهات بعمق الخوف المغروز فيه ,
عادت إلى الطريق الترابي ، امتدت سحابة عالية تحجب كل شيء ، والآخرون المذهولون ، يرتجفون ، في تلك العربة التي غدت بعيدة ، يبحثون عن سبب لما حدث ، أو عذر لهذا الخوف ، الذي كبلهم بالمهانة ، وأرض ترابية حملت آثار أقدامها لتبحث عن ولدها الذي غادرها إلى المجهول وحيدة ، منهكة ,
تلفتت خائفة ، وثمة سؤال لا تعرف معناه ، كيف تركته لهم ؟ كيف قطفوا منها سِنيَّ عمرها بهذا القدر من اللامبالاة ؟
على المسافة البعيدة عنها ، تراصفت بيوت طينية ، فدبت فيها الحياة ، ركضت باتجاهها ، مستنجدة بالسماء علها تجد فيها ملاذاً لروحها الضائعة في هذا التيه ، وثمة خوف من أنّ تلك البيوت ليست إلاّ سراباً يدعوها للحاق به ، إيغالاً في اقتلاعها من هذا العالم .
عندما وصلت إلى تلك البيوت ، كانت ملابسها ترشح بالعرق ، والأرض حولها ، تحتضن مجموعة من المرشََات الحديثة ، يتدفق ماؤها ، رغم أن النباتات المزروعة كانت صفراء متيبسة ، تتناثر بينها أشجار مغبرة ، جرداء ، وبقرات عجاف ، تدلى ضرعهن ، ونتأت عظامهن ، يقفن متكاسلات ، , في الباحة الترابية أطفال شبه عراة ساقوا قطيع من الماشية ، فامتلأ المكان بالغبار ، انتبَهوا لقدومها الطارئ ، فتدافعوا للانزواء أمام أحد البيوت .
من مدخل إحدى الغرف أطلت امرأة عجوز ، ويدها على المزلاج ، والأخرى تسند بها قامتها المتهالكة على عكاز أعلى من هامتها
تقدمت نحوها
- إبني ....

وانهارت ، وقد نسج القدر خيوطه الموحشة حول قامتها المنهكة ، فأقعت على الأرض الملوثة بروث الحيوانات ، تعالت شهقاتها ، فتوقف الزمن ، وحلقت أطواق السنونو ، مبتعدةً عن ذلك الأنين المقلق
جلست العجوز مطرقة إلى جوارها ، مترنمةً بشجن .
تقهقهر الأطفال إلى آخر المكان ، في الداخل عشرات النساء ، وقد أطلت بعضهن متشحات بالسواد ، غارقات في عالمهن البائس ، شاركنها حزنها ، وكأنهن يعرفنها منذ عشرات السنين ، ثم اقتدنها إلى الداخل ، لاحظت أن خشب سقف الغرفة القديم يحتضن الق أعشاش السنونو الجديدة ، لم تلحظ في قمة انفعالها كيف دخلت إلى الغرفة الطينية ، وكيف جلست على الأرض .
وُضِع أمامها وعاء مليء بلبن رائب وخبز ، دعتها العجوز لتناوله
قبل أن تمد يديها إليه ، هدر صوت عربة في الخارج ، فرانَ على النساء قلق عجيب ، وانزوين في ركن الغرفة ، خرجت المرأة العجوز ، تجر خطاها المتعبة ، وصوت ارتطام عكازها بالأرض ، يعكس شيئاً من التوتر، وكبرياءَ مَن تملك زمام الأمور ،
فنشب لغط في الخارج ، وصوت بدأت تسمعه بوضوح .
همَّت بالخروج ، لكن النساء تحلقن حولها ، طوقنها ، ذلك الصوت الخفيض عرفته ، ومن خلال فرجة الباب الضيقة ، لاح لها وجهه ، إنه هو بملامحه المتضاربة ، وفرحه الذي لا يعرف الانكسار ,
تزاحم فيها الألم ، واندلع الصراخ ، فامتدت إليها أجسادهن ، أيديهن ، أغلقن حولها منافذ الحياة ، فتساقط جسدها مختلجاً ، ومن بين رؤوسهن المرتطمات , هناك في سقف الغرفة ، رأت رفيف السنونو يطعم أفراخه

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب   ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2009 10:28 am


( 5 ) - عندما يطفأ الحُلُم
مهند يحيى التكريتي

أصبح من الصعب أن تدرك شيئاً .. ولكنها .. وفي اللحظة التي تسبق الاختناق , استطاعت أن تميز صوتها من بين حشد أصوات الأطلاقات المتنافرة .. هادئاً هدوء الموت , ثائراً .. عنيفاً .. وتمطى كل شيء بعد ذلك بوجل هارب ومفزع .
