قضايا التراث الشعبي الذاكرة الجمعية
شهد القرن العشرين اهتماما متزايدا بالتراث الشعبي أو ما يسمى بالفلكلور فنشط الجامعيون والمهتمون في تسجيل كل مظاهر المأثورات الشعبية في بلدانهم ، فظهرت المؤلفات والدوريات والمعاهد المهتمة به.
وفي خضم هدا التحرك العالمي ، اهتمت اللجنة الثقافية لجامعة الدول العربية في دورتها المنعقدة بالقاهرة سنة 1967بالتراث العربي ومن ضمنه المأثور الشعبي.
فأوصت الحكومات العربية بضرورة الإسراع في جمع وتسجيل كافة عناصر الفلكلور وإنشاء المتاحف العامة والخاصة التي تهدف إلى جمع وحفظ ودراسة الفنون الشعبية بكافة أنواعها وأشكالها.
فما الفلكلور وماهي خصائصه وفوائده ؟يجمع معظم المهتمين بهدا المجال على أن ح طوس أول من صاغ مصطلح فلكلور وهو دو شقين :
فولك – شعبي
لور – مأثور
لهدا فإن تعريف هدا المصطلح يستلزم تعريف شقيه.
و*مأثور *كلمة في صيغة اسم المفعول مأخوذة من فعل –أثر- التي تفيد الشيوع والانتشار بين الناس كقولنا : -الأحاديث المأثورة – أي الأحاديث التي وصلتنا عن طريق الرواية الشفاهة وكقولنا مآثر العرب أي مفاخرهم ومكارمهم التي تروى عنهم ويتحدث بها الناس خلف عن سلف.
أما الشعب التي جاءت كنسبة فهي تعني مجموعة من الناس تربط بينهم روابط دينية أو قومية أو لغوية....تجمعهم كوحدة اجتماعية لها معينة وطابع خاص.
وبدلك يكون المصطلح بمعنى تلك الفنون القولية والحركية والعادات والتقاليد والسلوكات والطقوس من إشعار ،ملاحم ،سير ،قصص ...خرافات ....نكت....احاجي ،امثال ...نوادر الغاز ..رقصات...أغاني ...بكائيات ...ايماءات وأزياء وغيرها التي تتوارثها الأجيال عن طريق المشافهة والمحاكاة خلفا عن سلف .
ولكي تدخل هده الفنون والألوان مجال الفلكلور ، يرى معظم المهتمين أنه لابد لها من الميزات الآتية:
1-الشيوع و التفشي : لكي يصنف أي عمل ضمن ميدان المأثور الشعبي، لا بد أن يشيع ويتداول بين أكبر عدد ممكن من أفراد الشعب .
2-إغفال اسم المؤلف: المأثور ات الشعبية ، ملك الجميع ،ملك الشعب ، فنحن نردد نوادر وامثال وأقوال مند أمد طويل دون معرفة أصحابها.
3- الاعتماد على اللغة الدارجة :بما أن هده المأثورات هي ملك الشعب ومن اختراعه فلابد أن تكون شعبية اللغة أي اللغة التي يتكلمها ويفهمهما معظم أفراد الشعب : أميين ، متعلمين وهدا ما نسميه اللغة الدارجة .
4- المحافظة والأصالة :رغم ما ينتج عن الرواية الشفاهية من اختلاف النصوص في السرد والأبطال نتيجة الحدف والزيادة والإستبدال – نسيانا أو رغبة... فالأدب الشعبي دائم التجديد والتشكيل – ومع دالك ومهما يحتويه من هدا القبيل فانه يحتفظ دائما بصفاته الأصلية والأولية.
5- الإعتماد على الصيغ الثابتة في المقدمات والنهايات:
المأثورات الشعبية القولية مثلا تزخر بالصنعة اللفظية والقوالب الثابتة والأنماط التعبيرية الجاهزة كالأحاجي عندنا نحن الجزائريين مثلا تبدأ دائما :
حاجيتكم وماجيتكم كان واحد النهار ..
وتنتهي دائما بهده العبارة .
......حجايتي مشت مع الواد الواد وأنا مشيت مع الأجواد.
عن التراث الشعبي :
لا شك أن المأثور الشعبي والتراث معا لأن هناك فرق بين المصطلحين جزء حياة الأمة يجسد عاداتها وتقاليدها .ويعطي عنوان وجودها لأنه فنيات تنبع من روح الشعب فتتعهدها الأجيال بالإقبال والتهذيب وأنه عينات وأثار للدارسين في مختلف تخصصاتهم .فعلماء اللغة يفسح لهم المجال واسعا لدراسة التطور اللغوي عند الشعوب وتاريخ اللهجات وما بينها من اختلاف وإتلاف وأصالة وزيف ، عن طريق ما يجمعونه من فنون القول عند هده الشعوب أما علماء النفس فيتخدون من الخرافات والأساطير والطقوس أحلاما للشعوب يدرسون من خلالها سماتها النفسية العقلية والإجتماعية ...وهي مصدر هام لعلماءالتاريخ والإجتماع لدراسة تطور ومظاهر وخصائص المجتمعات خاصة البدائية منها لإفتقارها لأثار المدونة .
ومع دلك فهناك تساؤلات ومحادير لابد من أثارتها – لأنها مثارة بالفعل اطرحها هنا على صفحات المنتدى للقراء والمهتمين :
1- هل هده الدعوة للإهتمام بالتراث الشعبي خالية من المكر والنصاب ؟
فالحقيقة التاريخية تثبت أن الدعوة لإحياء التراث لم تكن دائما لصالح الإنسانية بقدر ما كانت خلفها مرام سياسية وايديولوجية.
انظر تاريخ النازية والفاشية.
من هنا وجب الحدر من التعامل مع التراث ...لأنن كما يقول لويس عوض:
2- في مصر بالذات ، أن لم يكن في العالم العربي كله .حدث ولا تزال تحدث أخطاء في فهمنا لمعنى القومية والثقافة الشعبية فاختلطت معاني القومية بالمحلية واختلطت معاني الشعبية بالشوفينية...وكل هدا راجع لإحتلال المقاييس ،ولعدم قدرتنا دائما أن نخرج من دواتنا وندرس الذات دراستنا للموضوع .
3- ادا كان من خصائص المأثورات الشعبية الشيوع والتفشي فما هو مدى وحجم هدا التفشي؟
وهل ما يجري من أمثال وفنون الرقص والغناء مثلا في أي جهة من القطر العربي الواحد . يعد فنا شعبيا رغم انحصار ه في تلك المنطقة ،هدا عن القطر العربي الواحد ،فما بالك بالوطن العربي ككل؟.
4- هل صحيح أن الخاصتين الثالثة والرابعة –انظر سابقا- تنطبقان على كل الفنون الشعبية ،أليس أصل الأمثال الشعبية والقصص فرديا وألا يوجد مأثور ات شعبية بلغة فصيحة ؟
5- هل الأغناء بالمأثورات الشعبية لا يعني ترسميها وتسييسها وهدا يخرجها عن دائرتها؟.
تساؤلات لابد من الخوض في تجليتها وهي دعوة للقراء والمهتمين.