علي سليمان الصومعي يقدم دراسة نقدية لقصيدة ((حنان)) للشاعر اسعد الروابة
كتبهااسعد الروابة ، في 18 آذار 2008 الساعة: 14:33 م
دراسة نقدية
حول قصيدة شاعر الشام اسعد الروابة
(حنان)
حنان ما بين الحقيقة والخيال
ـ تحية لك على هذا الإبداع المتجدد وان دلَّ على شيء إنما يدل على معايشتك لواقع وهموم مجتمعك، فهذا ليس غريب على شاعر مبدع ، حاصل على إجازة في الفلسفة قادر على الدخول لقلوب الآخرين والقيام بمساعدتهم.
ـ فتستهل قصيدتك، بدعوة صديقك لسماعك فهذه عادة كل العاشقين حيث لا يجد العاشق المحب شخص يحفظ أسراره ويقدم له النصح إلا الصديق فيقول:
تعال اقعد وافضفض لك عشق وسط الحشا وهوجاس
صديقي واســـمع آمالي والامي وتأملها
اتبع شاعرنا أسلوب التشويق ليأخذنا معه في أحداث واقعية بعيدة عن الخيال ربما عاشها أي شخص.
ويتابع:
ابوصفلك حنان بقـــدها الممشوق والمياس
وابرســــم لك ملامحها وعليك انت تتخيلها
عليها خدود وش بيض الحمام ابيض من القرطاس
عليها اعيون واهــداب وقـوام الله مكملها
ـ ما جاء به الروابه ما هو إلا صف حالة العاشق الذي وجد من يسمع له … فراح يصف محبوبته … متجاهلاً ما فيها من عيوب … صورة شعرية رائعة … وكأن شاعرنا رسام يجيد فنون اختيار الألوان ومزجها فهو استطاع بريشته ان يصور لنا في هذه الأبيات ملاك قد زار الأرض لفترة وجيزة وغادر.
ـ فها هو يدعونا للتخيل… وما علينا سوى أن نغمض الأعين فيردد:
تخيل يوم تضحك لي وتسلهم لي غنج ونعاس
ومع الضحكة تعض شفاهها وتنثر جدايلها
توقفت عند هذا البيت طويلا لان الشاعر بحنكته وفلسفته العالية ومشاعره الرقيقة وأسلوبه المشوق وتناسق الأحداث في أبياته من ضحكة الحبيبة إلى دلالها الزائد إلى عضة شفاهها إلى نثرة جدائلها تتابع في غاية الجمال والبساطة وهو من نوع السهل الممتنع الذي لا يستطيع أي شاعر الغوص به والذي من خلاله استطاع بمقدرته التامة والمتعددة ودرايته أن يعيد إلينا ذكريات الحب العذري الذي ربما غاب عنا هذه الأيام فيعيد إلينا أمجاد جميل بثينة ومجنون ليلى، وفعلاً نحن نتخيل معك يا شاعرنا الجميل .
ـ فيتابع:
تحبيني تقول بكثر ما بالارض رمل وناس
واحلفها من الفرحه وانرفزها وامللها
هذه عادة شاعرنا في إيجاد أساليب شيقة تجعل القارئ دائم التفكير فهو يدخلنا في أسئلته المستحيلة الإجابة ويعيد لأذهاننا المستحيلات الثلاث فهو في هذا البيت ومن خلال سؤاله عن كمية الحب الذي تكنه محبوبته له نجده يساوي عدد سكان الأرض مضافاً إليه عدد الرمال الموجودة في الكرة الأرضية، دليلاً على ابتداع ما يشد انتباه القارئ الذي لا ينقصه شيء لفهم الظواهر الشعرية الموجودة في النص على كافة مستوياتها فالمستوى اللفظي جيد وموسيقي ، وهذا ما يبرهن على المقدرة الشعرية والخيال الخصب الذي يتمتع بها شاعرنا.
ـ ويأخذنا إلى عالمه الجميل من جديد فيقول:
تهب عطور من مفرق شعرها عذبة الانفاس
مثل عطر المطـــر لا عانق التربة وبللها
وكأني في هذه اللحظة أتمنى ان تمطر السماء لأشم رائحة الأرض دليل جديد على أحاسيس شاعرنا المفعمة بالعطور والحيوية وكيف هي معانقة الغيث للأرض بعد طول غياب؟
وكأني أرى الأرض تمد يداها للعناق وقطرات المطر تركض مسرعة نحوها.
هذا هو التناسق الصادق البعيد عن المبالغة.
ـ ويعود إلينا:
اهني الريح لاهبت لراضيها واهني الناس
واهني هالجبال اللي قريبة مــن منازلها
من الطبيعي ان يعيش القارئ نقلة طبيعية بعيدة عن الغموض في هذا النص مبتعداً عن التقليد وبنفس الوقت الخوض في الحداثة التي يقصد بها هنا عدم الحاجة إلى الوضوح كون النص واضح وليس بحاجة لتفسير
وأنا أهنئك يا شاعرنا الروابة على هذا الإبداع المتجدد، أهنئك لانك استطعت بذكائك وبثقافتك وبساطة ابياتك أن تشد الناقد ليكتب وتشد القارئ ليقرأ ليعيش الفكرة وان يقف طويلا مردد ابياتك…
شكراً لك وشكراً للشعر.
الناقد علي سليمان الصومعي
سوريا ـ الرقة