انتزعت نفسها من فرن الأصوات الهادرة .. لم تعد تتذكر تسلسل الحركة .. ولا أشكال الوجوه .. وفزعها وهم يفرغون فيها وابل الرصاص.
لم تعد تميز من معالم وعيها المفرغ سوى شارع طويل تجري فيه بلا هوادة كحصان مجروح هائم بين حراشف الأشجار ورفات صخور نامت عليها أوراق الخريف
... شارع متسق الأبعاد, يطويه الفراغ المظلم .. ينتظر قدومها بفارغ الصبر ليغرقها في دثاره الأثيري .. الضبابي المظلم ..
شارع لا يتنفس إلا بوقع قدميها الصارختين وهي تحمل ثقل الجسم .. وكومة أحزان محمولة في سلة سندان عقلها المرهق..
((.. هذا الصمت يرعبها ويحذر شغفها للتذكر.. يبلعها ككفن مفروش . . كجراد متناسل في حقل لا متناهي .. ))
وقع أقدام تتقدم برتابة فتبتلع السكون .. تتقدم لتنهشها وتغرقها في لهاث متدحرج .. تتحرك .. تتحرك .. حاصرتها ملوحة عند الحلق .. تخنقها رغبة تكاد تغتصب صرخة مكبوتة في دهاليز حنجرتها المرتجفة ترتعش .. تتمزق أسارير وجهها .. في لحظة .. أدركت بمجسات عقلها الظامئة أن الحزن والخوف هما .. الهاجس ..الحقيقة المرة , الوحيدة في حياتها .. إنهما شغلها الشاغل .. من يدري لعلهما المتاهة الوحيدة المتبقية لتتيه في مجاهلها
- (( كل الحقائق كاذبة .. كل شيء يكمن فيه خطأ ما .. كل شيء ))
الخطوات تتبعثر مع التعب المتسلل بانتشاء في جسدها الضامر المرهق .. بدأت تحس بثقل جسمها يتزايد .. يثقل .. يتواثب .. فيسقط على قارعة رصيف مكسورة .. تهالكت .. تمددت اليدان مثل غصنين طريين .. تقوس ظهرها على هيئة علامة سؤال .. فوران دائم يشق جبهة الصدر بوجوم متوحش .. تتقاذف نفسها كمنجل يترنح بين أعناق سنابل متكاسلة ..
- (( ما الذي حدث لهذا العالم ..تصرخ مهتاجة :- أبي اتركوه .. لا تطلقوا عليه النار .. لا )) .. ضياع أبدي في رحم عالم أخرس .. جسد أخر يتماوج من وقع معاول الرصاص المتراشق .. يغيب في سنادين الذاكرة ثم ينهض ليلحقها في سباق هستيري .. يدنو .. ويدنو .. ثم يتلاشى في الفراغ .
يعلو صوت وليدها .. مبتدئا ً من ثغرة التلاشي .. يتلمس تضاريس ذاكرتها المتهشمة... يدغدغ صمتها السجين ... صوت مفجع .. كأنغام مزمار مشروخ .. حاصر أذنيها .. تغلغل في مسامات عقلها الأهليليجي وأقفل المسارب عليها .
صوت زوجها وصورته تغلف كل الموجودات بلون واحد لا تعرفه .. خليط أحمر,اختلط برائحة البارود الأسود .. وجه يعبس .. يطبق على شفتيه .. دم أحمر دافئ يجري كنهر تحت السرير المهتريء يتقيؤه جسده الممزق .. انتفضت كل مشاعر الغضب من صدرها .. اعتقدت أنها تستطيع أن تنهض الشمس من مهدها لتزيل ظلام ليل دام ٍ .. تتسارع الخطوات بالقرب منها.. وتدور معها نبضات مخنوقة .. يتجمد وجهها مفزوعاً مرة أخرى .. كادت حنجرتها تفلت من مدار حلقها الجاف .
