مطربة الملحون المغربية ثريا الحضراوي: لم أغن في أي بلد عربي
تصدر ألبوما جديدا بعنوان «انصرافات أندلسية»
لطيفة العروسني
اصدرت ثريا الحضراوي مطربة الملحون المغربية اخيرا، البوما جديدا ضمن سلسلة من الالبومات التي دأبت على اصدارها بانتظام، منذ دخولها ميدان الموسيقي التراثية الرحب عام 1991، لتضفي لمسة خاصة على عالم فني كان مقتصرا على الرجال.
الالبوم الجديد للحضراوي يحمل عنوان «انصرافات اندلسية»، والانصراف كما قالت في حوار لـ«الشرق الأوسط» هو آخر واسرع حركة في ميزان النوبة الاندلسية. وعن تفاصيل اخرى بشأن علاقتها بفني الملحون والاندلسي كان معها الحوار التالي في الرباط :
> يلاحظ انك ادخلت بعض التغيير على الشكل التقليدي للطرب الاندلسي على مستوى العزف والغناء، ماذا اردت ان تحققي من واء ذلك؟
ـ حاولت ان اشتغل على الموسيقى الاندلسية بشكل جديد خلافا لما هو سائد، فالمعروف في الموسيقى الاندلسية او طرب الآلة ان الجوق يتكون من عدد كبير من العازفين على الة الكمان، اضافة الى ان الغناء يتم بشكل جماعي، اما في البومي الاخير فأغني بشكل فردي برفقة جوق محدود العدد، ولم استعمل الة الكمان بتاتا، بل ركزت على آلة العود والفيولونسيل «الكمان الجهير» والبيانو والايقاع.
فالجديد الذي يحمله الالبوم، هو اني ألبست الطرب الاندلسي لباسا مغايرا لما هو مالوف، عبر ابراز قيمة الصوت والشعر واللحن والتنغيمات الاندلسية.
> هل كان اختيارك لغناء هذا اللون التراثي بدافع اقتحام عالم موسيقي خاص بالرجال، ام لأسباب ذاتية وفنية محضة؟
ـ عندما قررت غناء الملحون، لم يكن الدافع اقتحام عالم خاص بالرجال، لأني لا افكر بمنطق الانثى والذكر. فمنذ الطفولة وانا احلم بالغناء بل ان اول ما اكتشفته بداخلي هو صوتي، الا اني كنت ارفض الغناء لمجرد ان اصبح مغنية، بل كنت ابحث عن التميز وإيصال رسالة وصورة عن عالم جميل يعبر عن مشاعري الداخلية، وهذا ما وجدته في الملحون عند اول لقاء تم بيني وبين احد شيوخ طرب الملحون بالمعهد الموسيقي بالدار البيضاء عام 1988، وعندما قرأت للمرة الاولى قصائد الملحون اخترقتني كلماته العميقة وأنغامه الجميلة جدا، وتطلب مني دخول هذا المجال سنوات من الاشتغال والبحث من منطلق حبي لهذا الفن. > وهل الملحون هو الذي قادك الى الغناء الاندلسي؟
ـ الملحون محطة مهمة جدا في حياتي، عن طريقه اكتشفت التراث المغربي والعربي، وهو الذي صالحني مع ماض انساني وابداعي كنت اجهله، ودفعني الى اكتشاف اشياء جديدة من حولي، من بينها الغناء الصوفي المغربي، حيث اصدرت عام 1998البوما بعنوان «قهوة المعاني نماذج من الغناء الصوفي المغربي»، واشتغالي على الغناء الصوفي ادى بي الى اكتشاف الطرب الاندلسي فأصدرت البوم «اندلسيات» عام 2001، كما لدي مشاريع اخرى في اطار الاشتغال على التراث الغنائي المغربي سأعلن عنها مستقبلا.
> كيف تتعاملين مع الجرأة التي يتميز بها شعر الملحون في مجال الغزل؟
ـ عندما اغني قصائد الملحون، فانا ابلغ صوت الشاعر الذي كتبها، وإذا كانت بعض هذه القصائد تتغزل بجمال المرأة ومفاتن الجسد، فهي موضوعة في قالب فني جميل بعيد عن الميوعة والابتذال، ويشرفني ان اغنيها لأنها جميلة جدا.
> يلاحظ ان حضورك التلفزيوني قد تراجع، هل يعود ذلك الى منافسة الاصوات الجديدة التي التحقت بهذا المجال، ام لأسباب اخرى؟
ـ دخول اصوات جديدة الى مجال غناء طرب الملحون امر ايجابي، وإثراء لهذا النمط الفني التراثي المغربي، اما فيما يخص اسباب غيابي عن شاشة التلفزيون المغربي، فانا اجهلها، وهو سؤال يجب ان يوجه الى المسؤولين عن هذه القنوات، فانا مواظبة على اصدار البوم جديد كل عامين، منذ 1991 الى الآن، وبالموازاة مع ذالك احيي سهرات غنائية منتظمة في المغرب، وفي أوروبا وفي مسارح كبيرة في العالم، يواكبها اهتمام الصحافة المكتوبة. > لكن ألا ترين ان دور التلفزيون اقوى للترويج للاعمال الفنية؟
ـ بكل تأكيد، لكن انا لم ادخل هذا المجال للبحث عن الشهرة والكسب المادي، بل دخلت من باب التعريف اكثر بهذا التراث الموسيقي الغني الذي اصبح يشكل بالنسبة لي نمط حياة وطريقة وعي وتفكير، وبصراحة افضل تكريس وقتي للابداع، لأنه لا وقت لدي للتفكير في هذا الموضوع، على الاقل في الوقت الحالي.
> هل سبق لك تقديم حفلات في العالم العربي؟ ـ غنيت في العالم كله ولم اغن في بلد عربي واحد، لأنه ليس هناك اهتمام بمجال التراث في بلدان المغرب العربي ولا في العالم العربي ككل، نظرا لغياب بنيات ومؤسسات مستقلة تهتم بترويج التراث والثقافات المختلفة بين البلدان العربية، وللاسف هذا النوع من المبادرات يأتي من دول اجنبية فقط.