ثورات وحركات
ثورات طليطلة بالأندلس.. الأسباب والمعالجة
(في ذكرى اشتعالها: 15 من ربيع الآخر 238هـ)
أحمد تمام
دخل المسلمون شبه الجزيرة الأيبيرية (الأندلس) فاتحين سنة (92هـ=711م)، وأشاعوا فيها الخير والسلام، وعمّروا نواحيها بالسماحة والعدل وأقاموا بها مجدا تليدا وحضارة سامقة، ما تزال آثارها في أشبيلية وغرناطة وقرطبة وطليطلة شاهدة على ما بلغته تلك البلاد تحت حكم المسلمين من رقي وتقدم وغنى وازدهار.
وقبل أن يطأ المسلمون بأقدامهم هذه البلاد كانت طليطلة تعد أهم المدن قاطبة في شبه الجزيرة، فقد كانت حاضرة القوط السياسية، وعرفت بالمدينة الملكية أو مدينة الملوك، ومنها كانوا يغزون عدوهم، وإليها كانت تجتمع جنودهم كما يقول ابن حيان المؤرخ الأندلسي المعروف، وفي الوقت نفسه كانت مقر الكرسي الأسقفي في أيبيريا منذ أن اتخذ الملك القوطي ريكارد الكاثوليكية مذهبا رسميا للقوط سنة 587م.
وكانت طليطلة من أمنع المدن هناك؛ بسبب موقعها على المنحدرات الصخرية العالية الممتدة حتى ضفاف نهر تاجة الذي يحيط بها من الشرق والغرب والجنوب، وبسبب أسوارها العالية وقلاعها الحصينة، وظلت طليطلة أعظم مدن أيبيريا, وأعلاها مكانة حتى الفتح الإسلامي.
ولم يكد المسلمون يحققون انتصارهم في معركة وادي لكة أو معركة شذونة بقيادة طارق زياد سنة (92هـ=711م)، وهو النصر الذي فتح لهم أبواب البلاد، حتى كانت وجهتهم مدينة طليطلة عاصمة البلاد التي تبعد عن أرض المعركة بنحو ستمائة كيلومتر، ولم يمنعهم طول المسافة ولا وعورة الطريق عن إنجاز مهمتهم التاريخية حتى تحقق لهم ما يريدون، وفتحوا طليطلة، وعاملوا أهلها معاملة حسنة ولم يمسوا مقدسات المدينة بأي سوء، وحافظوا على كنائسها وأديرتها، وبدأت صفحة جديدة في تاريخها المجيد.