الدائرة تضيق .. الصوت .. الوالد .. الطفل .. الزوج .. الوحش القاتم .. الرشاش المدوي .. المنصة تهتز..العقل يشتعل بإيقاع رتيب ومتصاعد .. ترتجف الأوصال .. تحتضر الهمهمات .. تحاول الوقوف ولكن خوفها أصابها بالشلل .. يزرعها .. يذلها .. كطائر فقد جناحيه بين الغيوم .. دائرة الأصوات تقترب .. وأصوات الرشاشات تستشيط , الأفق يخيطها بين لحظات السكون .. يثبتها كي لا تنساب من مكانها كإخطبوط أخرج إلى اليابسة من الماء .. تغوص في مخاض هستيري .. تحاول الوقوف .. ثم .. ((طاخ .. طاخ)) .. أصداء تتكرر في مشيمة ذاكرتها القلقة .. تلفظها إلى رحم المجهول .. يخيم سكون ثقيل يحيط به صرح خاو ٍ كرجع النبض يلتف متشرنقاً بحبل متين .. بهتت الألوان , واختلطت الأصوات بوابل من الصور .. المنصة تهتز .. الفنجان يتشظى .. حشرجات تعلك همساتها .. تدلي عقلها .. تثبت جسمها كمسامير صدئة على قارعة الطريق .. كان صوت النبض في دمها يتململ , ويتمدد بشكل جديد لم تألفه .. يتشكل جنيناً .. يستعذب صرخته الأولى .. يختلط بصورة والدها وهو يحملها لأول مرة .. بصورة زوجها وهو يضمها لأول مرة .. بصرخة وليدها وهي تعانق ثغره لأول مرة .. تتلاشى أوجاعها في أخدود ومسارب ذاكرتها الخاوية .. يرتفع الجسد الممدد قليلاً ثم تشرأب الرقبة في سباق هستيري نحو مساحة ضوء نازفة من مجاهيل الغيب ..
-((آه .. آه أريد أن ألامس زهرة والدتي بيدي الراعفة حد الانكفاء.. ضميني بين وسادات أياديك وأطفئي صرير النزف المؤجل في حنايا روحي المكممة بالسراب ..أقبلي أليّ فأنا بانتظار لمستك الحانية.. آآآه .))
وبهدوء أبتلعها حوت السكينة للمرة الأخيرة .. رفرفت روحها بعيداً عن جسدها سابحةً في الأفق رغم كثافة الهواء .. وانتهت لعبة الأصوات بمبضع القساوة والدموع .. وألقيت ورقة أخرى في مخافر شرطة هذا البلد ضد مجهول







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب   ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب Icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2009 10:28 am





( 6 ) - عظام بارزة
ناشد سمير
كشفت جدتي عن ساعدها الأيمن وقالت ((انظر إلى هذه النتوءات ))وفجأة مرق من أمام جلستنا الصغيرة حفيدها الصغير –وكعادة كل كبير في السن يظن انه قد خبر كل شيء واطلع على خفايا الدنيا -صاحت به آمرة إياه بالكف عن الركض بين الحجرات وإثارة الضجيج وإلا فسوف يقع أرضا ويشج جبينه ،ولأن كلام جدتي كله مكرور عشرات المرات بالنسبة إلي فلم أكن أركز كثيرا على كلامها المعاد ،لكنني منذ مدة قصيرة بدأت اشعر بأنني في نفس عمرها !.
