صرخ " هاني " ابن الرابعة من فوق سريره في ـ جدته ـ " ستّه" "ست النور" يطلب منها أن تأتي لتحكي له حكاية قبل النوم. فأتت الجدة مسرعة، وقالت له: ليه تصرخ يا هبيبي .. وضمته إليها وأضافت: يا هبيبي سأحكي لك الحكاية. اسمع:
ذهبت أم وفاء إلى بيت الجيران، وكانت وفاء وعمرها ثمان سنوات تخرج من شقتهم إلى شقة الجيران ومن شقة الجيران إلى شقتهم المقابلة لها، وفي إحدى المرات خرجت من شقة الجيران لتدخل شقتهم وما إن فتحت الباب حتى واجهت أمامها رجلاً عملاقاً لونه أبيض كالثلج، فتصببت عرقاً خوفاً منه، وأخذت تصرخ الرجل الأبيض سيأكلني.. الرجل الأبيض سيأكلني.. ثم عادت من أمام الباب واتجهت صوب بيت الجيران، وما إن فتحت الباب حتى رأت ذلك الرجل أمامها فصرخت بأعلى صوتها.. الرجل الأبيض سيأكلني.. وعادت مرة أخرى إلى الشارع هرباً من ذلك الرجل..
فخرجت أمها بعد أن سمعت صراخها وأدخلتها معها في شقة الجيران.. وسألتها أمها:
ـ لماذا تقولين الرجل الأبيض سيأكلني؟
قالت وفاء:
ـ لقد رأيته كان يقف عند باب الجيران، ثم ذهبت إلى بيتنا فوقف أمامي في المدخل.
ـ ولكن لا يوجد رجل أبيض.. لقد دخلت معك ولم يقف أحد في طريقنا.
ـ لا. لقد رأيته وأنا متأكدة من ذلك!
ـ هيا يا حبيبتي اذهبي والعبي ولا تخافي لا شيء هناك.
وخرجت وفاء ولم تجد رجل الثلج في طريقها، ثم عاودت لعبتها مرة أخرى، وأخذت تخرج من شقة الجيران لتفتح باب شقتهم وتدخل فيها، وكررت هذا العمل مرات كثيرة. وكما حدث في المرة الأولى بعد هذا التكرار في الدخول والخروج.. ظهر لها الرجل الأبيض.. ولكن ما إن أرادت أن تصرخ حتى أمسكها ورفعها حتى وصلت إلى مستوى وجهه ثم ضحك وقال لها:
ـ لا تخافي ياصغيرتي.
ولكنها كانت خائفة، ومن شدة خوفها لم تستطع الصراخ.
ثم أضاف:
ـ اسمعي.. يدعونني أمير الثلج.. ولكنك آذيتيني كثيراً، فأنا لا أطيق الحر، وكلما فتحت الباب جاني الحر فأشعر أنني سأموت، وهكذا في كل مرة تقومين بفتح الباب واغلاقه أشعر بذلك.. ولهذا عليك أن لا تفعلي ذلك حتى لا أموت.
قالت بعد أن هدأت واطمأنت:
ـ ولكنك لم تمت.. وأنت تكلمني ألآن.
قال لها:
ـ لم أمت.. ولكن إن استمريت أنت تنتقلين من جو حار إلى بارد ومن بارد إلى حار قد تمرضين وتتعبين وتموتين أنت.. ولهذا أنا أنصحك ألا تفعلي ذلك مرة أخرى.
قالت:
ـ إنك تخدعني كي لا أستمر في اللعب.
قال أمير الثلج:
ـ اسمعي ياصغيرتي.. أنا أخرج من هواء التكييف.. وأنا شديد البروده.. وكما ترين شكلي أنا مثل الثلج. وأنت تأتين من الخارج وهو حار وتدخلين الشقة والمكيف يأتي بالبروده.. والحار والبارد لا يجتمعان معاً.. وإذا اجتمعا يسببان المرض.
قالت:
ـ إنك تضحك علي ولن أسمع كلامك.
قال أمير الثلج:
ـ سأعطيك تجربة تجربينها.. اذهبي عند ماما واشربي شاياً حاراً ثم اشربي بعدها ماء بارداً وسترين أنك تشعرين بألم في اسنانك.
قالت:
ـ لقد جربت ذلك وهو صحيح ويؤلم الأسنان.
قال أمير الثلج
ـ إنك ذكية.. وعليك أن تعلمي أن الجسد أيضاً مثل الأسنان إن اصطدم بهواء حار ثم بارد فإنه يمرض ويصبح يؤلم.. هل فهمت؟
قالت وفاء:
ـ نعم. فهمت.
قال أمير الثلج:
ـ وماذا ستفعلين الآن.
قالت:
ـ لن أخرج من جو بارد إلى جو حار.. ولن ألعب لعبتي هذه إلا في جو واحد.
قال أمير الثلج:
ـ يالك من فتاة ذكية.. اذهبي واجلسي مع أمك ولا تلعبي مرة أخرى هذه اللعبة.
فذهبت وفاء إلى أمها ولم تعد تفتح الأبواب وتغلقها، وتخرج من جو الشقة البارد إلى جو " السيب" الممر الحار.. والحمد لله أنها لم تمرض في المرات السابقة.

