البحث عن
جميلة بوحيرد!
البستان - اخبار الادب
لم تستشهد جميلة بوحيرد، ولم ينفذ فيها حكم الإعدام الذي صدر ضدها في نهاية الخمسينيات، بعد اكتشاف مصنع تقليدي للقنابل في بيتها الكائن في حي (القصبة) بالعاصمة الجزائرية، و قد كانت مهمة جميلة و مهمة مجاهدات كثيرات هي التنكر بملابس شابات أوروبيات ووضع القنابل في الأماكن التي يتوافد عليها الأجانب بكثرة كالبارات و المطاعم و الملاهي والملاعب.أصبحت في نهاية الخمسينيات أحد رموز المقاومة وخاصة بعد أن تدخل ما يقرب من 80 رئيس دولة في ذلك الوقت لإلغاء حكم الإعدام الصادر ضدها.
وأمام ردود الفعل العالمية المساندة للجزائر اضطرت فرنسا إلي تخفيف الحكم إلي المؤبد، و ظلت جميلة في السجن إلي يوم الاستقلال، و قد نقلت إلي باريس و من هناك أطلق سراحها.
الآن في الجزائر لا أحد يعرف شيئا عنها، البعض يقول إنها في فرنسا، وآخرون يقولون إنها تقيم في بيت في أحد أفخم المناطق الجزائرية، وكثيرون تساءلوا: ألا تزال حية؟!
عندما بحثت علي مواقع الإنترنيت عن أي شئ يمكن أن يفيد في البحث عنها لم أجد سوي معلومات عن ماجدة الصباحي التي مثلت دورها في الفيم الشهير الذي أخرجه يوسف شاهين. وعندما سألت الروائي الطاهر وطار قال إنه سيبحث عن رقم هاتفها مع أصدقاء مشتركين لهما، فقد انقطعت علاقته بها بعد أن تزوجت محاميها الفرنسي!
عندما سألت المخرج المسرحي فوزي بولحية الذي كان في استقبالي في مطار الجزائر قال إنه يعرف أنها مازالت في الجزائر ولكن لا يعرف طريقة للوصول إليها، وأضاف ساخرا: هل تعرف أن السفارة الفرنسية في الجزائر خصصت مكتبا خاصا لمنح التأشيرات للمناضلين القدامي حتي لا يضطروا للانتظار، كما أنهم يعالجون علي نفقتها الخاصة أيضا!
كل الخيوط تدل علي أن الوصول إلي جميلة التي ألهمت عشرات من الشعراء العرب وكتبوا عنها قصائدهم مستحيل.
في مبني الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة التقيت صدفة الفنانة التشكيلية (صليحة خليفي) سألتها هل من وسيلة للوصول إلي جميلة ...قالت: ماجدة الصباحي كانت هنا في الجزائر قبل أيام ، كرمت وحصلت علي أرفع الأوسمة ولم تظهر جميلة في الحفل... وأضافت أنها تعرف حورية، ابنه جميلة، مهندسة معمارية لديها مؤسسة حورية للفن المعماري، وأنها تشرف علي ترميم مباني مدينة القصبة الشهيرة، بعد اتصال بأحد أصدقائها، كان لدي رقم المكتب الخاص بحورية.
موظفو المكتب قالوا أنها ليست هنا الآن، وساعدتني لهجتي المصرية، وطريقتي في الحديث التي أوحت بأن الأمر جد خطير وهام، في الحصول علي رقم الموبايل الخاص بها.
جاء صوت حورية، لم تكن العربية تصلح كوسيلة للتواصل بيننا، تحدثنا بالإنجليزية: والدتي مريضة في إحدي المستشفيات الباريسية وسوف تجري خلال الأيام القادمة عملية جراحية.
قلت: يمكننا أن نلتقي نحن، يمكن أن يكون الحوار عن ابنه مناضلة تتحدث عن والدتها، ويمكن أن أحصل علي بعض الصور الخاصة بها.
قالت: أنا في مارسليا الآن، سأعود بعد أسبوع، ويمكن أن نلتقي بعد عودتي.
للأسف سأكون وقتها في القاهرة.. إذن نلتقي في رحلة قادمة!
تقول الحكايات المتناثرة هنا وهناك، أن قصة حب عنيفة جمعت بين جميلة وبين محاميها الفرنسي جاك فيرجيس، توجا هذا الحب بالزواج، وظل سويا حتي عام 70 قرر فيرجيس الذي كان أيضا محاميا لمنظمة التحرير الفلسطينية أن يترك الجزائر ليختفي ثماني سنوات لا يعرف أحد عنه شيئا، قيل أنه رحل إلي سوريا ليعمل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقيل أنه كان في الكونغو، وفي هذه السنوات انفصل عن جميلة ، وظهر مؤخرا في هيئة الدفاع عن صدام حسين !
هذه العلاقة كانت سببا أساسيا في تهميش جميلة بوحيرد 'وليس بوحريد لما اشتهرت في مصر' من الحياة الجزائرية، إذ كيف تتزوج المناضلة من رجل يحمل جنسية مستعمرها حتي وإن كان ضد هذا الاستعمار،ورفضه وناضل من أجل أن يرحل!
سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين ..
موضوع: جميلة بوحيرد! 
الثلاثاء أبريل 07, 2009 6:56 pm
