عبيد بن الابرص
مناسبة القصيدة : أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلْحوبُ
على الرغم من هزال هذه القصيدة واضطرابها من الناحية الفنية، فإنها تعتبر من أشهر قصائد عبيد بن الأبرص، ذلك أن المنذر قد طلب إلى الشاعر أن يلقيها في حضرته. وقد أوردها التبريزي ضمن مجموعة (القصائد العشر). بدأها عبيدُ بذكر المنازل المقفرة وتقلّب صروف الزمان عليها، ثم انتقل إلى الحديث عن سنّة الحياة في تحوّل كل شيء، ونهاية الإنسان إلى الموت، ويستطرد في بقية القصيدة، أي في ثلاثة أرباعها، إلى وصف سفره بالنّاقة، ثم إلى وصف فرسه.
وأجمل ما في القصيدة هو المقطع الأخير الذي وصف به المعركة التي جرت بين العقاب والثعلب وانتصارها عليه. وهو وصف يكاد ينسينا جفاف المطلع واتشاحه بالألوان القاتمة. وقد ذكرها ابن سيده مثلاً على "الشعر المهزول غير المؤتلف البناء". وقال ابن كناية "ولم أر أحداً ينشد هذه القصيدة على إقامة العروض. "وقيل أيضاً: "كادت ألا تكون شعراً". وكل هذا لم يمنع من شهرة القصيدة.
اعتمدنا في ذلك على: مطاع صفدي وإيليا حاوي، موسوعة الشعر العربي: الشعر الجاهلي، إشراف د. خليل حاوي، تحقيق وتصحيح أحمد قدامة، بيروت: شركة خياط، 1974، جـ2، ص582.
المعلقة : أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلْحوبُ
القافية : باء
أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلْحوبُ فَالقُطَبِيّاتُ، فَالذَنوبُ
فَراكِسٌ، فَثُعَيلِباتٌ، فَذاتُ فِرقَينِ، فَالقَليبُ
فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ
إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشاً وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ
أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ، وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ
إِمّا قَتيلاً، وَإِمّا هالِكاً، وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ
عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ كَأَنَّ شانَيهِما شَعيبُ
واهِيَةٌ، أَو مَعينٌ مُمعِنٌ أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ
أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ لِلماءِ مِن بينهِ سكوبُ
أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ لِلماءِ مِن تَحتِهِ قسيب
تَصبو فَأَنّى لَكَ التَصابي؟ أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ؟
إِن تَكُ حالاً وحُوِّلَ أَهلُها فَلا بَديءٌ، وَلا عَجيبُ
أَو يَكُ قَد أَقفَرَ مِنها جَوُّها وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ
فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ
وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