هكذا على الرغم من أن الفارق مابين عمرينا هو أربعون سنة ،هي السنون التي مرت مابين ولادتها هي وولادتها لأمي ونضجها وزواجها وولادتها لي ،أحيانا تضحكني هذه "اللعبة الزمانية "فلكي يكون لهذه المرأة أحفاد ،عليها أن تعيش لتصير عجوزا عاجزة عن فهم لغز التبدل الذي طرأ على الحياة ،فتراها تجتهد في المستجدات ،أو تدافع عن حياة الأمس التي هي دائما حلوة لنا جميعا ،ولهذا السبب أعزو سبب نشاطها الكلامي ،الذي منه ما يجعل ابنة خالي تسرع بالإقبال بطبق فاكهة لتضعه أمامي ،وقبل أن يطأ قعر الطبق الأرض تصيح جدتي -التي هي جدتها-((عنب لا يؤكل ،المزبلة أولى به لولا غلاؤه ))ولكنني وجدته يؤكل وأنا أولى به من المزبلة ،وعندما مدت جدتي يدها لتلتقط شيئا من حبات العنب الذي لا يؤكل تمتمت ((يدي متحجرة ،آه ،لا استطيع مدها ،إنها لا تطاوعني))وعادت تقول((انظر إلى هذه النتوءات ،عظامي صارت تريد أن تخرج من جلدي))وعندما رأيت هذه العظام البارزة بوضوح أذهلتني كتلة اللحم الرخوة التي تتدلى من المرفق حتى نهاية الساعد ،ولما سألتها عن هذه "الغدة اللحمية!"قالت على وفق قناعتها((لا توجد عظام لتمسك باللحم ،الم اقل لك أن عظامي بدأت تتفتت لتخرج من جلدي!))
ولكي اخرج جدتي من غمامة اليأس والحزن قلت لها ((هذا أهون من بعض الأمراض ))ولكنها طفقت تعدد لي بقية أمراضها وزمن الابتلاء بها ،فذكرت في خضم ذلك بعض الكلمات التي اعرفها جيدا -بل عشتها - مثل "الحرب"،"السفربلك" ،"الفقدان" ،"الموت" ،"الجروح"
،"الخوف".
وكلمات أخرى وأخرى ،وعلى الرغم من أن كل الحكايات التي سردتها لم تكن غريبة على مسامعي إلا أنها هذه المرة أخذت وقعا مختلفا ولاسيما عندما عقدت مقارنة مابين حياتها الطويلة الحافلة ونشاطها الحالي في إهدار الكلام والتدخل في أي شيء وإسداء النصائح وبين صحتها المتدهورة وسوفان عظامها ومشيتها الوئيدة جدا وعدم تمكنها من صوم رمضان (وهذه الكارثة الكبرى بالنسبة لها !)،وواصلت جدتي حديثها وهي تكرر ((عندما كنت في عمرك ))،وبعد ذلك شرعت أبين لها أنها عندما كانت في عمري كان لها بنتان بعد أن عقدت قلب جدي -رحمه الله -على حبها ،واستأثرت بود أهل زوجها وجيرانهم ومعارفهم جميعا -يرحمهم الله جميعا- وعندما كانت في عمري نجحت في جمع بعض الليرات لشراء دار جديدة ،وخلال هذه المدة طوقت معصميها بالدمالج الذهبية ،وسافرت للمرة الأولى إلى بغداد ،وكانت وهي ما تزال في مثل عمري تستقبل الأيام بشهية وبمزاج رائق ،وانداحت في فمي دوائر المرارة ،دائرة الأحلام ،ودائرة المواعيد ودائرة حياة الجبهة والموت الرخيص ،ودائرة جبهة الحياة المجنحة في السديم ودوائر ،ودوائر تتكاثر في الجسد الذي فقد شهية الحياة وقد تقطعت أوصال عمره !لقد كان الجانب البائس من حياة جدتي أكثر من معروف لدي وكنت استطيع ان اشرح كل انفعال أو خلجة أو عاطفة انتابتها آنذاك ،وان اصف كل المرارات والحسرات والهموم التي نغصت حياتها ،بل صرت اعرف مستقبل خطوط وجهي وكيف ستتغضن تجاعيد وحزوزا طويلة أم قصيرة مستقيمة أم منحية ،سطحية أم عميقة ،وهذه عادة تأتي قبل بروز العظام بوقت قليل جدا .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ملف عن المشهد القصصي في محافظة صلاح الدين ست قصص من محافظة صلاح الدين - فيصل عبد الوهاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحمد بهاء الدين محمد صلاح الدين حلمى
» صلاح الدين الأيوبي
» الاديب امل دنقل
» صلاح الدين فارس في ميدان التاريخ
» مدونة الأستاذ لعلامي صلاح الدين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة :: مايستهوينا في المواقع ومن الادب العربي والغربي-
انتقل الى: