لست عصي الدمع

أديب وكاتب اسم الدولة : مصر

هناكَ دائماً تعابير تلتصق بنا وتُزعجنا ونفعل المستحيل لكي نتخلص منها

أما عندما نقطع مرحلة العمر الأولي ونصل إلي بر النضج

فإن تلك الصفات تتوقف عن إقلاق حياتنا إذ نتصالح معها ونقبل بها وكأنها جزء متمم للشخصية

حدث لي أن تصالحت مع حقائق كثيرة وأكبر دليل علي هذه المصالحة أنني

بت أطلق عليها ( حقائق ) بعد أن كنت أعتبرها مجرد أوهام وتخيلات يلصقها الأخرون بي

أنا اليوم أعترف بأنني متسرع لا أمتلك نعمة الصبر وبأنني أحمل ثقة مطلقة بأي كائن كان

وبأن هذه الثقة العمياء التي لا تستند إلي أسس ملموسة كثيراً ما توقعني في مطبات مزعجة

لكن هناك صفة لا تزال تحز في نفسي وأرفض أن أتقبلها حتي ولو كانت صحيحة في بعض جوانبها

يقول أصدقائي وأهلي ومعظم زملائي أنني رجل حساس بل مفرط الحساسية

وأنا أعتبر أن هذه صفة أنثوية نحبها عند النساء وننفر منها لدي الرجال

لا أدري لماذا إرتبطت صفة الحساسية عندي بشئ من نقص في الصلابة العاطفية المفترضة لدي الرجال

إن الرجل لا ينهار حزناً ولا ينفطر قلبه إشفاقاً علي مشهد طفل يبكي ولا تهزه النوائب ولا يحنو علي قطة ولا تسيل له دمعة لأن دموع الرجال من حديد مثل

عضلاتهم 00مثل قلوبهم00 مثل شواربهم

أحيانا كنت أشعر بأن الحساسية في المشاعر صفة عظيمة ذلك عندما ألمس مدي تقدير النساء لها

لقد عرفت إمرأة أحبتني لأنني حسبما قالت لي كنت أشعر بما تشعر وأتعاطف مع مشكلاتها ولا أسخر من ضعفها

كانت تردد لم اعرف رجلاً حساساً مثلك وكانت هذه العباره تثير سعادتي من جهة وغضبي من جهة أخري

فأنا أكره القلوب المتحجرة لكن تربيتي علمتني أن الرجل المقدام والجدير بالإحترام هو صاحب القلب الذي قد من صخر

اشعر بالحنق من حساسيتي لأنها تفضحني أحيانا إذ تدفع بالدمعة الي عيني وكم ينتابني الفرح

عندما أري أحد الملوك أو الزعماء يكابر لكي لا تسيل دمعته وهو يلقي خطبة علنية في موقف مهيب

أقول في نفسي أن من الجميل ألا تكون دموع الرجال سهلة لكن من غير المنطقي ان تكون عصية

لست عصي الدمع ولا الصبر شيمتي وللهوي نهي علي أمر 00000 بل أوامر

والهوي قد يكون من وحي إمرأة وقد يكون من وحي الأوطان

لقد بكيت وأنا أتابع جنازة الشهيد الشيخ أحمد ياسين

وبكيت وأنا اري طفلاً عراقياً يخلع قميصه المهلهل ويتصدي لدبابة محتلة بصدره العاري الذي هو قفص عظام صدري يكاد يخلو من اللحم

وبكيت وأنا أري جثث شبان مغاربه قذف بها البحر علي الشواطئ الإسبانية بعد أن حاولوا هجرة سرية الي ما كانوا يتصورونه النعيم الأوربي

وعندما أُطالع مذكرات الساسة والزعماء وأنا بالمناسبة عاشقٌ كبير لهذا النوع من الكتب

فإنني كثيراً ما أتوقف عند عباره يقول فيها الكاتب إن الموقف الفلاني دفع بالعبرة الي مافيه

وأنها كانت من المرات النادره التي بكي فيها

أقرا تلك المقاطع وأعيد وأكرر وأشعر بالكثير من الرضا

وما زلت اذكر كيف اختنق صوت الرئيس جمال عبد الناصر وهو يلقي خطاب التنحي بعد نكبة يوليو

تحب الرجل أو لا تحب هذه قضية وأن تراه يبكي فتلك قضيه أخري

وأنا لا أحب أن أري دموع البشر رجالاً كانوا أو نساء تسيل علي مدار الساعات

لكنني لا أسخر من واحدٍ من البشر يبكي حتي لو جاد بالدمع أمام فيلم تافه من الأفلام الميلودرامية

حاولت كثيراً وجربت أكثر من مرة ان أدير ظهري لهموم الاخرين وأن أهرب من ماّسي نشرات الأخبار لكنني فشلت

أردت أن أنزع عن جلدي صفة (حساس ) ولم أتمكن لأن الرفاهه شئ من عند الله سبحانه وتعالي وأسمحوا

لي أن أمتدح نفسي وأصفها بالرفاهة لأن هذا اللفظ أكثر لطفاً من

الحساسية

ما اجمل مشاعرك وحساسيتك .. صدقت انك لست عصي الدمع

اهلا بك وبعودتك هنا معنا استاذي الفاضل

وان تنثرنا بجميلك من السرد

موقعي في الحوار المتمدن - عربي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

موقعي في تويتر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

موقعي في الحوار المتمدن - إنجليزي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

مدونة موسوعة شارع المتنبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

أديب وكاتب اسم الدولة : مصر

أستاذة Fatiشكراً لتعليقك الراقي

والشرف لي بتواجدي بينكم

شكراً من القلب